على مدار الساعة

الأخبار: ترصد اختلالات في تدشينات العام الماضي

20 مايو, 2012 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) تمر خلال هذه الأيام الذكرى السنوية لتدشين عدد كبير من المشاريع التي أعلن عنها إبان احتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال موريتانيا، وهي مشاريع توزع الإشراف على انطلاقتها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف إضافة لأعضاء الحكومة الموريتانية.

وتظهر المعطيات المتوفر عن تلك المشاريع حرص المدشنين آنذاك على تحديد سقف زمني لإنجازها يترواح ما بين ثلاثة أشهر و16 إلى ثمانية عشر شهرا، لكن المعطيات على الواقع تقول إن عددا من هذه المشاريع ظل حبرا على ورق، وإن الشركات المتعهدة بإنجازه غادرت عين المكان بمجرد انتهاء حفل التدشين، أو اكتفت بإعطاء إشارات الانطلاقة قبل "أن تتعثر الأعمال ربما في انتظار تدشين جديد".

 

فمشاريع توصيل مياه الشرب إلى سكان أحياء الضواحي في العاصمة نواكشوط، وإقامة مجمع صناعي عن الكلم 28 جنوبي العاصمة نواكشوط يوفر أكثر من 2000 فرصة عمل، والمجمع الصناعي للشركة الصبني "هاندون"، وإقامة أكبر برج في البلاد على طريق المختار ولد داداه يتكون من 16 طابقا تكون مقرا مستقبليا للبنك الإسلامي في موريتانيا، فضلا عن 53 محمية زراعية في ولايتي الحوضين، ومشروع توفير المياه الصالحة للشب في مدينة مكطع لحجار، وتوفير المياه والكهرباء والصحة والتعليم والطرق في تجمع ترمسة السكاني، وإنجاز محطة لتوليد الكهرباء في مطار نواذيبو، ومسلخة أكجوجت العصرية كل هذه المشاريع تثبت أن تدشينات خمسينية الاستقلال تراوح مكانها أو تجاوزته بقليل.

 

أحلام إستراتيجية..

 

مشاريع كبيرة وإستراتجية ظلت حبيسة الأوراق أو بدأت بدايات متعثرة، فمشروع إقامة مجمع صناعي عند الكلم 28 جنوب نواكشوط يصل تمويله إلى ملياري أوقية، ويوفر 2000 فرصة عمل، كما ينطلق –حسب الأمين العام لوزارة الصيد- في فترة وجيزة أي في فبراير 2011، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
أما أكبر برج في البلاد والذي سيتكون من 16 طابقا ويقام على شارع المختار ولد داداه، بشراكة بين البنك الإسلامي للتنمية والحكومة الموريتانية وحضر انطلاقته رئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمود علي إلى جانب وزير الاقتصاد والتنمية، وكان منتظرا أن يتم إنجازه في 18 شهرا، لكن أشغاله لم تبدأ حتى اللحظة رغم مضي أكثر من ثلثي الفترة.

وخلال وضع حجر الأساس –لهذا الحلم الإستراتيجي- أكد رئيس المجلس الإسلامي للتنمية أن "هذا البرج سيكون أطول مبنى في المدينة وهو ما سيمكن البنك من وجود مقر في قلب العاصمة"، كما أوضح أحمد ولد حمادي "من شركة إنجاز العقارية أن مدة الأشغال ستكون 18 شهرا بعد بداية الأعمال".
أما ثالث كبرى الأحلام الإستراتيجة –المتعثرة- فهو مشروع توفير المياه الصالحة للشرب في مدينة مكطع لحجار، مشروع أشرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز شخصيا على إعلان انطلاقته، معلنا لسكان المدينة في خطاب ألقاه يوم 23 نوفمبر 2010 أن "الدولة أعطت لهذا المشروع أهمية لأنه سيستفيد منه المواطنون في هذه المنطقة بصفة عامة وهو ممول بميزانية الشعب الموريتاني لفائدة الشعب الموريتاني وبتنفيذ أبناء الوطن".

كما أكد وزير المياه والصرف الصحي محمد الأمين ولد آبي أن "دراسة هذا المشروع الفنية اكتملت 2007 وأكدت وجود نوعية جيدة من المياه كما وكيفا إلا أن الدولة ظلت عاجزة عن تمويله الذي كان يكلف آنذاك 3 مليارات و2 مليون و70 ألف أوقية، مضيفا أن "هذا المشروع الذي تدوم الأشغال فيه 12 شهرا تتولى تنفيذه الهندسة العسكرية بإشراف الشركة الوطنية للماء".
ومع انتهاء الفترة التي حددها الوزير في خطابه الاحتفالي بخمسينية الاستقلال العام الماضي فإن واقع المشروع –الذي تنفذه الهندسة العسكرية- يقول إنه لم ينجز منه حتى الآن إلا حوالي 2 كلم من الأنابيب من أصل 107 كلم هي مسافة المشروع، كما تم حفر حوالي 20 كلم دون أن توضع فيها الأنابيب، وهو كان سببا في العديد من حوادث السير، وأزعج ملاك المواشي في المنطقة حيث سقطت المواشي في الحفر الكبيرة التي خلفها المشروع على جانب الطريق الرابط بين ألاك ومدينة شكار.

