على مدار الساعة

لَيْسَ عَلَى الشَّرْقِ طَخَّاءٌ يَحْجُبُ

8 يوليو, 2020 - 13:50
بقلم محمد يسلم يرب ابيها

إن كان من أمر مسلم به، تسليم الموحدين بأحدية الذات، ثابت كالجبال الراسيات، ومعلوم بالضرورة، كتعاقب النور والظلمات؛ فإنها لمقولة: "الحق يعلو ولا يُعْلَى عليه".

 

نعم، يعلو الحق شاهقا، وينقلب زيف الباطل سرابا، كما تنقشع سحابة الصيف، وكما يذوب الملح في الماء. وقديما قيل: "إنَّ لِلْبَاطِلِ جَوْلَةً وَيَضْمَحِلُّ".

 

فالباطل، القائم على حيل المبطلين وكيدهم، - "وَإِنْ كَادَ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" -، لا يصمد أمام الحق، إلا كما يصمد الثُّمَامُ أَمَامَ الْبَارِحِ التَّرِبِ...

 

سيعلم ذلك المبطلون، المتلذذون بقلب الحقائق، المتفننون في تلفيق الكذب والأباطيل، ونسج خيوط الترهات، نسجا كخيوط نسج العنكبوت تشابكاً وَوَهَناً؛ البارعون في حبك المؤامرات المغرضة؛ الذين لا يرْعَوُونَ عن بهتان ولا تلفيق مَسَبَّة، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة...

 

أولئك الذين "ابتغوا الفتنة من قبل"؛ ابتغوها من قبل 2008 م؛ أي من قبل عشرية المشاريع العملاقة، والإنجازات الشاخصة المبهرة، و"ابتغوا الفتنة" خلالها؛ فأمضوا عشر سنين في إذكاء الفتنة، والإرجاف، والتشغيب، وعدم التورع عن استخدام شتى أنواع المكائد والحيل...

 

أولئك الذين "قلبوا لك الأمور"، مباشرة بعد اتخاذ أشجع قرار، وأجمله؛ وهو القرار القاضي بتسليم السلطة طواعية، في رابعة النهار؛ في يوم مشهود، أشهدت فيه موريتانيا العالمَ أجمعَ، أنَّ الديمقراطيةَ الموريتانية، قادرة على تحقيق التناوب السلمي على السلطة.

 

وما ذاك، إلا لأن إرادة "صانع نهضة موريتانيا الحديثة"، اتخذ يومها القرار الصائب، الذي لا رجعة فيه، بالتنحي عن السلطة طواعية، وعدم الترشح لمأمورية ثالثة؛ مع أن أصواتا كثيرة، غير خافتة آنذاك، نادت بالأمر، حتى تحت قبة البريمان!

 

وفي محاولات يائسة، وبِحِيَلِ سخيفة، لا تنطلي على أغبى الأغبياء، سعيا لقلب كل الحقائق الماثلة للعيان؛ عملت ماكينات الحقد، وطواحين الكيد، إلى تحويل عشرية البناء والتشييد، إلى عدم محض؛ متوخية من وراء ذلك قلب صورة "أقوى رئيس" وشخص "صانع نهضة موريتانيا الحديثة" الكارزمي، إلى صورة " المجرم"، "الناهب"، "المحتال". فَيَا لَلْبَهيتَةِ، وَيالَلْعَضِيهَةِ!

 

ويا للعجب، إلى كم يصل الكائدون من هوْلٍ في تقليب الأمور، وصرفها عن حقيقتها. تماما، كما كان يفعل الذين في قلوبهم مرض والمنافقون في المدينة؛ ولنا في حديث الإفك خير تذكرة، وأبلغ عبرة..

 

أَلِيْسَ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ سُرْعَةُ الْعَذْلِ؟

 

ولكن لا بأس، فـ "لَيْسَ عَلَى الشَّرْقِ طَخَّاءٌ يَحْجُبُ"، كَمَا أن "لَيْسَ بَطِيءٌ مِنْ بَنِي أُمِّ الْفَرَسِ"، وكَمَا لا يحتاج النهار إلى دليل!

 

وسينقلب السحر على الساحر، حين تكشف تحريات وتحقيقات لجنة التفتيش البرلمانية، عن زيف كل الادعاءات المغرضة، التي رُوِّجَتْ في حق رئيس "المشاريع العملاقة"، و"صانع نهضة موريتانيا الحديثة"...

