على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تحمل رأيا موجها للرئاسة أرجو أن يكون رأيا وطنيا عندها

20 مايو, 2017 - 19:19
محمدو بن البار - بتاريخ: 19 - 05 - 2017

كلمة الإصلاح هذه المرة تبدأ كلمتها بقول الشاعر:

تكاثرت الظباء على خداش  *** فما يدري خداش ما يصيـد

 

لقد تكاثرت هذه الأيام أو حتى في السنين الأخيرة سماع الهزات والمفرقعات التي لم يكن الشعب الموريتاني يعتاد سماعها، فمن ميلاده جميعا فوق هذه الأرض التي طيبها هو بإسلامه فوقها ومسالمته غليها وحياته المشتركة المتعاونة المتضامنة فوق أديمها ـ وهو لم يسمع ولا يمكن أن يسمع هذه الأصوات المختلطة والهزات العنيفة التي تكاد تحرك الأجسام من غير أن يعرف مصدر هذه الهزات ولا أسبابها ولا من وراءها حتى أصبح المواطن الموريتاني يخاطب بـلده ووطنه موريتانيا فيقول:

 

أمربع الغصن ذا أم تـلك أعلامه *** لا هو هو ولا الأيام أيامه

 

وعادة عندما يسمع المواطن أو يحس بالهزات أو أي شيء يخاف به على نفسه أو على وطنه فأول ما يتبادر الالتـفات إليه وطلب النجدة منه بعد الله هو الدولة التي تستطيع في أي لحظة إن كانت وطنية مخلصة أن تضع يدها وبصرها على مصدر تـلك الهزات والأصوات غير المعهود سماعها في الوطن.

 

إلا أنه من المؤسف أنك عندما تستمع إلى تـلك الهزات أو تبحث عن مصدر ذلك الإزعاج للمواطنين فستجد أغـلبه صادر من النخبة الموريتانية التي كان يجب أن يكون في قلوبها جميعا خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها نهائيا فهي فوق كل ما تعارف عليه الشعوب في تـنويع ديمقراطيتـها وتوسيعها واستفادة كل مواطن من الحياة في ظلها، ولكن لا بد أن يكون ذلك ينعم به الجميع.

 

وعندما أقول في موريتانيا النخبة فنعني بها المثـقـفين أولا ورجال التـفكير المنتج للأفكار سليمة الذوق وقريـبة المتـناول وقبل ذلك المسؤولين عن السلطة.

 

فهذه الأوصاف مجتمعة الآن فيما سمته موريتانيا وديمقراطيتها بالأغـلبـية والمعارضة، إلا أن هذا الاصطلاح مع الأسف ذهبت به هذه النخب إلى السلم السفلي من حياة المواطن في وطنه، بمعنى أن السلم السفلي في الوطن هي التي يجلس عندها أصحاب الأمزجة المريضة لا يستطيعون الصعود أكثر من السلم السفلي فعندهم من أمراض القلوب ما يقـعد صاحبها عن الصعود.

 

وأخطر هذه الأمراض هو حب الرئاسة ولا أعني رئاسة الجمهورية أو الحكومة ولكن أعني حب مكان الرئاسة من الأنانية والبحث عن النفس في العلاقات الاجتماعية إلى ما بعد ذلك من التحاسد والتباغض والسرور بإصابة الغير بأي مصيـبة إلى آخره.

 

وما دامت النخبة هذه هي أوصافها والهزات تسمع من كل حدب وصوب ولا يعرف إلا الله أين هي ومتى يرسل القدر ضررها على هؤلاء المواطنين لا قدر الله فـأين المفر؟

 

وهنا يقول المولى عز وجل {قـل هو القادر على أن يبـعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} إلى آخر الآية.

 

وأظن أن أول من يلاحظ عليه الملاحظون أو أقول بصراحة يلاحظ عليه الإسلام عدم اتخاذ كل الإجراءات لاستـتـباب الأمن والهدوء ونشر الطمأنينة بين المواطنين هو رئيس الدولة الذي يمكنه في أي لحظة توجيه ما كان مشرقا إلى الغرب وما كان يسير شمالا إلى الجنوب.

 

وبما أن الرئاسة هي التي عندها هذا التمكن من نشر الطمأنينة والهدوء في هذه الرئاسة الدنيوية التي يرتاح لها قـلب المواطن المسلم وتحسب له في الدنيا والآخرة، وإلا فما هو معناها في الحقيقة أوامر تسمع وتـنـفذ من طرف البعض وبعض آخر يحقد ويلعـن وفجأة يحضر ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون.

