على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تهنئ وتبارك لطالبان انتصارها وترجو من الله أن يهديها إلى طريق الحق

31 أغسطس, 2021 - 11:19
الأستاذ محمدو بن البار

هذه التهنئة يتبين منها لكل مسلم أنها صادرة من مصدر واحد مشترك بين المسلمين ألا وهو الإسلام، ولأهمية هذه التهنئة فأنا مضطر أن أجعلها علي حلقتين الأولي عن أسبابها، والثانية ما نتمناه لطالبان من فهم صحيح للإسلام وتطبيقه على ضوء ذلك.

 

وقبل أن أشرح هذه الأسباب أو العلاقة الوحيدة، أود أن أذكر أصولها المبينة عليها، فمن المعروف عند كل عاقل أننا نحن البشر لا نملك ألا نكون جئنا لهذه الدنيا، ولا نملك أن لا يكون وجودنا ونمونا وانتهاء هذا النمو بالموت بعد ذلك، وألا يكون إلا طبقا لما قص الله علينا في كتابه المحفوظ لهذه الحقيقة، فمثلا بداية خلقنا بعد آدم نطفة في قرار مكين إلى آخر التفاصيل القرآنية، أما ابتداء نمونا وانتهاءه محدود زمنيا فهو مبين في القرآن {الله الذي خلقكم من ضعف} إلى آخر الآية، أما انتهاؤه بالموت فأيضا منزل في القرآن يقول تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}.

 

هذه الحقائق المشاهدة في الحياة الدنيا ومنصوص عليها في القرآن تقابلها حياة أخرى منصوصة في القرآن أيضا، بوجود نفس الجسم وفيه روحه، أما نوع الحياتين فمختلف تماما، الأولى قصيرة وبعدها موت، وراحتها وتعبها محدود الوقع على الإنسان وينتهي كله براحته وتعبه بالموت التي يتيقن كل أحد على إدراكها له.

 

أما الأخرى فلا نهاية لها ولا نهاية لرحمتها ولا لعذابها وهذان الوصفان مبنيان على فعل ما أمرنا به في القرآن وترك ما نهينا عنه فيه.

 

ومن ما أمرنا به في القرآن ونبهنا الله عليه هو أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض من غير ذكر النسب ولا مكان السكنى وأمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن يحب كل واحد منا لأخيه ما يحبه لنفسه من غير النظر إلى عامل آخر غير الإسلام.

 

إذاً، فنحن المسلمون الحاليون عندما نقلب أبصارنا وعقولنا في سكان أهل الدنيا وفي نفس الوقت نقلبهما كذلك في وصف القرآن لمن آمن به واتبع ما أنزله على رسوله ليبلغه لعباده، وأنه هو الميزان الذي يعامل على ضوئه هذا الإنسان طبقا لما في القرآن من أنواع الحياة السعيدة المذكور سعادتها بالتفصيل في القرآن بتقريبها بالألفاظ العربية، أما حقيقتها وأعلى قمتها فلا يعلمها إلا الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}، وكذلك عقوبتها مفصلة في القرآن بعبارات لا صبر عليها في الدنيا المنتهية ولا سيما وقوعها بلا نهاية، وهنا أذكر هذه الآيات لكل فريق ومثلها مكرر في القرآن كثيرا للبشرى والإنذار.

 

يقول تعالى: {جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولبساهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهو يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير}.

 

كتبت كل هذه الآيات المتوالية لأن كل كلمة فيها لها دور خاص بها في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

 

هاتان الحياتان الموصوفتان أعلاه أخبرنا الله في القرآن وبلغنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في أحاديثه أن أعظم شيء تنال به تلك المقامات ويتجنب به الإنذار من العذاب طبقا لكلمات الآيات هو الجهاد في سبيل الله الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه فريضة قائمة ثابتة إلى يوم القيامة بشروطه والجهاد وحده من جميع الطاعات هو الذي نهى الله المسلمين أن يقولوا إن قتيله قد مات بل هو حي عند ربه من ساعة موته وهو يرزق برزق الآخرة لا رزق الدنيا، كما أنه هو وحده الذي تولى الله أطراف عقد صفقته بين البائع والمشتري أي بين الله والمسلم في قوله تعالى: {إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله}.

 

ويقول تعالى: عندما كان المسلمون منحصرون في سكان المدينة هم ومن حولهم من الأعراب: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح}.