 

كذلك، فإن الشعب الموريتاني، يعي تمام الوعي، ويدرك كامل الإدراك، أن النقلة النوعية التي شهدتها البلاد في عهد الرئيس السابق، هي التي أنقذت موريتانيا من التردي في درك الوهن، والانفلات الأمني، وانعدام البنية التحتية الملائمة، ومكنت من القضاء، إلى غير رجعة على "النهب المبرمج" لأملاك الدولة، والاختلاس، على مرأى ومسمع من الجميع، للمال العام وممتلكات الدولة.

 

وما كان لتلك النهضة أن تتم، لولا الحكامة الرشيدة، والمتابعة الدقيقة لتنفيذ المشاريع. فالبنية التحتية التي شيدت، إنما أنجزت بترشيد المال العام، والحفاظ عليه، من نهب الناهبين، وسطو الراشين والمرتشين، الذين ساموا هذه البلاد سوط عذاب متواصل، أدي إلى صنوف من الفقر والحرمان، وهو ما ولَّدَ عذاباتٍ أليمةً لشرائحَ وفئاتٍ عريضةٍ من المواطنين، طيلةَ عقودٍ مضتْ.

 

كذلك، سيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من:

- السيارات الحكومية، التي تحمل لوحات "أس .ج" الشهيرة، وهي تجوب الصحاري، راعية إبل المسؤولين السامين في الدولة، والمتنفذين، بلا حياء ولا خجل، حين انعدمَ الرقيبُ والمفتشُ؛

 

وسيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من :

- رُزَمِ دَفاترِ أَوْصالِ التَّزوُّدِ بالوقودِ على حساب الدولة، المعروفة بـ "تيكتات كزوال"، الشهيرة، وتذاكر السفر إلى الخارج، والسياحة الطبية، وآلاف الاعتمادات المالية لموظفين وَهْمِيينَ في الدولة؛

 

وسيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من:

- فواتير المكالمات الهاتفية العبثية، وفواتير الماء والكهرباء، المهدرة في قصور تفرغ زينه المهجورة، والتي كانت تَصِلُ إلى مئات الملايين، ولا تسدد منها أوقية واحدة للدولة؛

 

وسيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من:

- تغوُّل التجار المتنفذين، الذين كانوا ينهبون المال العام من خلال صفقات عمومية غير مضبوطة، بل تطبعها الفوضى في الإشراف، والهشاشة في التنظيم؛ فيحتسبون في "فواتيرهم" التي يتقدمون بها إلى الخزينة العامة، ما يشاؤون من تضخيم للتسعيرة، ومبالغة في الأثمان، تفوق الخيال، ويعجز عنها الوصف؛

 

وسيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من:

- فوضوية عارمة وتسيب تام في الحالة المدنية، يمس في الصميم أمن الدولة، ويهدد كيانها؛ حيث كان الأجنبي "يصبح" أجنبيا، على الضفة الجنوبية، ويمسي "موريتانيا" على الضفة الأخرى. يكفيه لذلك، الحصول على "شكلية" ورقية صفراء اللون، من "بطاقة التعريف الوطنية" الموريتانية، ليصبح موريتانيا!

 

سيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بأنه الرئيس الذي خلص الموريتانيين من:

- إرهاب مقيت، قتل أبناءنا البررة في "لمغيطي"، و"الغلاوية"، ووصل أُوَارُهُ إلى العاصمة نواكشوط ، "ضُحىً والناسُ يلعبونَ"؛ على حين غفلة من الجميع، ووهن من كيان الدولة، وانهيار من الجيش؛ رغم بسالة جنودنا الأشاوس؛ حيث لم يكونوا يملكون، لا السيارات رباعية الدفع، ولا الوقود الكافي، لتتبع المجرمين القتلة، وملاحقتهم؛

 

وسيظل الشعب الموريتاني يعترف بالجميل لمحمد ولد عبد العزيز، بكل ذلك وغيره مما يطول ذكره، ولا يتسع المقام لحصره.

 

ستظل موريتانيا تذكر، وللأبد، الإنجازات البارزة التالية، مع أنها من بين إنجازات أخرى، يطول ذكرها، كما أسلفنا، فهي إذا غيض من فيض:

- الأمن المحكم على الحدود الجوية، التي أصبحت محمية، بفضل تطوير قواتنا الجوية؛ والبحرية، وهنا نذكر الإشراف الشخصي والتتبع شبه اليومي، لكل مراحل بناء سفينة "انيملان" العسكرية، وهو إنجاز طالما انتظرته قواتنا البحرية؛ وكذا إحكام السيطرة على الحدود البرية، عبر تحديد نقاظ للعبور، حيث يتم التأكد من هوية كل داخل إلى البلاد، وخارج منها، إنهاء بذلك لعقود من الفوضى والتسيب في الولوج إلى الأراضي الموريتانية، من طرف كل من هب ودب.