 

فحتى الملكية الدنيوية التي لا تـنـقطع إلا بالموت لا فائدة فيها لا سيما رئاسة عشر سنين يكتب فيها على الشخص كل كلمة أو فكرة أو تحرك قام به على أي أرض أو فوق أي قارة من الأرض وفجأة أيضا يقال له {إنا كنا نـستـنـسخ ما كـنــتم تعملون} فكم مات من ملك أخيرا يعرفه الجميع.

 

وهذا ليس وعظا لأن قول الله للإنسان {الله الذي خـلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة} الخ الآية هو الواقع الذي ينـتـظره الجميع ولا مواربة فيه فكذلك الرئاسة بهذه الديمقراطيات: ما هي مردوديتها على الفرد وقد وقع في مجتمعنا العربي والإفريقي للرؤساء ما لا يخفى على أي أحـد؟

 

ومن هنا نصل إلى رأي كلمة الإصلاح المرجو وطنيـته، (فكانت كلمة الإصلاح) قد كتبت فيه ما يلي:

وهو أن على الرئيس أن يطلب من وزير النـقـل أن يرسل له ناقـلة تحمل رافعة عدة أذرع أعلى أو كيلومترات ويضع الرئيس فوقها كرسي الرئاسة ويشغـل الرافعة حتى يكون تشاهد جميع حدود موريتانيا غربا وشرقا شمالا وجنوبا ووسطا في مسافة واحدة منه لا يستطيع أي مخطط جغرافي أن يقول أنه أقرب من جهة منها لجهة أخرى ويدير موريتانيا من هناك حتى سنة 2019 إذا كان في ذهنه أنه ذاهب عن الرئاسة في هذا التاريخ فـتـنزل الرافعة في أي مكان يختاره من الوطن ليعيش فيه إن كان في العمر بقية في أحسن حال وبين الموريتانيـين كما وجدهم في 2005 في علاقة اجتماعية عريقة وممتازة.

 

فمن جهة أخرى هو لا شك أنه وجدهم 2005 خارج الدولة متعايشين بالسلم الاجتماعي والهدوء والطمأنينة والصداقة المتبادلة، أما في الدولة فإن الشعب آنذاك ليس هو من أفسدها ولكن أفسدتها الديمقراطية العسكرية التي تريد دائما أن تـبنى بيتا واحدا بأيدي مهندسين كل يـبني جانبه من البـيت حسب ذوقه وهواه.

 

فتارة تستعمل الديمقراطية العسكرية ما طبقـته في هويتها وهو الإصرار على كل موقف اتخذه القائد ولو ظهر عدم صلاحيـته للتطبـيق ما ظهر بمعنى نـفـذ الأوامر وأسأل بعـد ذلك.

 

وتارة تـتـرك حبل المسؤولية على الغارب لأن الديمقراطية تـقول ذلك، والأدهى من ذلك والأمر في قيادة الديمقراطية العسكرية أنها تأخـذ أغـلبية وتجعلها (بزب مدنية) أي جنودا لا حول لهم ولا قوة ينـفذون بدون سؤال.

 

وفي الديمقراطيات العتيدة الحزب الحاكم لا تكون منه إلا القيادة العليا التي تصدر منها القرارات التي تـنـفذ.

 

أما باقي مرافق الدولة الأخرى من حكام وولاة ومدراء إلى آخره فهؤلاء خدام للشعب وليس خداما للحزب الحاكم أما في الديمقراطية العسكرية الوليدة فكل من يتـلقي راتبا من الوظيفة العمومية فهو من الحزب الحاكم تـلقائيا بمعنى سياسة العسكريـين بالضبط مات الملك عاش الملك.

 

فمن استمع الآن إلى المواقع والجرائد وحتى الشارع يظن أننا في ملحمة حامية الوطيس جانبها يقوده السيد الرئيس وجنوده الأغـلبـية والجانب الآخر تقوده معارضة تظن أن كل خلاف في الشعب وتـنابزه بالألقاب وتحركه يمينا وشمالا وحتى ارتكابه للجنايات هذا كله يصب في صالحها هي وهو وقودها في الملحمة بينها وبـين الأغـلبية الطيعة التي لا تعرف طلب مراجعة أي فـكرة طارئة لـتـسيـير مصالح هذا الوطن، وهنا أعطى مثالا لطريقي الصراع خارج مصلحة الشعب، فعندما قامت فـتـنة 2 و 3 مايو لعن الله من أيقظها ووقع فيها ما يعرفه الجميع وهو ضربة قاتلة لكل من الأغلبية والمعارضة على حد سواء.

 

فالأغـلبية لم توفر من الأمن الذي يعنيها مباشرة: فهي قد جعلت نفسها جزءا من الرئيس وما يجب عليه أن يقوم به وبذلك تكون وضعت يدها مباشرة على كل فاعل وفاعلة وما وراء الفاعل والفاعلة بل إن أكثر همها ونظرها ينصب على ما فعلت المعارضة وماذا تـفكر فيه.

