على مدار الساعة

حتى لا تمــوت الكــفاءات

28 يونيو, 2020 - 23:04
الدكتور أحمدو ولد المختار ولد اعليت

إن سر تطور ونهضة البلدان المتصدرة على مر التاريخ؛ هو تقدير الكفاءات وإنزالها في المكان المناسب بحيث يصبح أهل الاختصاص في جميع المجالات متصدرين ورؤساء لهم كامل الصلاحيات، لا مرؤوسين مكبلين بالقيود تحت قيادة من ليس أهلا لها وليس في عقله وفكره تدبير يستطيع معه مسايرة ركبِ التنمية وعملية الإصلاح الشاملة.

 

لم يعد خافيا على أحد - مهما كان مستوى تطلعه - أهمية ترتيب الأولويات التنموية وتنظيمها وجدولتها وفرزها حسب المعايير الحديثة التي تناسب ظرفيتنا الزمنية والمكانية وحاجتنا الملحة إلى سياسة جدية توازن بين العمل على صيرورة عجلة التنمية بشكل يضمن الانسيابية وبين اختيار أشخاص من ذوي الكفاءة العالية لشغل المناصب القيادية ضمانا لاستمرار وتطور ديناميكية المؤسسات العمومية وحتى الخصوصية. ولا ريبَ في أن سوء الاختيار ووضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، كان دائما السبب الأول في كل فشل حصل؛ لأن النجاح مرهون بإرادة الرجال  الإخلاص في العمل وبذل الجهد والإتقان، ولا بد لكل ذلك من شرط أساسي وهو؛ المعرفة التامة بالمجال أو الاختصاص أيا كان؛ لذلك لا بد من مراعاة الأهلية المعرفية والقدرة على تولي المسؤولية عند كل اختيار حتى لا نقع في نفس الخطأ دائما دون أن نستفيد منه؛ فالأخطاء وإن كانت ثقيلة لما يترتب عليها من نتائج كارثية على التنمية إلا أنه يجب إن حدثت الاستفادة منها لمن أراد النهوض مجددا.. ومن أجل التطور لا بد من دمج الكفاءات العلمية والمهنية في عملية البناء والدفع بأصحابها في المواقع المتقدمة حتى تجد فرصة تقديم النموذج الأفضل والأقدر على مواجهة التحديات بشتى أنواعها، وبهذا نكون قد ساهمنا في انتشال مختلف قطاعات التنمية وبالتالي الدولة من الضياع والسير بها نحو أفق واعد للوصول إلى التطور المنشود.

 

إن التغيير والتطوير والتسيير الأمثل للموارد البشرية والاقتصادية لا يمكن أن يحصل في ظل تهميش الكفاءات الوطنية وتركها منسية كما لو كانت خارج دائرة الاهتمام؛ مما يولد شعورا بالظلم والإقصاء الممنهج المتراكم سنينا فوق أخرى، فلا يكون أمام المرء سوى تجرع مرارة ذلك مكرها لا بطلا؛ فيكون أمام أمرين لا ثالث لهما؛ فإما أن يقبل بالواقع ويسلم بأمره، وإما أن يخرج عليه متمردا مهاجرا على ما في ذلك من إكراهات وضغط قد لا يكون في مقدوره تحمل تبعاته؛ وفي الحالتين تموت الكفاءات بين هذه الخيارات الصعبة، فيضيع عندئذ كل أمل في التطور..

 

ويبقي المعيار القويم هو اعتماد الكفاءات القادرة على النهوض بالبلد بدل الاعتماد على الشخصيات غير المؤهلة أصلا لتبوء المناصب الريادية، مما ينتج عنه عادة مزيدا من التردي وسوء الحال وانقلاب الموازين الاقتصادية وانكماشها وتراجع المؤشرات التنموية على كافة المستويات، لأن فاقد الأهلية لا ينتظر منه البناء والتطوير.

 

إن إبعاد الكفاءات ومحاصرتها والتضييق عليها، ليس حلا لمن أراد الخروج بالدولة من دوامة الفـشل وقتل الأمل.

 

لا بد إذا من ثورة إصلاح متكاملة الأركان والبنيان تمكن من زرع أمل جديد بتشريع جديد يقضي على مظاهر الفساد الإداري والمالي المستشري للأسف في كل مفاصل الدولة؛ ومن أجل اجتثاثه من جذوره على كل الطاقات والقوي الحية الالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية من أجل مواصلة الإصلاحات الأخيرة الواعدة في المجال الصحي والاجتماعي (إنشاء وكالة تآزر) وتعميمها على مختلف القطاعات الأخرى لقطع الطريق أمام المفسدين وفتحها أمام طاقات علمية بإمكانها أن تقدم الأفضل والأجمل والأمثل.