الحراك الشباب في مكطع لحجار لا يفتأ يذكر من حين لآخر بالوضع الذي تعيشه المقاطعة، ومن آخر ما نشر نداء وجهه أحد شباب المدينة عنونه بقوله "كفانا وعودا"، يقول فيه: "سأحاول أن أرفع الصوت من جديد من إجل إعادة موضوع من جديد [توفير مياه الشرب للمدينة] إلى الواجهة لأن مقاطعتنا تحتاج الآن للمياه أكثر من أي وقت مضى، فموريتانيا كلها تعاني من العطش أو على الأقل ستعاني خلال فصل الصيف القادم، وهذا يضاعف مسؤولية شباب المقاطعة"، ويختم بالقول إن "الوضعية صعبة والحكومة تتجاهل الوضع ويبدو أنها لأتعرف إلا لغة الوعود الزائفة والكاذبة".

مشروع كبير هو الآخر تجاوز الفترة المحددة له هو مشروع إقامة مقر للشركة الصينية بولي هاندون، وهو المشروع الذي أشار ضجة كبيرة بعد مصادقة البرلمان الموريتاني عليه، وكان يفترض أن يتنهي المشروع مع نهاية العام الجاري، لكن الجهات المشرفة عليه تؤكد أنه لن ينتهي قبل مارس القادم.

المشروع الذي يصل تمويله إلى 120 مليون دولار، ويقيم مصانع على الأرض وفي البحر، ويوفر أكثر من 2000 فرصة عمل هو الآخر، لكن كل ذلك لم يمنعه من تأخر أعماله عن وقتها المحدد، ليجاري بذلك عددا من المشاريع التي انطلقت بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال الموريتاني العام الماضي.

ومن الأحلام العملاقة –التي أعلن عنها مشروع "رباط البحر" وهو "أول مشروع عقاري من نوعه في موريتانيا وتبلغ كلفته ثلاث مليارات دولار أمريكي" حسب الوكالة الرسمية، وقد أشرف على إعطاء إشارة انطلاقته الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عند الكلم 7 على طريق البحر، وستقام فيه "مدينة سكنية حديثة بمواصفات عصرية ".

 

واستلهم المشروع –الذي أعلن أنه سيضم جميع الخدمات- اسمه من الرباط الذي أسسه العلامة عبد الله بن ياسين وانطلقت منه دولة المرابطين، لكنه لم يعلن عن تاريخ انطلاقته أحرى تاريخ نهايته، كما كان الشريك الدولي فيه خالد العبودي رئيس المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص شفافا في كلمته حين أعلن أن المشروع سيشمل "وحدة عمرانية مستقلة ومناطق سكنية وسياحية وأخري للأعمال وسيستفيد من شبكة حديثة من الطرق وأنظمة للصرف الصحي والمياه والري والكهرباء والمواصلات، مبرزا من بين هذه المنشآت مركزا عصريا للتسوق يوفر لزواره "سوبر ماركت" ومحلات مختلفة وأماكن توقيف للسيارات والمطاعم وألعاب الأطفال"، مضيفا أن "المركز التجاري وشاطئ البحر سيرتبطان بمنطقة مخصصة للمشاة مهداة للشعب الموريتاني تم تصميمها لتكون جزءا من الحياة اليومية لسكان رباط البحر ومقصدا لسكان نواكشوط لممارسة رياضة المشي"، مؤكدا أن "مؤسسته ستقوم بتعبئة التمويلات الضرورية لتنفيذ المشروع وجلب المستثمرين وفق عقد التطوير الموقع مع الحكومة الموريتانية". وهو ما يبرر تأخر انطلاقة المشروع الحلم العملاق.
 

وأخرى في الانتظار

 

مشاريع أخرى لم تجد النور في الوقت المحدد أو نفذت بشكل لا يضمن استمراريتها، من بينها مشروع إقامة 53 محمية زراعية في الحوضين الذي يصل تمويله إلى 296 مليون أوقية، ويقول متابعون لملفه إن "مربعات من السياج وفرت في أماكن كانت مقررة ولم تصمد أكثر من شهرين، عادت بعد الأرض للتخلص من "حماية" أريد لها أن لا تصمد كثيرا.
وفي تجمع ترمسة الذي يرتفع الغلاف المالي فيه إلى 442 مليون أوقية،  مع تعهد من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أثناء وضع حجر الأساس له في الثاني والعشرين نوفمبر 2010 بـ" توفير مستلزمات الحياة الضرورية من تعليم وصحة وكهرباء ومياه وغيرها في فترة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثمانية وربط هذه المدينة بطريق كوبني أو طريق الأمل في فترة وجيزة"، يظهر تأخر كبير في هذه الخدمات، دفع ساكنة التجمع للتساؤل عن قصد الرئيس "بالفترة الوجيزة" أثناء حديثه عن توفير الخدمات فيه.

وقريبا من ذلك محطة توليد الكهرباء في مطار نواذيبو، كما لم يكتمل مشروع تزويد الأحياء السكنية بالمياه الصالحة للشرب بمنطقة الإيواء الجديدة عرفات الرياض، والبالغ تمويله 300 مليون أوقية، وفترة إنجازه ثلاثة أشهر، تبدأ في الرابع والعشرين من نوفمبر 2010.

وكان تحقيق سابق "للأخبار" قد رصد تأخرا كبيرا في مشاريع الطرق المعلن عن إقامتها في موريتانيا، وهو تأخر اعترفت به جهات رسمية، وأكدته معطيات ميدانية، إضافة لخروق قانونية بارزة، كما كشفت المعطيات ذاتها عن صفقات مثيرة في بعض هذه الطرق، منحت عن طريق التراضي من طرف لجنة الصفقات، كما تم منح بعض الصفقات من طرف اللجنة المذكورة بعد التدشين وإعلان بدأ الأعمال. هذا فضلا عن تفاوت كبيرة في الأسعار، وصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب الضعف مع اتحاد الصفة والمسافة