على مدار الساعة

قطر العبور الآمن لبوابة الخلود

5 يونيو, 2017 - 16:18
محمد أحيد سيدي محمد - كاتب وشاعر

لم أكتب يوما عن قطر ولم أنوه حتى بمواقفها المنحازة لقضايا الأمة، وما ذلك إلا توجسا من أن يقال إنني بعت قطر ولائي فأنا قد عملت بها خمس سنوات انتهت باستقالة طوعية وقرار شخصي بالعودة إلى حضن الوطن.

 

اليوم وبعد أن تكالب الأعداء على قطر... النقية أرضها العظيم شعبها الشجاعة حكومتها فإنني لا أجد بدا من الكتابة وشلت يدي حين لا تنحاز للخير والعدل والسلام.

 

سأقول أولا إن من لم يطلع على جذور هذا الصراع الدائر في الخليج بين الخير والشر بين الحق والباطل بين الأمة وأعدائها بين الإسلام والغرب، أقول إن من لم يطلع على جذور هذا الصراع ستبقى طروحه وتفسيراته حبيسة مقولات تخلقها الانتماءات الإيديولوجية أو تروجها المؤسسات الإعلامية دون أن تركن إلى معطيات موضوعية يمكن الوثوق بها، وسأحاول أن أشرح في هذه العجالة بعض خلفيات هذا الصراع مستندا إلى حقائق من التاريخ ومعطيات من الجغرافيا لا يمكن تفنيدها لغير المكابرين.

 

أولا: ليس هذا أول خلاف بين قطر وهذه الكتلة الآثمة ولن يكون الأخير فالوعد حق بالصراع بين الخير والشر إلى أن تكون كلمة الله هي العليا وإنا نخال ذلك قريبا بحول الله، لقد نشبت خلافات كثيرة بين قطر والبحرين وبين قطر والسعودية وبين قطر والإمارات تختلف في الحدة والمستوى بحسب اختلاف الأسباب والخلفيات لكن قطر لم تخرج من أي منها خاسرة لأنها لم تدخل أي صراع إلا وهي منحازة للحق والخير والعدل.

 

ثانيا: إن من يطلع على كتاب "الملك عبد العزيز بن سعود في الوثائق البريطانية" المصادر في السعودية والواقع في عشرين مجلدا - هي في حقيقتها مراسلات بين حكام الخليج والمقيمين البريطانيين - من يطلع على هذا الكتاب يدرك أن قيم الخيانة والعمالة والغدر صفات سائدة تماما كما هو الحال في صفات العزة والإباء والشهامة ولن أزيد على هذا لكن العودة للكتاب ستزيد المستزيد.

 

ثالثا: من يرجع إلى كتاب "دليل الخليج" الواقع في أربعة عشر مجلدا لمؤلفه الرحالة البريطاني لوريمر سيدرك أيضا أنما يحصده حكام قطر اليوم من شرف ومجد وسؤدد هو ثمار بذرة ردمها في صحراء قطر الجرداء قبل أمواج النفط كل من الشيخ محمد بن ثاني وأبناؤه وأحفاده، كما سيدرك عن طريق القياس بالخلف أمورا أخرى أترفع عن تعدادها في هذا المقام .

 

رابعا: أن من يطلع على تاريخ منطقة الخليج قبيل تدفق النفط حين تسابقت الشركات الغربية خاصة البريطانية من أجل كسب عقود الامتياز سيدرك كيف رفضت قطر توقيع اتفاقية الامتياز مع ابريطانيا عام 1914 حتى أرغمتها على إرفاق ملحق خاص بقطر عن بقية إمارات الساحل المتصالح وتعليق بعض المواد في حين وقع ذوو الكروش والعروش وأعينهم مغمضة وأياديهم مرتعشة رغبا ورهبا كالعادة.

 

خامسا: أن المستأسد على قطر اليوم هو حفيد لمن آوته قطر ذات مطاردة وآوته الكويت في مثل ذلك وقديما قيل إن الكلب إذا سمن أكل مالكه.

 

حتى الآن لم أقل شيئا عن مواقف قطر من قضايا الأمة وانحيازها للمستضعفين والمظلومين لكي تبقى دائما كعبة المضيوم كما سماها الشيخ جاسم سقت جدثه الرحمات .

 

لم أتكلم أيضا عن أياديها السخية التي حملت الحياة إلى كل شبر من بلاد الإسلام بل وامتدت تحمل رحمة الإسلام إلى أمم وشعوب أخرى.

 

حين أقول هذا وأسهب فيه ستموت بغيظها أمة لا تصل مساحة قطر واحدا بالمائة من مساحتها ولا يصل سكان قطر أربعة بالمائة من سكانها غير أنه لو كانت العبرة بالعدد أو المدد لما انهزم كفار قريش يوم بدر ولما انهارت كتائب المشركين في الأحزاب.

 

سأقول كل ذلك وأدعمه بالدليل لكن بعد أن أقول لقطر الحبيبة مرحى فأنت تعبرين بأمان بوابة الخلود.