 

ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم (إن الإسلام سنامه الجهاد) أي رأسه، هذه الفريضة إذا التفت المسلم يمينا وشمالا يبحث عنها في سكان أهل الدنيا فلا يجد من ينسب إليها صراحة إلا حركة طالبان وحركة حماس في فلسطين، وفي نفس الوقت تمسكوا أثناء الجهاد بما تبين لهم أنه الحق الذي أنزل على نبيه وطريقتهم هذه سوف تكون بإذن الله موضوع الحلقة الثانية أي تبيين علاقة المسلم بمجتمعه ومحيطه وعلاقته مع ربه كما أراني الله ولا سيما في شأن العلاقة مع المرأة.

 

وقبل ذلك أعود لألفت نظر جميع المسلمين إلى حالة الدول الإسلامية الآن ولا سيما الدول العربية، فالمتأمل لحياة هذه الشعوب والمسؤولين عنها ليقارن بينها وطالبان نجد أن حركة طالبان الآن وحماس – حماس بالنسبة للعرب المسلمين وطالبان بالنسبة للعجم المسلمين - هم المسلمون من الدرجة الأولى، أما الشعوب الأخرى ومسؤوليهم فهم من الدرجة الرابعة ومن هناك إلي أسفل الدرجات التي فيها المتعاونون مع أعداء الإسلام لقتل وتشريد المسلمين، فالمسلمون وأعداء الإسلام يسمون كل من خرج عن طاعة ما هو موجود من الحياة اللا أخلاقية بين المسلمين بالإرهابيين، وبدلا من إصلاحهم وإصلاح حياة المسلمين طبقا للإسلام في هذه الدول فالجميع يتعاون ويتداعي إلى قتل المسلم الإرهابي في نظرهم.

 

ولا شك أن كثيرا من الخارجين على رؤسائهم أساؤوا جهاد الإسلام بل شوهوا الإسلام نفسه حتى أصبح كل من الطالب والمطلوب في الطريق الخطأ.

 

هذا الوضع من الجانبين أوضح شعب يسير فيه على غير هدى هو الشعب العربي فمنهم أكثر الطالب والمطلوب الموصوفين أعلاه.

 

وهنا يكون سبب تهنئة حركة طالبان من جميع الغيورين على سلوك الإسلام الصحيح وهو واجب ديني وهو أضعف الإيمان لأنه تهنئة على الانتصار في الجهاد ولو على النفس.

 

فمن نظر إلى وضع المسلمين الآن في ديارهم فيخيل إليه أن حركة طالبان وحماس الآن تمثلان المدينة المنورة في السنة الأولى من الهجرة أي لا يوجد فوق الأرض ممن يستحق وصف الإسلام الكامل الخالص إلا حركة طالبان وحماس، فالجهاد إذا ذكر الآن ينصرف تلقائيا إلى حركة حماس وطالبان فلم يهنوا ولم يحزنوا وكانوا بإذن الله هم الأعلون.

 

وما مثالهم مع المسلمين الحاليين إلا ما قال الله عن نتيجة معركة الشيطان مع الإنسان يقول تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه إلا فريقا من المؤمنين} والآن هم حركة طالبان وحماس ولا أزكيهم على الله.

 

أما الشعوب الأخرى ولا سيما العرب فقد غزت إسرائيل مصر حتى كادت تحتل القاهرة فلم يعلنوا حتى الجهاد على النفس ويعرف الجميع ما وقع لمسؤوليهم وما هو شعارهم آنذاك.

 

والعراق أخذت أمريكا زعيمهم وقتلوه فوق أرضهم فلم يعلنوا الجهاد ولكن تآمروا مع المحتل، وليبيا قتلت أروبا زعيمهم فلم يعلنوا الجهاد، وباقي الشعوب الأخرى في الخليج والشام والمغرب العربي لا فكر لهم عن الإصلاح بل فقط التعاون مع أعداء الإسلام على من خرج عليهم لسوء حالهم دينيا أو تسيير لشعوبهم.

 

فنحن هنا في هذا المكان القصي ابتلانا الله بحب العرب نحبهم كما نحب آباءنا علي علاتهم ولكن حال العرب المسلمين الآن هو أسوأ خلف لأحسن سلف للعرب والمسلمين.

 

وإلى حلقة أخرى، رجاؤنا لطالبان بالتوفيق لما يرضي الله بعد نجاحهم الجهادي في سبيله.