على مدار الساعة

الحاكم الذى نريد

19 أبريل, 2017 - 01:27
أحمد محمد الحافظ - Ahmedounahwi2009@gmail.com

ذهبت إلى المقهى رفقة صديق يحب الفلاسفة ويعشق الباحثين، صديقي متأثر جدا بواقع الأمة يعتبر أننا نعيش في زمن الانحطاط وأن بعض حكامنا مستبدون جشعون لا يراعون فينا إلا ولا ذمة ولا عهدا ولا ميثاقا.

 

سألته عن مواصفات الحاكم الذي يريد أن يحكمنا؟

سكت مليا ثم حملق في وقال: "أنا أريد حاكما من طينة حكام السويد أو فنلدا. صحيح أنهم غير مسلمين  لكنهم عادلون  يحترمون شعوبهم ويوفرون لها كل متطلبات الحياة الكريمة".

 

قال لي لو قرأت للعقاد كتابه - عبقرية عمر - لوجدتهم أكثر اقتداء بالخليفة العادل عمر ابن الخطاب من حكام المسلمين فهم يتجولون في الأسواق دون حراسات ويركبون القطارات دون أن يثير ذلك فضول العامة.

 

 أبناؤهم مثل عامة الناس وليسوا مثل أبناء بعض حكامنا الذين يعيثون في الأرض فسادا ويهلكون الحرث والنسل.

 

نريد حاكما متعلما يعرف قيمة العلم، حاكما سهر من أجل أن يحصل على شهادات عليا وليس مجرد عسكري حصل على كل نياشينه وشهاداته بالوساطة أو بمحض الصدفة أو بتحكمه في السلطة.

 

نريد حاكما يكون من خريجي الجامعات العريقة في الشرق أو الغرب، حاكما يحترم القانون ويقدسه لا حاكما يتمرد على القانون ويفصله على مقاسه.

 

نريد حاكما يدرك قيمة العدل ويطبقه دون تمييز ويكون الناس عنده سواسية  كأسنان المشط يأخذ على يد قويهم إن ظلم أو تجاوز ويعطف على ضعيفهم وينشر بينهم الطمأنينة والأمن والعدل.

 

نريد حاكما يكرس التناوب السلمي على السلطة ويكرس مفهوم المحاسبة والمساءلة، حاكما يكمل إصلاحات من سبقه للحكم لا حاكما يلعن  أسلافه ويعتبر زمانه زمان "عمر ابن عبد العزيز" .

 

نريد حاكما لا يورث الحكم لأبنائه أو أصهاره أو حاشيته أو رعاة مصالحه، حاكما يجالس الفقراء ويعطف عليهم ويقضى حوائجهم دون أن ينتظر منهم جزاء ولا شكورا ويكون شغله الشاغل مصالحهم لا مصالحه الشخصية.

 

نريد حاكما صادق الإيمان، اعتماده على اللـه لا تتزعزع ثقته به وفي شعبه ولا تغيره صروف الدهر ، يعامل الدول بالندية ويدافع عن مصالح شعبه باستماتة ووطنية.

 

نريد حاكما نظيف اليد حسن الخلق طيب السريرة لا يغره تزلف المتزلفين وينتقي حاشيته كما ينتقي رجل الحرب سهامه فيكونون أعوانا له على الحق وصمام أمان للبلاد والعباد .

 

نريد حاكما  يعامل شعبه بحب وعطف يهديهم الورود والزهور بعد تأمين الحياة الكريمة دون منة من غير انتظار مصلحة أو تمديد مأمورية.

 

نريد حاكما من الناس يعيش معهم آمالهم وآلامهم، لا حاكما متجبرا متكبرا يخاطب مواطنيه من برجه العاجي ولا يدرى شيئا عن أحوالهم وطموحاتهم.

 

نريد حاكما خادما لشعبه يسخر وقته في بناء بلده وتلبية تطلعات شعبه وترسيخ التنمية وتشييد الحضارة.

 

لا توجد هذه المواصفات في الكثير من حكام العرب فهل يمكن لأحدى دول الغرب "الكافر" أن تعيرنا "حاكما" يحكمنا ولو لبضع سنين لعله يصلح ما أفسده القوم، ويعيد الروح لجسد أمة منهك، وقديما قيل "في الغرب إسلام بدون مسلمين وفي الشرق مسملون بدون إسلام".