على مدار الساعة

فاغنر الروسية ودورها في نزوح المزيد من اللاجئين الماليين إلى موريتانيا

28 يونيو, 2022 - 22:59
ترجمة المصطفى ولد محمد ولد البو - كاتب صحفي ومترجم

نقلا عن الجزيرة الإنجليزية

 

كان الماليون يفرون إلى موريتانيا القريبة هربا من قطاع الطرق والجماعات المسلحة والجيش، واليوم يفرون هربا من العملاء الروس.

 

وأتى اليوم الذي لم يعد فيه آغ قادرا على التحمل أكثر

 

سمع هو وجيرانه في تمبكتو في شمال مالي قصص ناجين مروا عبر بلدتهم، تحدثوا عن جنود بيض يُعتقد أنهم روس كانوا يأتون إلى الأسواق في البلدات المجاورة مع الجيش المالي، ينهبون المتاجر ويهاجمون ويقتلون الناس بشكل عشوائي.

 

بعدها أصيب آغ وأصدقاؤه بالذعر فحزموا أمتعتهم وفروا هاربين، ولم يتوقفوا حتى غادروا البلاد.

 

قال آغ لقناة الجزيرة الإنجليزية في مخيم امبره للاجئين في موريتانيا المجاورة حيث وصل هو وعائلته قبل حوالي شهر بعد وصول الروس إلى المدينة مع الجيش المالي "يأخذون كل ما يجدونه في السوق، في كثير من الأحيان، يهاجمون الأشخاص الذين يحاولون الفرار، إذا حاولت الهرب، فسوف يقتلونك دون التأكد من هويتك".

 

آغ ليس اسمه الحقيقي، ولكنه لقب شائع بين مجموعة الطوارق، وتعني ابن وقد تحملوا انعدام الأمن الذي تسببت فيه الدولة المالية والجماعات المسلحة المختلفة، ومع التقارير عن الهجمات والاعتقالات من قبل الروس، وصلت الأمور بالنسبة لهم إلى نقطة اللاعودة مرة أخرى.

 

تمر مالي بالعام العاشر من الحرب التي بدأت كتمرد انفصالي قبل أن يتحول إلى قتال تقوده الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة والدولة الإسلامية، قبل أن يصل مرتزقة فاغنر المرتبطون بروسيا إلى مالي لدعم الجيش في ديسمبر الماضي حسب ما هو متداول.

 

قال مسؤولو الأمم المتحدة الذين يديرون المخيم إنه منذ نهاية عام 2021، شهدت امبره طفرة سكانية، حيث اقتربت من 78622 شخصا وهو رقم قياسي.

 

تم تسجيل ما يقرب من 7000 وافد جديد في مارس وإبريل وحدهما، وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن العدد الدقيق قد يكون أكبر على الأرجح، حيث يبحث العديد من الماليين عن ملاذ في القرى المجاورة خارج المخيم.

 

اللاجئون الذين تحدثت إليهم الجزيرة هم من منطقة تمبكتو الشمالية ومنطقة سيغو في وسط مالي، وكانت لديهم دوافع مختلفة للعبور إلى موريتانيا، حيث كان البعض يفر من عنف الجماعات المسلحة أو الجيش المالي أو المقاتلين المرتبطين به.

 

لكن العديد من اللاجئين إما برروا نزوحهم بالخوف من تهديد الروس أو قالوا إن الوضع الأمني في مالي مستمر في التدهور منذ عقد من الزمان وقد ازداد خطورة مع وصول الروس.

 

عنصر جديد

يقول عثمان ديالو، الباحث في منظمة العفو الدولية المقيم في داكار: "العديد من الأشخاص الذين قابلناهم تحدثوا عن أن الجيش المالي أكثر وحشية" وأشار إلى أن هذه الوحشية المتزايدة جاءت منذ وصول فاغنر.

 

وأضاف أن هناك عنصرا جديدا يتمثل في انتهاكات الجيش المالي والتي ورغم أنها ليست جديدة، إلا أن مستوى الوحشية ارتفع منذ يناير 2022.

 

ووفقا لوسيم نصر، مؤلف كتاب عن الدولة الإسلامية، والخبير في الحركات الجهادية في قناة France24، فإن نزوح الماليين من وسط البلاد كان بسبب عمليات فاغنر هناك، مضيفا أنه في وقت سابق من هذا العام، كان الروس في تمبكتو موجودين فقط من أجل مهام دعم مثل الميكانيك، لكن في مايو، ذكرت صحيفة الغارديان أن قوات فاغنر شوهدت في تمبكتو وبالقرب من الحدود الموريتانية.