 

- اكتشاف واستغلال بحيرة "اظهر"، و"بوحشيشة"، وإعادة تأهيل سد "فم لكليته". وحسبنا مشروع بحيرة "اظهر" الذي أوصل الماء إلى صنابير وحنفيات مواطني الداخل، وساكنة النعمة بالأخص، وهي الساكنة التي لم تكن تظن أن حلم الماء الشروب، المعين الزلال، المنهمر رقراقا في المنازل والبيوتات، سيتحقق يوما؛

 

- طباعة القرآن، كتاب الله العزيز، في "مصحف شنقيط"، وتلاوته، آناء الليل وأطراف النهار، عبر أثير "إذاعة القرآن الكريم"؛ والدروس، والمحاضرات، والوعظ والإرشاد الذي يتم على شاشة "قناة المحظرة"؛ وكلها مشاريع لم تر قبله النور، ولا شِيمَ بَرْقُهَا!

 

- طرد سفارة الكيان الصهيوني من نواكشوط، وكان ذلك غَسْلاً للعار عن جبين شنقيط الأغر، وإعادة إلى كل مواطن، عزتَهُ وكرامتَهُ. ولو أنصفنا محمد ولد عبد العزيز، لقلنا في حقه، جزاء على ذلك، قولة الحبيب المُفدَّى، عليه صلاة ربي وسلامه أبدا، حين جهز ذو النورين، رضي الله عنه وأرضاه، جيش العسرة: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم)!  

 

- تشييد الطرق، والسدود، والممرات، والأرصفة، في عواصم الولايات، والمدن التي تَمَّ إنشاؤها؛ محاربة للتقري العشوائي، وفكا للعزلة عن كل قرية، وقُرَيَّةٍ، وحاضرة!

 

- الصيد التقليدي، وصيد الأسماك، بـ"زوارق صنعت في موريتانيا"، وبخبرات كونت في موريتانيا، وبيد عاملة موريتانية؛ وتوزيع السمك، يوميا، من نوع "يايبوي"، بسعر زهيد أو مجانا على المواطنين، من طرف "الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك"؛ التي هي فكرة عبقرية، من وحي تصميم وعزم محمد ولد عبد العزيز، وحبه للفقراء والمساكين في هذا البلد؛

 

- مصنع الألبان، التي يتم تعليبها تحت اسم حليب "انكادي"، في مصنع الألبان في النعمة؛ وكذا مصنع التمور، التي يتم تعليبها في مصنع "تمور موريتانيا" بأدرار؛

 

- حصاد الأرز، القمح، أو الشعير، وهي أصناف يتم حصادها على الضفة، ومنها ما جرب لأول مرة في موريتانيا، كالقمح والشعير؛ وذلك بفضل استصلاح آلاف الهكتارات، من الأراضي الزراعية من طرف شركة "اسنات" للاستصلاح الزراعي؛

 

- تشييد" مطار أم التونسي" الدولي، الواجهة الجديدة المشرفة لموريتانيا، وهو مطار أصبح ينافس مطاراتٍ عريقةَ في المنطقة، لم تكن دُوَلُها تتوقع يوما من الأيام أن يتم تشييد مثله، ليصل إلى درجة المنافسة الاستراتيجية البعيدة المدى؛

 

- إنشاء ثانويات "الامتياز"، و"الثانوية العسكرية"، و"معهد التكوين التكنولوجي" في روصو، و"جامعة نواكشوط العصرية" بجميع كلياتها؛ وهي من أكبر الإنجازات الملموسة على أرض الواقع، والتي عجزت كل الأنظمة والحكومات السابقة عن تحقيقها؛

 

فلمحمد ولد عبد العزيز الشكر الخالص من قلب كل مواطن بسيط، لا "يرشي" ولا "يرتشي"، يحب وطنه بصدق، ويتمنى له الخير العميم.

 

ولسان حال الشعب يقول له، كما قالت خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، للمصطفي صلي الله عليه وسلم، وهو إذ ذاك في بداية التصدي لظلم قريش وباطلها:

 

والله لا يخزيك الله أبدا، فلقد أعنت الْكَلَّ، بدكاكين "أمل" التي لا زالت قائمة، توفر المواد الغذائية الأساسية للمواطنين، ذوي الدخل المحدود، بأسعار مخفضة؛

 

ولقد أكسبت المعدوم، بخلق آلاف فرص الشغل في الصيد التقليدي، حين "حرمت صيد الأخطبوط" على الأجنبي، وقررت "مرتنة" شواطئنا؛ ومنحت آلاف القطع الأرضية، في الأحياء الشعبية؛

