على مدار الساعة

إلى الخمسين المختارة 

23 أكتوبر, 2021 - 12:18
مريم سيد الأمين ـ مستشارة بالمجلس الجهوي الحوض الشرقي

وصلتني متأخرة دعوة من اللجنة المشرفة في ولاية الحوض الشرقي لأحضر  الأيام التشاورية التمهيدية حول التعليم ممثلة عن المجلس الجهوي للولاية ضمن قائمة من خمسين فردا هي التي عهد إليها بالتشاور التمهيدي حول التعليم بالولاية. 

 

منعتني ظروف عمل للأسف عن الالتحاق بالولاية رغم رغبتي الجامحة في البوح عن مكنونات واقع التعليم المر بالولاية وهو أسف يخفف منه حضور بعض الكفاءات المهتمة بالتعليم واصلاحه والعارفة بظروفه والصادقة في طرح اشكالاته مثل أستاذي الفيدرالي عبد الله سيداتي الذي يمارس التدريس بالولاية ويعايش يوميا ظروف المدرس وبيئة التعليم الطاردة لكل إبداع في الولاية الأكثر سكانا. 

 

ودون الخوض في الأهداف التربوية للإصلاح المنشود فإني سأتحدث كتلميذة سابقة في الولاية وكمهتمة بالتعليم في الولاية وسأسرد بعض الملاحظات أراها مهمة تجمع بين التخيير والاقتراح منها:

 

١-التعليم الظالم: هذا عنوان مستفز لهذا أرى أنه أصدق تعبير عن مسابقاتنا التعليمية، مرد هذا الوصف أني الآن في نواكشوط وبعض التلاميذ الذين يدرسون في السنوات التحضيرية للمسابقات الوطنية أكمل بعضهم البرنامج -بعض المدارس الخاصة في تفرغ زينه- وأدناهم حالا أكمل مقررات الفصل ووجد حاجياته من المدرسين في حين أن أمثالهم في ولايتنا البعيدة من كل شيء له علاقة بأهداف التعليم النظامي سيكمل التلاميذ العام وبعضهم لم يجد مدرسين للمواد العلمية ولا اللغة الفرنسية وسيكون مطالبا بمنافسة نظرائه في نواكشوط في مسابقات "الحيف الوطني" برأيكم أي ظلم فوق هذا؟

 

٢-المناخ الطارد للمدرس الكفؤ للأسف الشديد بسبب غياب خدمات الصحة وظروف السكن اللائق وغلاء الأسعار وهي معاناة تضاعفت آثارها السلبية على الساكنة لأنها أصبحت تطرد عنهم المدرسين والأطباء وهو ما جعل الولاية مسيجة بشباك التخلف السميك بأضلاعه الثلاثة (الفقر -الجهل_المرض).

 

٣-ساهمت النقطة الأولى في إحباط مستحكم لدى التلاميذ الذين تتحطم طموحاتهم على اعتاب الباكالوريا وساهمت النقطة الثانية في دفع الأهالي بابنهائهم إلى إفريقيا للبحث عن ما يخفف عنهم وطأة الفقر المستحكم بفعل السياسات الحكومية الفاشلة فكانت الحصيلة نفور وتسرب مدرسي بأرقام قياسية مؤشراته من السنة الماضية من بين عشرات الآلاف في سن الباكالوريا في الولاية ترشح فقط 1634 نجح منهم100 مصير البقية ينتظر بفارق الألم إصلاحا شاملا يعيد له الأمل المفقود. 

 

٤-البنى التحتية للمدارس والثانويات ضعيفة ومنهارة إن وجدت ومن دون صيانة إحصاءات الوزارة تقول إن نسبة الاكتظاظ في الولاية مرتفعة جدا مابين 70و100تلميذ للقسم في بعض المدارس.

 

٥-الاساتذة والمعلمون رواتبهم هزيلة مما جعل أغلبهم يضطر لأن يخلط مهنة التدريس بالتجارة أو التنمية أو هنا معا ولكم أن تتصوروا أضرار ذلك.

 

٦-تحتاج الفتيات لعناية خاصة فهن أكثر الضحايا تضررا من فساد التعليم في الولاية، فنسبة تسرب الفتيات في الولاية تصل الى 95%  وهو رقم مؤلم وصادم.

 

٧-إذا وجدتم حلولا لهذه المشاكل يمكن للخبراء أن يتفرغوا لنقاش المضامين التربوية المرجوة ومقاربة الكفايات ولغة التدريس ومن دون حلول للبيئة المعيقة للتعليم سيظل التنظير الحالي ترفا لا يتوقع منه إصلاح.

 

ختاما تلك نفثات مصدومة تنظر الآن لتلك الأعرشة التي لا تقي من الحر ولا تمنع من البرد تتذكر مدرسة قرية اتوكيت التي لم تجد مدرسا سنة دراسية كاملة وقرية انبيه الصفرة التي لم تجد مدرسا للقسمين السادس والخامس في السنة الدراسية 2019-2020 وقرية لبحير الشمالي التي لم يحالفها الحظ في الحصول على مدرسة ولا مدرس في السنة الماضية والقائمة تطول.

 

تستحضر ضعف سمعة التمدرس وانهيار التعليم وتتمنى أن تعود للمدرسة رسالتها ويعود لها أهلها.