على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تقدم ملف التعليم للجنة البرلمانية لإصلاحه (1) (الحلقة 4 من الملفات)

16 سبتمبر, 2020 - 16:58
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

كلمة الإصلاح تقول أولا للشعب الموريتاني إن علينا أن نتأسف جميعا لأن كل خيانة لوطننا سيادة أو ثقافة أو اقتصادا أو إداريا لا تأتيه إلا من أعلى سلطة عليه من عند رؤسائه مثل التطبيع أو وزرائه مثل نهب الأموال أو مدرائه مثل إفلاس الشركات أي كل من يعين بمرسوم استقلالا أو في مجلس الوزراء.

 

وهذا من اليوم الذي وقع فيه الانقلاب على أول حكومة مدنية شقت طريقها إلى الإنشاء والوجود حاملة علم موريتانيا شامخ الرأس بلا خداع ولا غش ولا، ولا، حتى في قضية اللغة الفرنسية التي كان أغلب شعبنا يقاطعها، وجاء الاستقلال ووجود لغتنا الرسمية صفرا في الإدارة ولكنها كانت في القلوب ، وأن السيادة لها هنا، وكانت الحكومة الوطنية آنذاك تتقدم إلى وضعها في مكانها لبنة لبنة كمن يبني دارا لا سكنى له في وطنه إلا فيها وبه ، ولكن تلك النخبة التي تحمل في قلوبها كرامة المساواة والعدالة، كان أي اكتتاب يطرح للمواطنين آنذاك يوظف من نجح فيه بأي لغة ولا لغة آنذاك إلا الفرنسية، وبما أنه كان المهتم بالتمدرس أيام الاستعمار هم سكان ولايات النهر وتكَانت فإن الناجحين كان أغلبهم سكان تلك الولايات حتى أنه كان عدد من الوزارات ولاسيما الفنية لا يوجد فيها إلا مواطنينا الزنوج مثل الصحة والتنمية والمياه إلى آخره، وكان ذلك حقهم ولم يعترض عليه أي أحد.

 

وبما أن هذا الوضع غير عادي ولا يتماشى مع الهوية العربية، فاللغة الرسمية لكل بلد تمثل ما يمثله له علمه ونشيده وحتى بطاقة جنسيته، فقد قامت تلك النخبة بتعميم فتح المدارس أولا بالازدواجية كما قامت بإرسال الشباب إلى الدول التي تعربت إدارتها قبلنا ولكن تعرب شعبنا قبلها وما زال كذلك، ولكن ما إن وصل العسكريون إلى الحكم حتى ماتت في قلوبهم نهائيا الشحنة الوطنية اللغوية للوطن، فهم يعرفون الوطن بمعنى الحدود فقط، ويموتون دون مساسه بأي سوء، ويفهون ذلك مكان الوطنية التي هي السيادة والتي تشمل ما ذكر جميعا أعلاه لغة وعلما ونشيدا ودستورا، وتأتي بها السياسة التي كانوا وما زالوا لا تخصص لهم فيها، مع أن أول عملهم في السياسة تلقتهم فيه الحركات الإديولوجية التي شغلها تحقيق إديولوجيتها ولو ضد هويتها وسيادة البلد اللغوية ولاسيما الاديولوجية التي تضاف إلى اليسار، فوطنها أفكار أخرى تريد تحقيقها، أما الاديولوجيات العربية بمختلف أسمائها فقد جاءت مع الأسف وقد اختلط على العرب العمل للهوية والعمل للسلطوية الطاغية المقدسة للفرد، وبذلك راوحت مكانها على تلك الطريق حتى أوصلت شعوبها إلى أبعد نقطة في الطابق السفلي من المجتمعات وهم الآن جميعا ولاسيما سمعتهم مثل قارون الذي خسف الله به الأرض بسبب العجب والكبر بهويته وما زال كما يقال كل يوم يقطع مسافة سفلية إلي يوم القيامة.

 

انظروا إلى العرب في الشرق تجدون أكثرهم تحت أقدام اترامب يتسابقون لإملاء جيبه ليقتل به بعضهم بعضا وهو يشترط عليهم أن يأتوه مطايا تحت فرسان إسرائيل تحش قلوبهم إليه، وانظروا كذلك في المغرب العربي فستجدون كرامتهم وشهامتهم يتوقف عدادها عند التهيئ الكامل لإبادة بعضهم بعضا لا لشيء إلا لاختلاف النظر في سفاسف الأمور ولم يخرج فيهم حتى الآن رجل رشيد لإزالة ذلك.

 

هذا السرد الأخير جيء به أثناء المقال لنوضح أن لقاء العسكريين والاديولوجيين بعد الحكومة المدنية لم ينتج إلا ميلادنا بغالا لا هوية لنا وما زلنا كذلك، نظرا إلى أن قادتنا العسكريين ومثقفينا الذين انشغلوا عن تحقيق الهوية الوطنية التي نسيجها العربية ولحمتها الإسلام الذي هو المرجع الأخير لكل فرد منا بعد الوصول إلى العمر الذي لا نهاية له، وهذا نحن جميعا بلغاتنا وألواننا متساوون في مرجعيته.

 

والآن، اسمعوا مني توضيحا لهذا الدليل فقد وجدت دليلا دامغا يؤكد فقداننا لهويتنا على يد مثقفينا ورؤسائنا – نعوذ بالله من ما أصابنا – فتلك الرسالة التي أشار إليها مشكورا النائب عبد السلام ولد حرمة موجهة إلى الرئيس الحالي من طرف المترشحين لرئاسة جامعة انواكشوط مكتوبة بنفس اللغة التي يكتب بها المترشحون لرئاسة جامعة باريس موجهة إلى المكروه عند المسلمين حتى من غير ترجمة فيا للعار، فهذه الفعلة النكراء المهينة لهذا الشعب الذي تمسكت قاعدته بهويته العربية وتمسك مثقفوه وسلطاته العليا حتى رؤسائه بالفضاء الثقافي الداخلي الأجنبي، ولا حجة للجميع إلا التغلب بطريقة الانقلابيين فلهم سلاح وليس عند الشعب سلاح، والسلطات عندها الحكم وليس عند الشعب حكم، ولولا هذه المعادلة لرأينا شعبا مثاليا في التعايش السلمي تحت مظلة الأخوة الإسلامية والتضامن والتآزر الطبيعي التلقائي بلا مادة ولا غوغائية.

 

هنا أتوقف عند نصف مقال إصلاح التعليم لأجعله حلقتين بادئا إن شاء الله في الحلقة الثانية بما خلفته كارثة كتابة رؤساء المثقفين في موريتانيا بلغة الونداليين إلى أعلى سلطة في دولة ينص دستورها في المادة الثامنة أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية فيها لنقف عند جواب الرئيس لهؤلاء الونداليين الموريتانيين الذين يريدون الترأس على شباب موريتانيا في جامعة الموريتانيين وهم من أصحاب الشمال لغة وفكرا ومستقبلا ، ولا يستحقون إلا نزع الهوية ويقال لهم: اهدوهم إلي طريق باريس ورئيسها المكروه في الإسلام {ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا ءامنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور}.