 

وكذلك المعارضة كان عليها عندما سمعت بتـلك الأحداث الخطيرة على الشعب كل الشعب وهي التي تدعى المدافعة عنه وعن مصالحه أن تدرك أن هذه الأحداث شيء خارج عن فعل الأغلبية وأنه وقع في قاعدتها التي تدعى أنها تقودها وتقوم بإنشاء لجان منها لا تـقف عند معرفة ما حصل وكيف حصل؟ بل تكون هذه اللجان الخليطة من كل مواطن مسلم غيور على هذا البلد تبحث عن استئصال أهل المكر ونذر الفتـنة من أي كان، وتقوم بعرضه على المجتمع كما فعلت حماس بعملاء إسرائيل من بني جلدتها، وتكتب جميع أحزاب المعارضة المحاورة والراديكالية أن الخطوط الحمراء في موريتانيا قد اخترقت وسبب خرقها هو ما قام به فلان وفلان وأنه لن يتـكرر وتـقوم المعارضة كذلك بإظهار ذلك فيما بينها، وجنود هذه الفكرة كثيرون ولله الحمد في المعارضة وفي الأغـلبـية.

 

ومن هنا أعود للرأي الذي ما زلت أسأل الله أن يجعله وطنيا لأقول للسيد الرئيس أن الرؤساء في دول الديمقراطية العتيدة عندما ينجحون في الانتخابات ولو بـ50.1% يعلنون عند تسلمهم للسلطة أنهم رؤساء لجميع شعب الدولة سواء من صوت لهم ومن صوت ضدهم، لأنها الديمقراطية الحقة التي لا تجعل النجاح معناه تمليك كل ما سكن وتحرك في الدولة ملكا خاصا للرئيس يتصرف فيه كيف يشاء.

 

فالذي يختص به هو السياسة الخارجية وحوزة أراضي الوطن إلى آخر ما في الدستور من خصوصيات الرئيس وما أكثرها في دستور العالم الثالث ونحن طبعا جزء منه ولكن التسيـير المعقـلن الديمقراطي وما وراء تـلك الصلاحيات مشاع بين الشعب تستوي فيه الموالاة والمعارضة.

 

وملخص هذا الرأي ما يـلي:

أولا: على الرئيس والأغلبية والمعارضة وأحزابها وفروعها أن عليهم قبل شهر رمضان المبارك أن يتركوا السياسة جانبا ويتحدوا في كشف من اخـترق الخطوط الحمراء بين الشعب الموريتاني حتى يقدموه أمام المواطنين ويتـبرأ منه الجميع.

 

ثانيا: على المعارضة خاصة أن تفهم أن مجرد إدانتها لتـلك الأعمال لا تبرؤها من متابعة أهلها وتوزيع لجان تـقوم بمهرجانات تـندد بها وتبـين وتـنـشر عكسها في أذهان المواطنين فضلا أن تحمل الحكومة فقط المسؤولية عنها.

 

ثالثا: على السيد الرئيس أن يدرك أنه لا شك وجد موريتانيا قاب قوسين من السقوط في خانة "لا دولة" من جهة إدارتها وأكل مالها العام بنهم لا مثيل له، وبكلمة واحدة فوضي ديمقراطية عسكرية لا معالم لها نحو الحياة.

 

ولا شك كذلك أنه بعد توليه الأمر أعاد إلى موريتانيا كثيرا من الاعتبار الدولي وأنـقذ كثيرا من مالها العام من الفساد ورد إلى الخزينة العامة ما يمكن أن يعود إليها سواء من الأموال المنهوبة أو من الدخل الواجب إدخاله للدولة وقد أنفق كثيرا من هذه الأموال في البني التحتية وغيرها من المشاريع ولكن الأموال التي يظهر نفعها على الشعب مباشرة هي التي تصرف في الأمن الداخلي لطمأنينة الجميع وحفظ أرواحهم وممتـلكاتهم وعلى الفقراء كذلك بتخفيض الأسعار الذي ينـتـفع به الجميع فهذا والأمن الداخلي هما اللذان يعرف الشعب الشكر للمسؤول على توفيرهما، أما غير ذلك من المنجزات فهو أقرب للبرجوازية الخاصة منه لكافة الشعب ولا سيما الفقراء.

 

وأخيرا فإن أفاد هذا الرأي الذي لم يكن صاحبه يوما ما مواليا ولا معارضا لعدم وجود هذا المعنى في القاموس الإسلامي إلا بتـقـيـيد الموالاة والمعارضة بالشرعية (فنعما هي) وإلا فأقول لكل مواطن أيا كان لونه {واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تـك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتـقوا والذين هم محسنون}.