على مدار الساعة

الوزير الحقيقي للصيد والاقتصاد البحري

25 مايو, 2022 - 00:59
سيدي محمد ولد محمد الشيخ - مهندس وخبير في الشؤون البحرية

يبدو أن الوزير الحقيقي للصيد والاقتصاد البحري الذي استرجع بعد عملية إنقاذ جريئة فرض على أستاذ الفيزياء والخبير المتخصص في الأسماك الصغيرة والاستشاري الرئيسي في كتابة هذه المغالطات قبل أن يقترحه كثالث صديق يعمر كرسي وزير الصيد والاقتصاد البحري أن يتبني مباشرة ودون تردد المحاور الأربعة الشهيرة لاستراتيجيته الجزئية 2020/2024 المستنسخة من مغالطتهما للحصص 2015/2019

 

لهذا جاء الإعلان عن المحاور الأربعة سريعاً وعبر التلفزيون الرسمي ومباشرا، علماً أن البيانين المتتاليين السابقين اللذين مررا في مجلس الوزراء صادقا على التغيير الفوري لهذه الاستراتيجية وتصحيح المغالطات التي أفسدت قطاع الصيد البحري وأرست دعائم الفساد وسوء التسيير والرشوة والفوضى المزمنة ضد تطبيق القوانين والنظم البحرية الوطنية والدولية.

 

تم تمرير البيان الأول في مجلس الوزراء والمصادقة عليه يوم 17 مارس 2021 بعد الإنذار الذي أطلقه السيد والي نواذيبو بشأن ندرة الثروة السمكية في 18 يناير 2021 حيث أظهر هذا البيان الخطوط الرئيسية لأوجه القصور في هذه الاستراتيجية ووضع خطة عمل تتكون من 57 توصية موزعة على المدى القصير والمتوسط والطويل بعد هذا البيان تمت تنحية الوزير للأسف رغم صداقته القديمة بالوزير الحقيقي والذي أشاع أنه هو من أتى به ليحل محله.

 

لم يمر وقت طويل حتى جاء البيان الثاني، بعد 4 أيام من المشاورات الموسعة، تم تمريره أيضا والمصادقة عليه في مجلس الوزراء يوم 8 يوليو 2021، حيث يشير بوضوح إلى أنه بالإضافة إلى نطاق عمل هذه الاستراتيجية المحدود وأوجه القصور في مراعاة جميع مكونات القطاع، يتسم نطاقها الاستراتيجي أيضًا بغياب رؤية لتطوير الجوانب المهمة، المرتبطة بشكل خاص بالأنشطة الأخرى للاقتصاد البحري مثل النقل البحري والخدمات البحرية والصيد القاري. قبل إعداد الشروط المرجعية لاستراتيجية إصلاحية، غادر الوزير الثاني أيضا.

 

لماذا، إذن، الإصرار على استراتيجية جزئية فاشلة حيث كانت نتائجها كارثية ووخيمة على الثروة وعلى جميع مستويات القطاع، لإفادة قلة من الخصوصيين ضد المصلحة الوطنية العامة للبلد؟ توقفوا من فضلكم عن هذه المغالطات، فموريتانيا بحاجة ماسة إلى كل ثرواتها البحرية.

 

يشكل تبادل الأدوار بين الخبير والوزير وإصرار هذا الثنائي على هذه الاستراتيجية الجزئية 2020/2024، مدعاة للسؤال قانونًيا عن مدى صلاحيتها بعد مصادقة مجلس الوزراء على البيانين السابقين المطالبين بتغييرها، كما يشكل دليلا قاطعا على تناقضاتها الصارخة بين الأهداف الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع وأدواتها المرجعية للتنفيذ. بعض هذه التناقضات على مستوى القانون البحري مثل التي تحكم طريقة تأجير السفن على شكل هيكل مجرد أو عار، وشروط الولوج إلى النظام الوطني، وشروط اقتناء دولة العلم الوطنية، وما إلى ذلك.  أصبحت تشكل حتما نقطة الانسداد التي لا تزال تعيق تحقيق الأهداف الاستراتيجية لتنمية القطاع مثل تشكيل أسطول وطني موريتاني بنسبة 100٪ (رأس مال، تجهيز وطاقم وطني)، يد عاملة وطنية مؤهلة، إضافة إلى تصنيع منتجات مصايد الأسماك، بنية تحتية قوية للاستقبال والتفريغ، إلخ

 

ينبغي أن تعلموا أيضًا أن القطاع يواجه صعوبات هيكلية خطيرة على كافة المستويات القانونية والمؤسسية والتنظيمية الناتجة عن ارتجالية تسييره في السنوات الماضية.

 

لم يعد حل هذه المشكلات ممكن عن طريق المؤتمرات المستهلكة للتبرعات والميزانيات والقرارات الجزئية والاجراءات النظرية غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع، بل يحتاج القطاع إلى إيجاد أفكار جديدة ورؤية واضحة ومنسقة ومتماسكة قادرة على الرفع من مستوى جاهزية وعمليات اداراته ومؤسساته.   

 

لقد نجحتم في زرع الشكوك لدى غالبية المواطنين بشأن صدق الإرادة التي عبر عنها في عدة مناسبات فخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية، الهادفة إلى الإصلاح الهيكلي لجميع القطاعات الاقتصادية، ولا سيما قطاع الصيد البحري، الذي لم يستطيع الوصول أو حتى مقاربة الريع الاقتصادي والاجتماعي والمالي الذي يستفيد منه جيراننا في الشمال والجنوب رغم كبر واهمية مخزوننا السمكي في منطقة شمال وغرب إفريقيا كلها.