على مدار الساعة

حكايات الاغتراب حلقة جديدة

5 يوليو, 2017 - 16:45
 الب معلوم

مهما امتحت لكم من معين حكايات الاغتراب في إفريقيا فلن ينقص ذلك منها شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا أغمس في البحر فنهرها العذب متدفق أبدا بالعطاء والمآثر الحميدة والحكايات الملهمة بالكفاح والنجاح.. شاهدت في أسواق القارة السمراء فتية وشبابا بعضهم حديث عهد بالبداوة لا يعرفون كثيرا عن المدنية ولا يتكلمون لغات الأمم الأفريقية ومع ذلك لم يمض إلا قليل من الوقت حتى تكيفوا تماما مع الأوضاع وأتقنوا لغات القوم واعتلوا منصات المنافسة بكل جدارة واستحقاق وذاع صيتهم في مراكز النفوذ..

 

إن حكاية دخول الجاليات الموريتانية إلى بعض الأسواق الأفريقية ونجاحهم السريع في عالم المال والأعمال حكاية عجيبة تستحق أن تروى سواء أنها شكلت مفاجأة صاعقة لتجار كثيرين من جميع القارات سبقوا للميدان فما كان من بعضهم إلا أن شغله متابعة هذا الصعود العجيب فسحب من تحته البساط وانتهى أمره إلى السقوط وآخرون بادروا إلى التعاون والشراكة أحيانا.

 

أولا: لأنها تمت بواسطة قدر لا مثيل له من التعاون واستغلال كل الجهود الذاتية بين أفراد الجاليات وهذا هو ما يهمنا الآن.

 

الحقيقة أن التعاون حالة رائعة بلغت غاية المدى لدى المغتربين من أبناء جاليتنا في إفريقيا وهذا ما بوأهم مكانة مرموقة في القارة فبمجرد أن يصل المواطن الموريتاني للمطار يكفى مؤونة كل ما يحتاجه من أكل وشرب ومسكن مجانا بلا منة من أحد وما يكاد ينهي ثلاثة أيام بعد قدومه حتى يتسلم وثيقة إقامة في البلد أو ما يمكنه من حرية المرور في الشوارع والأسواق بطرق تختلف من بلد لأخر..

 

بعد ذلك تأتي مرحلة البحث عن فرصة عمل وتوفير التكوين المناسب كل ذلك دون تمييز فقد درجت التقاليد والأعراف أن هذا حق لكل أبناء الجالية بغض النظر عن اللون والجهة أو القبيلة. وبعد ذلك تبدأ عملية التنافس في المهارات وعلو الهمة والمثابرة والجد التي يواكبها إعارة السيولة وتوفير البضائع والعمل تحت مظلة شركات رجال الأعمال وكلما كان الشخص ملتزما ومنسجما وأمينا كان حظه من التعاون أكبر حتى يتخطى قنطرة النجاح بينما ينظر الجميع بازدراء لكل منحرف أو كسول وهذا ما أسهم في تقليل نسبة الفاشلين والمنحرفين في صفوف هذه الجاليات.

 

ما أجمل التعاون وما أعظم شأنه ولولا التعاون لكنا نزلاء السجون بسبب الانحراف أو عبيدا في بيوت الأفارقة أو مستخدمين لدى التجار الأجانب في أحسن الأحوال.

 

وإلى حكاية أخرى إن شاء الله.