 

ولقد أعنت على نوائب الدهر، حين أرسلت طائرات "الموريتانية للطيران"، وهي مؤسسة وليدة تصميمك وعزمك؛ لتنقذ الموريتانيين العالقين في "ليبيا" وفي مناطق أخرى من العالم؛

فهذا هو لسان حال المخلصين لهذا الوطن، الذين لم يؤيدوا محمد ولد عبد العزيز، ولم ينصروه يوم أن كان رئيسا، لسواد عينيه، ولا طمعا في تعيين ولا امتيازات؛ وإنما كان تأييدا منهم لما رأوا ولمسوا على أرض الواقع من إنجازات ملموسة لصالح الوطن والمواطن، ما كان لها أن تتحقق؛ لولا أن قيض الله لموريتانيا ابْناً بارًّا مثله، أمَّنَ الرُّبوعَ، وحَمَى الحِمَى، وشيَّد وبَنَى، وفي خدمة وطنه وشعبه تَفَانَى...

 

فكيف يكون جزاء من هذا صنيعه، وهذه حصيلة فترة رئاسته المشرفة؛ كجزاء "سنمار" . ما لكم كيف تحكمون، أيها الحاقدون الجبناء، الظلمة، الأغبياء. قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمينَ كَالْمُجْرِمينَ. مَا لَكْمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.

 

إن محمد ولد عبد العزيز، يكفيه من الشرف أنه خدم وطنه بإخلاص، وآمن بفريضة إنقاذ الوطن من عهد "الحكم البائد" ورموز "المفسدين". أفيَظُنُّ عاقلٌ بعد ذلك، أن الشعب الموريتاني سيقبل الانتكاسة في أموره، والرجوع إلى الوراء. كلا، وألف لا، وهيهات، هيهات.

 

لقد وَلَّى إلى غير رجعة عهد التسيب، وضعف الدولة، وهشاشة مؤسساتها، وعجزها عن القيام بالمهام الأساسية المناطة بها. ولقد وَلَّى إلى غير رجعة، عهد تحكم رجال الأعمال، الذين لا يدفعون الضرائب لخزينة الدولة، ويتحكمون في تعيين الوزراء، والأمناء العامين، والمدراء. لقد وَلَّى ذلك العهد، ولن يعود. ولن تُجْدِيَ محاولات رموز "الكومبرادور"، وأذيالها المرتهنة سلفا للأجنبي، والتي مولت وتمول حملة "الجلد الإعلامي" الظالمة، الغاشمة التي نشهدها في وسائل إعلام رخيصة، تعيش على الفُتات، ولا تحترم مهنة الصحافة، صاحبة الفخامة، والسلطة الرابعة.

 

وهي نفس فئة رأس المال الوطني المتمالئ مع الأجنبي المعروفة بـ "الكومبرادور"؛ المتربصة بهذا الوطن، وبتواطئي إجرامي مع المعارضة الراديكالية العدمية؛ إلى جنب ثلة من "الوصوليين" و"الانتهازيين"؛ ولكن لن يستطيع كل هؤلاء النيل من مكانة محمد ولد عبد العزيز في قلوب الموريتانيين، ولن تجدي محاولاتهم نفعا، مهما كادوا لهذا الشعب المسكين، وأمعنوا في التنكيل بالمواطنين الأبرياء، وعملوا على حرمانهم من الاستفادة من خيرات وطنهم.

 

لا، لن تعود العجلة إلى الوراء. كلا، ولن يعود الأمسُ، فذاك هراء. فموريتانيا قد وُضِعت على السكة الصحيحة، سكة البناء والنماء، وأجمعت غالبية المواطنين على انتخاب الرئيس الحالي، صِنْوِ وصديق سلفه، ورفيق دربه. وَهُوَ مَنْ هُوَ، وفاء بالعهد، وإخلاصا للوطن، وتفانيا في خدمته. فلا يَظُنَّنَ واهم أن الرئيس الحالي لموريتانيا، فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ينوي الانتكاسة بالبلد، أو الرجوع به إلى الوراء. فالرَّجُلاَنِ من نفس الطينة، والمدرسة، والمشرب.

