على مدار الساعة

مقال جميل.. ليس جميلا

4 يناير, 2021 - 11:16
أحمد ولد محمد سالم

طالعت قبل قليل مقالا للأستاذ محمد جميل ولد منصور على موقع الأخبار تحت عنوان "وقفات مع العمل السياسي"، تضمن ـ في رأيي ـ أخطاء كبيرة وتناقضات فجة وظلما لعصبة مجاهدة، إن تهلك فلن يعبد الله في الأرض ـ حقا ـ بعد اليوم..

 

أولا: الأخطاء القاتلة: 

ـ قال الأستاذ جميل إن "التاريخ الإسلامي لا يسعفنا كثيرا بتجارب نموذجية ومتكاملة في العمل السياسي الناجح"، ولعمري إنه لمنكر من القول، فأي تجربة أعظم وأقوم من تجربة الدولة المحمدية في المدينة المنورة وأي تجربة أعدل وأفضل من تجربة الخلافة الراشدة، وحتى التجارب الإسلامية اللاحقة رغم ما شابها، لا تقارن بأي تجارب الحكم لدى الآخر.

 

ـ رأى الأستاذ جميل أنه على الأحزاب الإسلامية أن تتقوقع على أوطانها (تلك الخطوط الوهمية التي صنعها المستعمر تفريقا بين المسلمين) وتدع الاهتمام بشؤون الأمة، وأي معنى ل"الإسلامية" لدى مسلم لا يهتم بأخيه المسلم ولا يتألم لأوجاعه ولا يمد له يد العون والمساعدة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم وصف لنا المسلمين بأنهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. 

 

والكارثة هنا أن المقصود في الغالب عندما يتعلق الأمر بضرورة الانكفاء على شؤون "الوطن" هو ودع القضية الفلسطينية، مما يعني ـ ضمنيا ـ تبرير خطيئة العثماني و"رفاقه"، والأدهى من كل ذلك أنه ربما يكون تبريرا استباقيا لخطوة مماثلة ـ لا قدر الله ـ أو لطريقة التعامل مع تلك الخطوة ـ لا قدرها الله ـ وذلك عندما يجوس التطبيع خلال ديارنا، لا قدر الله. 

 

ـ نسف الأستاذ بطرحه اليوم الأسس الشرعية لكل التضحيات التي بذلها الإسلاميون في عصرنا الحديث مناجزة للأنظمة الاستبدادية الحاكمة، حين اعتبر أن الأولى عدم مغالبة الحكام خشية الفتن، وأن ذلك هو خلاصة آراء العلماء بهذا الشأن..

 

ومع أن هذه الخلاصة فيها نظر إن كان لها أساس أصلا، فسيرة العهد الراشدي حافلة بمغالبة الحكام في الحق، إلا أنها عرت عن الشرعية كل نضالات الأستاذ جميل السابقة ونضالات كل الإسلاميين منذ المرحوم حسن البنا إلى السجبن محمود عزت، فكلها كانت مغالبة للحكام، وكان الأولى بالأستاذ جميل أن يسير على نهج الأستاذ حمدا ولد التاه والأستاذ إسلمو ولد سيدي المصطف، لأنه لن يكون أفضل مما كان، وأن يلتحق بالحزب الجمهوري منذ زمان..

 

ثانيا: التناقض:

يعتبر الأستاذ جميل "رفاق" العثماني في المغرب نموذجا في العمل الإسلامي السياسي الناجح وأنهم نجحوا بواقعيتهم في أن يحققوا مكانة في المغرب..

 

ومع أن الوصول إلى رئاسة شكلية للحكومة ليس هدفا في حد ذاته لدى من يسعى لخلافة الله في الأرض، إلا أن الأستاذ جميل أقر بأن تلك المكانة لم يكن لها أن تتم لولا الربيع العربي، ونسي جميل أن الربيع العربي ليس إلا مغالبة للحكام وفي أقصى تجلياتها "الشعب يريد إسقاط النظام »..

 

وهنا أزيد الأستاذ جميل بيتا يريدنا أن ننساه، وهو أنه لولا نضال العثماني وإخوته السابق ضد التطبيع لما تحققت تلك المكانة، كما أشاطره في توقعه بأن مكانة العثماني ورفاقه ستضعف بفعل ضعف الربيع العربي (المغالبة) وبسبب خطيئة التطبيع (خيانة قضايا الأمة).

 

ثالثا: ظلم العصبة

في غمط واضح للحق ـ ضن الأستاذ جميل بمجرد ذكر ولو عابر لمن يمثلون النموذج حقا في العمل الإسلامي ويضحون بالأنفس والأهل والمال والامتيازات والمناصب الرفيعة والمكانات العالية في سبيل التمكين للإسلام وتحقيق العدالة والحرية، إنهم الإخوان المسلمون في مصر، إنهم الأسوة الحسنة، إنهم قدوة الأمة الإسلامية وملهمو شعوبها، والشغل الشاغل لأعدائها الذين تربصت بهم كل دوائر الشر، فما لانوا ولا هانوا ولا بدلوا تبديلا..

 

وكان حريا بالأستاذ جميل وهو يوزع شهادات النجاح على من طبعوا و"فرنسوا" ومن تكيفوا مع العلمنة ومن تكيفوا مع العلمنة والتطبيع أن لا يكتم شهادته بحق إخوان مصر، لأني أعيذه من أن يأثم قلبه..

 

سطرت هذه الأسطر بعجالة نصرة للحق وتنبيها لأخ فاضل عساه يسعفنا بمقال عاجل يصحح الأخطاء ويزيل التناقض ويشهد بالقسط، وأستغفر الله لي وله.