على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تطلب من الحكومة والحقوقيين تعزية ضحايا اللصوص الليليين

8 فبراير, 2021 - 23:10
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

كلمة الإصلاح لاحظت أنه في الآونة الأخيرة كثر في موريتانيا إرسال التعزية ولاسيما للمصابين في الأحداث غير العادية مثل وباء كورونا أو حوادث السير إلى آخره، ولا شك أن هذه لفتة عاطفية من المواطنين لمواساة المصابين في الأحداث الطارئة وهي ظاهرة طيبة كذلك من المسؤولين وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية جزاه الله خيرا لمعرفته أنه مسؤول عن المواطنين وأنه يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، ولا شك أن الجميع يدرك أن هذه الظاهرة الحميدة هي ظاهرة طرأت مع هذا الرئيس.

 

وبتلك المناسبة فإن كلمة الإصلاح تنبهه هو وكل المسؤولين في السلطة التنفيذية بأن دستور البلاد ينص صراحة على أن الإجرام الذي يقع على المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم – الضامن لعدم وقوعه هو رئيس الجمهورية شخصيا حيث يقول الدستور: "أن رئيس الجمهورية هو حامي الدستور ويضمن بوصفه هذا السير المضطرد للسلطة العمومية".

 

ومعلوم أن هذه المسؤولية كلف بها رئيس الجمهورية أعوانه من السلطة التنفيذية ولاسيما وزراء السيادة وعلى رأسهم وزير الداخلية الذي وضعت الدولة تحت تصرفه جميع القوات المسلحة والأمنية، فبعضها يتصرف فيه تلقائيا عند الضرورة، وبعضها موجود دائما تحت تصرفه لحفظ النظام، ولكن علينا نحن المواطنين أن نتساءل هل هذا هو الواقع أم لا؟

 

فالرئيس بما أنه هو المسؤول الأول عن حفظ الأرواح والممتلكات أصبحنا (وكما هو واقع مع الأسف) كل يوم على ضحايا ليلية بسبب اللصوص، إما باغتصاب أو قتل بسلاح أبيض أو ناري، وسلب ممتلكات أهل المنزل، والأكثر أن يكونوا فقراء لا حارس لهم.

 

فالمعقول أن هؤلاء الضحايا هم ضحايا مسؤولية الرئيس والسلطة التنفيذية قبل أن يكونوا ضحايا عمل رجال الأمن أيا كانوا، مع أن الواقع أنه أول ما يسبق في ذهن المواطنين أن هذا من تقصير رجال الأمن أيا كانوا، مع أن تشريع الوقاية قبل التنفيذ من عمل السلطة التنفيذية لا من رجال الأمن، فوجود القوانين التي تردع الجرائم، ووجود السجون في وضع تردع كذلك الجرائم، ووجود أحكام من القضاء رادعة للإجرام، هذا كله آخر المسؤول عنه هو رجال الأمن، فهم ليسوا مشرعين، حتى ولا تؤخذ آراؤهم فيما يمنع وجود الجريمة من احتياطات في السجون أو أوقات التحرك، أو تغيير أماكن تتكرر فيها الجريمة إلى آخر ذلك، فهم منفذون فقط، وأحسن عمل يقومون به و هو المكلفون به هو دوام اليقظة ووجود الدوريات التي تبحث عن المجرمين وهذه مسؤولية السلطة الإقليمية أيضا، فالسهر على وقوع الدوريات ونتائجها هي مسؤولية الإدارة الإقليمية التابعة لوزارة الداخلية بمراقبة رجال الأمن على القيام بذلك.

 

فمن المعلوم أن المجرم عندما يداوم على الإجرام أًصبح أخطر من صاحب الأمن المدجج بالسلاح، كما أن أحسن ما يقوم به الأمن بعد وقوع الجريمة هو القبض على أصحابها وإحالتهم إلى القضاء مع محاضرهم، وهنا تنتهي نهائيا المسؤولية الأمنية فلا تدخل لها في العقوبة ولا نوعها ولا وصف المجرم أمام القضاء، فأي شيء غير مكتوب في المحضر ممنوع التلفظ به إلى آخره.

 

وبناء على هذا الواقع فإن الروتين أصبح هكذا: لصوص معروفون عند ذويهم بل قد يصبحون معروفين عند الحي كله، وعندما يخلد المواطن المسكين للراحة ظنا منه أنه في حماية الرئيس والسلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية بتشريعاتها يتقدم لص آخر الليل ساعة الراحة والهدوء ويدخل على أسرة منزوعة السلاح وهو مسلح سلاح أبيض أو ناري ويصوب ذلك السلاح نحو رجالها ونسائها، فعلينا أن نتصور في تلك اللحظة ما فيه تلك الأسرة من الرعب من الرأس إلى القدم، فربما يغتصبون بناتهم أمامهم وربما يتركون ابنهم إذا حاول المقاومة يتخبط في دمائه إلى آخر ذلك.

