يدخل الرئيس بايدن كأكبر رئيس في تاريخ أمريكا سنّاً، البيت الأبيض، بعد حملة انتخابية سرقت ألباب العالم، بما شهدته من أحداث دراماتيكية.
بداية من أحداث اقتحام الكونغرس الأمريكي في 6 يناير وصولا إلى تنامي الحركات اليمنية والتي من أبرزها جماعة «كيوآنون» ويعتقد أفرادها أن الرئيس ترامب يشن حربا سرية ضد السياسيين الذين يعبدون الشيطان في الحكومة والشركات ووسائل الإعلام.
ويؤمن أنصار الحركة المولودة في 2017 بأن المعركة ستنتهي بإعدام ساسة أو اعتقالهم أمثال بيلوسي وكلينتون وأوباما وتشاك شومر.
كذلك هناك حركة براد بوي ولها فلسفة معادية للمرأة وتأسست عام 2016، وتقف ضد المهاجرين. ولمح ترامب لها في مناظرته الأولى مع بايدن حينما قال الأولاد الفخورون انهضوا واستعدوا.
خطر هذه الحركات تجلى فعليا في حملها للسلاح واتخاذها منابر في السوشل مديا لتسويق أفكارها، وسط مخاوف من تسرب هذه الأفكار لأفراد المؤسسة العسكرية الأمريكية.
غياب الرئيس السابق ترامب عن تنصيب بايدن، يحدث للمرة الرابعة في تاريخ أمريكا، فآدمز الذي هو أول رئيس يسكن البيت الأبيض غادره في ساعات الصباح الأولى من يوم 4 مارس 1801، موعد تنصيب خلفه الرئيس توماس جيفرسون، الذي خسر انتخابات الإعادة أمامه.
كذلك رفض جون كوينسي آدامز الرئيس السادس للولايات المتحدة، الذي حكم لفترة رئاسية واحدة (1825-1828)، حضور تنصيب خلفه الرئيس أندرو جاكسون.
أما ثالث رئيس أمريكي فعل ذلك فكان أندرو جونسون (الرئيس رقم 17 للبلاد)، الذي تولي الحكم في الفترة من 1865 إلى 1869، بعد انتهاء فترة الحرب الأهلية.
الملفات التي تهدد الديمقراطية الأمريكية حاليا هي الانقسام الداخلي، واستفحال اليمين الذي يقوده بقوة الرئيس السابق ترامب، مع شعبية تقدر ب75 مليون ناخب، قد تقسم الحزب الجمهوري، في حال قرر قادته التوافق مع الديمقراطيين على محاكمة ترامب.
ويعتمد بايدن على استحضار رموز الوحدة الأمريكية مثل دكتور لوثر كينغ وإبراهام لنكولن وروزفلت، في خطاباته، كما عزز حكومته بوزراء من أصول إفريقية ولاتينية، أبرزهم وزير الدفاع من أصول إفريقية الجنرال لويد أوستن.
تبقى السياسة الخارجية هي المحك الحقيقي لبايدن في محاولته العودة بأمريكا لدورها العالمي، مع اعتماده على أنطوني بلينكين الذي عمل معه في إدارة أوباما، ليسير دفة الدبلوماسية الأمريكية، مع إشارات بالإنفتاح على السلطة الفلسطينية بعد طول خلاف أيام ترامب، واعتزام إعادة فتح مقرها في واشنطن، وبعث الحوار الفلسطيني الإسرائلي من جديد، كما يبقى الملف الإيراني مطروحا بقوة مع العودة للتفاوض بمشاركة حلفاء أمريكا الأوروبين، والعودة لسياسة الحرب الباردة مع بكين وموسكو.
بوصلة أمريكا بايدن ينتظر منها إحداث التغيير، خصوصا مع العودة إلى منظمة الصحة العالمية واتفاق المناخ الموقع في باريس 2017، وتبقى المنطقة العربية خصوصا في المغرب العربي تنتظر موقف بايدن من ملف الصحراء، والتعامل كذلك مع الاعتقالات وملف الحقوق والحريات في العالم العربي ككل.