 

ونُذَكِّرُ الجميع بأن لا أحد فوق القانون، ولا أحد أكبر من توجيه التهم إليه، ومساءلته؛ لكن القانون يمنح من الحصانة للرؤساء ما لا يمنح لغيرهم. وهكذا، وطبقا للقانون الموريتاني فإن الرئيس لا تمكن محاكمته، إلا بعد توجيه تهمة "الخيانة" العظمى إليه، من طرف محكمة العدل السامية، التي يعمل البرلمان الحالي على استكمال التعديلات اللازمة لشروط قيامها، حتى يتسنى لها تأدية مهامها على أكمل وجه، بكل تجرد، وشفافية، ونزاهة، وإخلاص للوطن. وتلك مرحلة، قد يسبقها استدعاءٌ للاستماع، يُوَجَّهُ إلى المواطن محمد ولد عبد العزيز، متى ارتأت لجنة التحقيق البرلمانية، أن توجه الدعوة إليه، لتوثيق تصريحاته، وردوده، وأجوبته، على التساؤلات التي قد تطرحها، قبل أن تسلم تقريرها للبرلمان، نهاية الشهر الجاري.

 

كل هذا، لا اعتراض عليه، لكن شريطة حفظ الحقوق لكافة الأطراف، في جميع مراحل التحري، والتحقيقات، والاستماع؛ وصولا إلى توجيه التهم، الذي قد يُفْضِي في نهاية المطاف إلى محاكمة، يجب أن تكون مستوفية لشروط النزاهة، والشفافية، والعدالة. كما أنه لا بد من التطبيق الصارم لمبدآ "البراءة، حتى تثبت الإدانة"، وكذا مبدأ "لا جريمة إلا بنص"، ومبدأ "شخصية الجريمة والعقوبة"؛ ومبدأ "المواجهة في المرافعات" وعلانيتها.

 

وستتعزز مصداقيةُ الدولة وهيبتُها، من خلال احترام ما ذكرناه، في جميع فصول التحقيقات المتعلقة بتسيير المال العام وممتلكات الدولة، طيلة فترة حكم الرئيس السابق، السيد محمد ولد عبد العزيز.

 

كما نُذَكِّرُ هنا بأننا واثقون، كامل الثقة، في نزاهة وشفافية التصريح الذي قام به الرئيس السابق، السيد محمد ولد عبد العزيز، حين قدم في السابع من أكتوبر سنة 2010 ملفا كامل الشروط والعناصر المطلوبة في التصريح بالممتلكات، إلى اللجنة الوطنية للشفافية المالية في الحياة العمومية، وهو إجراء جاء تطبيقا للقانون رقم 2007/54 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2007 والمتضمن نظام الشفافية المالية في الحياة العمومية، الذي يلزم رئيس الجمهورية والوزير الأول وأعضاء الحكومة والموظفين السامين وسائر المسؤولين في هرم الدولة، بالتصريح بممتلكاتهم أمام اللجنة.

 

كما نُذَكِّرُ كذلك بالتصريح الذي قام به الرئيس السابق، السيد محمد ولد عبد العزيز، حيث قدم في نهاية مأموريته، ملفا كامل الشروط والعناصر المطلوبة في التصريح بالممتلكات، إلى نفس اللجنة، أي اللجنة الوطنية للشفافية المالية في الحياة العمومية.

 

فلا يقلقنا إطلاقا كل ما قد ترى اللجنة البرلمانية الموقرة أنه وارد، من استدعاء واستماع، إلى من تشاء، في كل ما يتعلق بنطاق مهاهما المنوطة بها، وصلاحياتها المخولة لها، طبقا للنص القانوني المنشئ لها. فنحن في دولة القانون، ولا أحد فوق القانون، ولا أحد أكبر من المساءلة.

 

وفي الختام نقول للمرجفين، والشانئين، الذين يخلطون الحق بالباطل، من خلال سعيهم إلى "تصفية الحسابات الشخصية"، باسم الشفافية واحترام القانون، والحرص على المال العام.

 

نقول لهؤلاء، ولأولئك الذين "يَسْقُونَ مِنْ كُلِّ يَدٍ بِكَأْسٍ ، من خلال تغريدات على اتويتر، يدعون فيها إلى استلهام تجربة الجزائر الحالية، وأولئك الذين "يُوهونَ الأديمَ ولا يَرْفَعُونَ"، وهم ممن يسعون إلى "تَطْيِينِ عَيْنِ الشَّمْسِ"؛ نُذَكِّرُهُمْ أنه "لا يَضُرُّ السَّحَابَ نبحُ الكِلاَبِ".

 

وفي الختام، لن يكون كيد هؤلاء وأولئك، حين يظهر الحق جليا في رابعة النهار؛ مُثْبِتًا ومُؤَكِّداً براءة السيد محمد ولد عبد العزيز، من أي مساس بالمال العام؛ لن يكون حالهم إلا كما جاء في قوله جلَّ من قائل: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حتى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.

 

كما يقول جل شأنه: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبونَ}.