على مدار الساعة

الساحل الإفريقي بين الإرهاب والترهيب

7 يوليو, 2020 - 02:32
الشيخ سيديا ولد المحجوب

احتضنت نواكشوط قمة دول الساحل بحضور كافة رؤساء الدول المعنية والرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة الإسباني وآخرين ...

 

ويتساءل الكثير من المتابعين عن سبب هذه الأهمية الزائدة التي توليها فرنسا لهذه القمة والتي أدت إلى انعقاد هذه القمة واقعيا في هذا الظرف الصحي الاستثنائي؟

 

غيرُ خافٍ على أحد مدى الاهتمام الذي توليه فرنسا لمنطقة الساحل ففيها تتداخل المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية تحت يافطة عنوانها الحرب على الإرهاب لكن عناونين جانبية كثيرة تدخل في تفاصيل هذا العنوان.

 

في منطقة الساحل الإفريقي وجد كثير من أفراد القاعدة السابقين و الجماعات الأخرى بعد هزيمتهم في آسيا ملاذا آمنا نسبيا بسبب ضعف حكومات المنطقة وفساحة الصحراء وبعدها تقريبا عن السيطرة المركزية.

 

كل ذلك جعل هذه المنطقة فناء خلفيا لمختلف الجماعات المسلحة المنشقة عن القاعدة أو الموالية لها أو تلك الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أو المنحدرة من تنظيم جماعة الدعوة والقتال الجزائرية.

 

وهكذا أصبحت هذه المنطقة المحطة النهائية لمنطقة "قوس الأزمات" الممتد من أفغانستان مرورا بإيران والجزيرة العربية ومنطقة القرن الإفريقي حتى منطقة الساحل.

 

وهناك معطيات ساهمت في تعزيز الوضع في المنطقة هي بشكل سريع؛ هزيمة القاعدة في آسيا، وانهيار نظام القذافي، وانتشار الأسلحة في المنطقة، وضعف مؤشرات التنمية، وشيوع الفاقة والبؤس في هذه البلدان مما سهل تجنيد أبنائهم.

 

غير أنه بالموازاة مع هذه الجماعات نمت وتطورت تنظيمات أخرى تقاسمت المجال معها، وتداخلت مصالحهما تارة واختلفت تارة أخرى، وهي جماعات الجريمة المنظمة بما ذلك تجارة المخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر والهجرة السرية نحو أوروبا .

 

ولقد وجدت فرنسا في هذا الوضع فرصة لا تعوض لتعزيز نفوذها في المنطقة التي بدأت تجذب اهتمام لاعبين كبار من قبيل الولايات المتحدة والصين وألمانيا وأصبح يهدد النفوذ الفرنسي التاريخي في المنطقة خصوصا مع ظهور مؤشرات تدل على غنى المنطقة بالمواد الأولية (النفط واليورانيوم والذهب والفوسفاط...).

 

وجدت فيه سبيلا لإلقاء الحبل على الغارب لشركتها العملاقة لتسرح وتمرح كما يحلو لها في المنطقة مثل  Areva وTOTAL..

 

ووجدت فيه سبيلا لتجنيد حكومات المنطقة لوقف أو على الأقل الحد من الهجرة السرية نحو أوروبا بأقل التكاليف، كما وجدت فيه أيضا فرصة لتجييش هذه البلدان للحرب على الإرهاب وكالة وبالنيابة عنها.

 

لكن القضاء الفعلي على الجماعات المسلحة في المنطقة هو أسوء خيار لأن بقاء المنطقة مضطربة هو في الواقع تمديد للوجود الفرنسي في المنطقة واستمرار للمصالح الفرنسية.

 

فهل يعقل أن بضعة مئات من الرجال أو حتى آلاف بعتاد خفيف و تموين غير مستمر في صحراء مكشوفة يتغلبون على جيوش كل هذه الدول والبعثات العسكرية العاملة في المنطقة؟

 

هل يعقل أن التشكيلات الموجودة في المنطقة مثل MINUSMA (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي ) وقوة برخان (القوة الفرنسية)  AFRICOM (القيادة العسكرية الأمريكية الموحدة الخاصة بإفريقيا) وقوة G 5 Sahel (القوة المشتركة لدول الساحل) وMNJTF  (القوات المتعددة الجنسيات المشتركة) والجيوش النظامية للدول غير قادرة على حسم المعركة والقضاء على الإرهاب؟

 

هي قادرة طبعا، خاصة وأن المنطقة محددة طبيعيا والعدو محاصر بين الدول المعنية بالمجابهة، ولكن إرادة الحسم هي ما لا تريده.

 

هذه هي حقيقة هذا الغول المسمى الإرهاب في الساحل فهو في الواقع ملف يراد له الاستمرار ليستمر معه ابتزاز دول المنطقة والتدخل في شؤونها تحت ذريعة الأمن والاستقرار.

 

فإلى متى يستمر التهريج الفرنسي و التلاعب بمصالح المنطقة؟