على مدار الساعة

استدعاء عزيز للتحقيق: خيارات اللجنة والرئيس السابق

7 يوليو, 2020 - 13:06
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز خلال آخر ظهور إعلامي له في مؤتمر صحفي عقده بتاريخ 20 ديسمبر الماضي (الأخبار - أرشيف)

الأخبار (نواكشوط) – شكل رفض الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز استلام الاستدعاء الذي وجهته له لجنة التحقيق البرلمانية مرحلة دالة على الطريقة التي اختارها الرئيس السابق للتعاطي مع اللجنة، ورغم ذلك تبقى العديد من الخيارات قائمة، سواء بالنسبة له، أو للجنة التحقيق، لم تحسم بشكل نهائي قبل زوال الخميس القادم.

 

وقد شكل إصدار اللجنة ظهر أمس الاثنين استدعاء رسميا للرئيس ولد عبد العزيز مرحلة جديدة قطعت الشك الطويل الذي دار حول استدعائها له من عدمه، فيما انتقل الاهتمام والمتابعة والانتظار إلى البحث عن قرار ولد عبد العزيز، وعن طبيعة ردة فعل اللجنة على هذا القرار.

 

وتبدو الخيارات المتصورة أمام ولد عبد العزيز هي أن يعدل عن قرار رفض الاستدعاء ويقرر الحضور، أو يواصل الرفض، وفي حال فضل هذا الخيار يظل من الوارد التساؤل حول ما إذا كان سيفعله في صمت، أم سيفضل إعلانه إعلاميا، وبأي طريقة سيختار ذلك.

 

 أما خيارات اللجنة، فتبدو متعددة هي الأخرى، بين تقبل قراره بالغياب، أو تسخير القوة العمومية لإحضاره، كما يرد السؤال حول سبيل إخراجها لموقفها، هل ستصدر بيانا به، أو تعلنه عبر مؤتمر صحفي، أم ستكتفي بتضمين الأمر في قرارها النهائي.

 

خيارات الرئيس السابق

رغم رفض الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز استلام الاستدعاء الذي وجهته له اللجنة البرلمانية إلا أن خيار حضوره يظل قائما اعتمادا على آخر تصريح علني له فجر 20 ديسمبر الماضي.

 

فقد قال ولد عبد العزيز في آخر مؤتمر صحفي له إنه لا يخشى أي تحقيق، وإنه على استعداد للمثول أمام أي لجنة تحقيق، مؤكدا أنه لا يخاف أي شيء، وأن خوفه إنما هو على البلد.

 

ووصف ولد عبد العزيز سعي النواب لتشكيل لجنة للتحقيق في فترة حكمه بأنها "اهدادة الحلمة على اشراطة" وهو مثل حساني يضرب لمن يتعرض لما يرجح أن يكون ضرره عليه أكثر.

 

عقب هذا التصريح، غاب الرئيس السابق عن الأنظار، مفضلا قضاء أغلب وقته في بوادي إنشيري.

 

ومما يؤشر لإمكانية حضوره أمام اللجنة تجاربه في عدم تفويت أي فرصة للظهور الإعلامي، واتخاذه لقرارات تبدو نتائجها غير مضمونة، غير أن محاولته كسب نقاط إعلامية قد يجعله يخسر نقاطا قانونية.

 

وفي حال رجح المثول أمام اللجنة البرلمانية التي تضم 9 أعضاء 6 منهم من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، يظل من الوارد التساؤل عن الأسلوب الذي سيختاره للتعاطي معها، هل سيستغل المنبر للرد على اتهامه في ملفات فساد بكشف ملفات فساد أخرى، أو سيفضل الحديث بشكل إجمالي، والرد المقتضب على أسئلة البرلمانيين.

 

رفض للحضور

كما يظل خيار رفض الرئيس السابق ولد عبد العزيز الحضور أمام لجنة التحقيق البرلمانية رغم استدعائها له قائما، وهو ما يدعمه رفضه استلام الاستدعاء قبل قرابة 48 من الموعد المحدد لمثوله، وهو بهذا الخيار يفضل مواصلة التواري عن المجال العام التي بدأها منذ ديسمبر الماضي، وكذا تجنبه الرد على الملفات التي تم تداولها عنه خلال الأشهر الأخيرة كاتهامه بالتحايل على شركتي الماء والكهرباء، وكذا ما تم الحديث عنه في مجال العقارات.

 

كما يؤشر لغيابه عدم مثول أي من الدائرة المقربة أمام لجنة التحقيق البرلمانية، وخصوصا صهره محمد ولد امصبوع، وابن عمه المقرب منه سيدي أحمد ولد عبد العزيز، وكذا رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوباتي، والذي يوصف بأنه أحد واجهاته المالية.

 

ويمكن لقراره برفض الحضور أمام اللجنة أن يأخذ أكثر من طريقة، فقد ينفذه في صمت، وقد يعلنه عبر بيان، أو تصريح، أو عبر محاميه.

 

خيارات لجنة التحقيق

من الواضح، أن لجنة التحقيق البرلمانية أرادت إيصال رسالة من خلال استدعائه للرئيس السابق، حيث فضلت تضمين الاستدعاء إحدى التهم التي يصنفها قانون محكمة العدل السامية - تحت التعديل - ضمن "الخيانة العظمى"، وهي تهمة المساس الذي وصفته اللجنة بالخطير بالدستور.

 

ويشير تزامن الاستدعاء مع تقدم إجراءات تشكيل المحكمة العليا برسالة واضحة بالتقدم في هذا المسار.

 

وهذا يعني أن اللجنة ترى أن الاستماع للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في حال قبل المثول أمامها مجرد خطوة في مسار عمل البرلمان الذي خوله له الدستور، والذي يبدأ بالتحقيق، ويمكن أن يصل المحاكمة، رغم الجدل الدائر حول اختصاصها بالنسبة للرؤساء السابقين.

 

أما في حال رفض الرئيس السابق الحضور، فإن خيارات اللجنة تبدو هي الأخرى متعددة، ومنها إمكانية أن تلجأ لتسخير القوة العمومية لاستجلابه، كما فعلت لجنة تحقيق برلمانية سابقة مع خت بنت البخاري زوجة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وكما لوحت اللجنة بذلك لوزراء سابقين تلكأوا في الاستجابة لرسائلها.

 

كما يمكن أن تتجاهل الأمر، وتضمنه الخلاصة التي وصلت إليها بشأنه ضمن تقريرها النهائي، وتشير إلى رفضه الحضور.

 

ومن ضمن الخيارات التي يمكن أن تلجأ لها اللجنة أن تصدر بيانا حول الموضوع، توضح فيها المستند القانوني الذي على أساسه بنت قرارها، وربما تشير فيه بشكل إجمالي للقضايا أو الملفات التي كانت تود الحصول على توضيحات حولها من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

 

وفي انتظار انجلاء الصورة في أفق زوال الخميس القادم، ومعرفة القرار النهائي للرئيس، وكذا طبيعية تعاطي اللجنة مع قراره، يحبس الرأي العام الموريتاني أنفاسه، وهو يتابع محطة جديدة من محطات صراع الصديقين اللدودين، أو العدوين الحميمين محمد ولد عبد العزيز، ومحمد ولد الغزواني، وهي محطة تأتي بعد مواجهة الحزب الحاكم، وواقعة تجمع الحرس الرئاسي، فيما لا يمكن الجزم ببقية المحطات المتبقية فيه.