 وقال نصر "الآن عندما يرون رجلا أبيضا، أو عسكريا أبيضا، مع الجيش المالي، فإنهم يشعرون بالذعر لأنهم يعرفون أن انتهاكات لحقوق الإنسان ربما تحدث بنسبة كبيرة".

 

وأضاف "هذا يتماشى مع الكثير من المذابح التي ارتكبت"، في إشارة إلى مذبحة مورا الموثقة في منطقة موبتي، والتي يعتقد أن القوات المالية و فاغنر نفذتها.

 

وأضاف نصر أن الهجمات واسعة النطاق على السكان المدنيين بمثابة برنامج عمل لفاغنر.

 

"إنهم يعتقدون أنهم بهذه الوحشية سيخيفون الإرهابيين، بينما النتيجة أنهم يساعدون الجماعات المسلحة في عمليات التجنيد "

 

مدينة اللاجئين

استضافت هذه الزاوية من جنوب شرق موريتانيا مخيمات اللاجئين الماليين خلال الأزمات السابقة، والآن، أصبح مخيم امبره مجتمعا مستقلا بشكل ما.

 

سمحت الإعانات المالية المقدمة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ببناء مساكن خاصة لسكان المخيم، والتي تمتد الآن على مساحة تزيد عن 9 كيلومتر مربع

 

تبيع النساء في سوق امبره الصاخب، المانجو المالي والأسماك المجففة والأقمشة، وتقدم الشركات ألواح الطاقة الشمسية وقطع الغيار للدراجات النارية.

 

في حين وجد الكثيرون عملا في التجارة المزدهرة في المخيم، سارع آخرون وخاصة المقيمين على المدى الطويل، وبعضهم تخرج من المدرسة الثانوية هناك، سارعوا إلى الشكوى من حصص الأرز والنقود التي بالكاد تكفي خاصة مع ارتفاع معدل البطالة

 

قال محمد ولد النوقطاري، الذي وصل إلى المخيم في عام 2012 وكان يبلغ من العمر حينها 17 عاما ولم يجد عملا ثابتا حتى الآن: نحن نعاني والظروف سيئة

ومع ذلك، فإن العديد من الوافدين الجدد يركزون بشكل أكبر على الضمانات الأمنية الفورية التي يوفرها المخيم مقارنة بحياتهم في مالي.

 

يقول آغ إن المخيم هو أفضل مكان للمدنيين نساء وأطفالا ولا يوجد مكان يمكنهم فيه الراحة أفضل من امبره، هناك سلام يضيف.

 

وسط تدهور العلاقات مع السلطة الانتقالية في مالي، التي وصلت إلى السلطة في عام 2020، تعمل فرنسا على إعادة نشر قواتها، وإعادة تركيز حربها ضد الجماعات الإرهابية في دول الساحل المجاورة، في غضون ذلك، تدخلت قوات فاغنر لسد هذه الفجوة.

 

على الرغم من أن المخيم يقع بين المواقع العسكرية الموريتانية، إلا أنه لا يبعد سوى 40 كيلومترا أو نحو ذلك عن الحدود المالية، ولا يزال لدى معظم اللاجئين أقرباء وعائلات في مالي.

 

قال أحد اللاجئين إن الهجمات السابقة التي شنها الجيش المالي، تبدو الآن عادية مقارنة بالعنف المستمر الذي أجبره في النهاية على الفرار، يضيف أن الناجين اعتادوا على أن يكونوا قادرين على إحصاء الموتى بعد كل مداهمة، لكن بعد وصول فاغنر، لم يعد بإمكانهم ذلك لأن الجثث في كل مكان.

 

وأضاف أن الغارات على القرى في الأشهر الأخيرة نفذها الجيش المالي كلها، ورغم أنه لم ير قوات روسية ترافق الجيش المالي أثناء تنفيذ هذه الهجمات إلا أنه متمسك بفكرة أن تصاعد وتيرة العنف مرتبط بوصول فاغنر.

 

وقال "أمضى بعض اللاجئين في المخيم عقدا من الزمن، لقد تخرجوا من المدرسة الثانوية وتزوجوا وأنجبوا أطفالا، ومفعمون بالأمل، ويعتبر بعضهم موريتانيا وطنهم الجديد.

 

بالنسبة لآغ، حتى مجرد تخيل العودة إلى تمبكتو الآن أمر مستحيل