 

وهنا أطرح هذا السؤال: هل هؤلاء أولى بالتعزية أم ميت موتة عادية أمام أسرته وطبيبه الذي كان يداويه أو ضحايا حادث سير إذا نشأ عنه موت أو فقدان عقل، فإن الضحية لا يحس بأي ألم أًصابه، فأي الفريقين أحق بالتعزية والمواساة بالمساعدة وغيرها إلى آخره.

 

ومن هنا نعود إلى واقعنا لنقول للسيد الرئيس ولوزيري الداخلية والعدل وللسادة النواب (المشرعين لزيادة رواتبهم على السماح لهم بدقائق من الميكرفون للمباراة الكلامية غير الموزونة) لأقول للجميع أن هذه المأساة المسكوت عنها دائما أن سببها المباشر كما هو معلوم في الدنيا والآخرة ما يلي :

 

أولا: هو عدم تطبيق شرع الله على أرض الله فوق أرض الله كما قال تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} إلى آخر ما نعرف جميعا، ولكن هنا أبشر المواطنين الموريتانيين أن المسؤولية الأخروية بالنسبة لموريتانيا الآن لا تقع إلا على القاضي ساعة الحكم أو الرئيس في عدم التنفيذ، لأن القانون الجنائي الموريتاني بالنسبة للمواطنين هو قانون إسلامي 100%، فجزى الله الرئيس هيدالة والعلماء في زمنه خيرا لتركهم لهذا القانون حجة على من سيأتي بعدهم.

 

ثانيا: وجود سجن اللصوص المتخصصين في هذا النوع من الإجرام بجنب الأحياء الشعبية من العاصمة، فهم تارة يخرجون من السجن ويقومون بالإجرام ويعودون للسجن.

 

ثالثا: عدم العقوبة إلا بالسجن الخفيف الذي ينتهي ويعود صاحبه إلى الجريمة.

 

رابعا: وجود لجنة حقوق الإنسان التي أولى بتسميتها "حقوق الإنسان المجرم" لا حقوق الإنسان الضحية، فلجنة حقوق الإنسان ولجنة مكافحة التعذيب لا يزرون هذا النوع من الضحايا، ولا يعوضون لهم ما أخذته رعيتهم من اللصوص الليليين إلى آخره، فهاتان اللجنتان دائما تبحثان عن وضعية اللصوص هل هي على ما يرام.

 

وبعد هذا الملخص عن هؤلاء الضحايا المجهولين فإن الاقتراح المناسب للمسؤولية هو أنه عندما تقع أي جريمة من هذا النوع فعلى ممثل الرئيس على الأقل ووزير الداخلية والوالي والحاكم والمدير الجهوي للأمن أن يتواجد الجميع في مسرح الجريمة، ولا يتحركون عن موقع الجريمة حتى تأتي أوامر الرئيس شخصيا عن طريق وزير الداخلية بتعليمات، ويكون في تلك التعليمات على ضوء الوصف الدقيق للجريمة بالتصرف مع أولئك الضحايا، ويأتي رئيس لجنة حقوق الإنسان ولجنة مكافحة التعذيب للمعاينة وفي نفس الوقت يكون للرئيس مكلف بمهمة للاطلاع على هذا النوع من الجرائم، ومستشار في تتبع الإجراءات التي اتخذت في الموضوع، ويحضر رئيس منظمة (تآزر) للمساعدة المادية وتكون جميع الإجراءات المتخذة من طرف الأمن والقضاء وحراس السجون مناسبة لذلك النوع من الإجرام، فإن أكبر خطإ يؤدي إلى مساعدة اللصوص في إجرامهم هو وجودهم في السجن المركزي أو سجن دار النعيم أو سجن ألاك ، فهذه السجون يجب تخصيصها للسياسيين أو أكلة المال العام أو المتسللين الأجانب إلى آخره، أما محل سجن اللصوص فإن أقربه يكون في بئر أم اغرين وتيشيت وولاته.

 

أما ما يعني الضحايا فعلى لجنة حقوق الإنسان الاطلاع على نفسياتهم أولا ثم تعويض ممتلكاتهم ثم مراقبة العقوبة من طرف القضاء، هل هي رادعة لهذا الإنسان المجرم عن قتل أو سلب الانسان المسالم ممتلكاته وترويعه ساعة راحته، ومتابعة هذه الإجراءات من طرف أعلى سلطة في الدولة والهيئات التنفيذية والتشريعية ودوام إرسال التعزية التي تتناسب كلماتها مع بشاعة إجرام اللصوص، وتكون فيها التوصية الكاملة على عقوبة تردع، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فأنا لا أتصور شكل الوجه الذي يكون الرئيس المسلم قادم فيه على الله وهو قد قام بإبدال قوانين مكتوبة من البشر على كلام من يلفت نظر الإنسان دائما إلى خلقه للسماوات والأرض بقوله: {هذا خلق الله فأروني ما ذا خلق الذين من دونه} مع أن رئيس كل دولة مسلمة يحفظ قوله تعالي في شأن عقوبة المجرمين: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}

 

محمدّو بن البار