على مدار الساعة

بأي منطق تتم محاباة مصانع لتقشير الأرز بصفقات فساد صريحة؟

2 يونيو, 2020 - 01:32
الحسن ولد الطالب - ناطق باسم اتحادية المزارعين، وحراك مزارعي الضفة

تفاجأ المزارعون والرأي العام المهتم بالقطاع الزراعي من اختيار مفوضية الأمن الغذائي بتشجيع وتزكية من رئيس الاتحادية الوطنية للزراعة، لأربعة مصانع محددة بهدف منحها صفقة تراض صريحة في فسادها، ولا مبرر لها.

 

نعم، لقد تفاجأ الجميع بالمعايير التي على أساسها منحت صفقات تراضي لأربعة من مصانع التقشير في روصو، دون أي وجه حق، أو مبرر تستطيع مفوضية الأمن الغذائي تسويقه.

 

ورغم مخالفة صفقات التراضي للقوانين الموريتانية، وتأكيد الحكومات المتعاقبة على الابتعاد عنها باعتبارها مدخلا للفساد، وطريقا لأكل مال الشعب دون وجه حق، فإن الصفقة التي بين أيدينا خلطت ذلك بفساد صريح بيّن لا غبار عليه، فانطبق عليه القول العربي الشهير "أَحَشَفًا وَسُوْءَ كِيلة؟!".

 

إنه لمن المستغرب أن تنحصر تزكيات الاتحادية الوطنية للزراعة في أربعة مصانع، وتعمل على تمكينها من احتكار كافة الصفقات المتعلقة ببيع الأرز للجهات الحكومية.

 

أجل، لقد حصرت الاتحادية الوطنية للزراعة خياراتها في المصانع المذكورة، رغم وجود مصانع معروفة، بل إنها بالأدلة والقرائن الواضحة تعتبر الأكثر ثقة واحتراما لالتزاماتها.

 

هو إذاً، أمر خطير ومستغرب، لكن الأكثر استغرابا منه هو قبول مفوضية الأمن الغذائي شراء طن الأرز الواحد بـ24600 أوقية (جديدة)، رغم أنه موجود في السوق بـ21000 ألف أوقية (جديدة) للطن، فبأي منطق تستطيع الجهات المعنية تبرير هذا؟

 

بأي حق تحتكر مصانع: لعمر ولد ودادي، وعبد الودود، وسيدي محمد حمادي، ومصنع محمد فال الكوري، كل الصفقات المتعلقة بالقطاع، رغم أسعارها المرتفعة جدا بالنسبة للأسعار المقدمة من طرف جهات أخرى.

 

إن المسؤولين عن هذه الصفقة، ملزمين بتقديم تبريرات مقنعة للرأي العام الوطني عن ما شابها من شوائب، وإلا فمن الواجب الوطني اعتبارها عملية فساد ممنهجة للاستيلاء على مبالغ مالية طائلة من أموال الشعب الموريتاني المسكين.

 

إن مسؤولية رئيس الاتحادية الوطنية للزراعة السيد جا آداما عمار، في هذه الصفقات واضحة وجلية، فهو الذي قدم المصانع المذكورة، وهو الذي يصرّ بشكل مستمر على حرمان عشرات المصانع من المنافسة الشريفة للحصول على حق طبيعي في مثل هذه الصفقات.

 

إن كل ذلك لا يعفي أبدا الجهات الرسمية في المفوضية من تقديم تبرير مقنع للرأي العام حول هذه الصفقة.

 

ما الذي تبررون به شراء طن الأرز بفارق 37 ألف أوقية (قديمة) عما هو موجود في السوق الوطني؟

 

إن تفاصيل هذا الفساد ستكتمل وتتضح للرأي العام الوطني حين يعرف أن المصانع الأربعة التي حصلت على الصفقة، والتي تحتكر بدعم رئيس اتحادية الزراعة كل الصفقات، من بينها مصانع متورطة في الصفقة الفاسدة النتنة المتعلقة ببيع 30 ألف طن من الأرز المنتهي الصلاحية، و"تبييضها" وإعادتها للسوق من أجل الاستهلاك البشري.

 

إن الجهات الضالعة في هذه الصفقة مطالبة اليوم بتقديم توضيحات لا لبس فيها للرأي العام الوطني، حول الصفقة وأسباب احتكار ثلة قليلة من المصانع لها.

 

فلماذا تكون بـ"التراضي" رغم عدم انتفاء صفة الاستعجال؟، والأكبر من كل ذلك لماذا يتم شرائها بفارق شاسع مع ما هو موجود في السوق.

 

ولن نترك هذه السانحة تمر دون أن نطالب أعلى سلطة في البلد بوضع حد لهذه التصرفات، والعمل على تحقيق العدالة بشكل منصف بين كافة المستثمرين دون رشوة ومحاباة.

 

وحتى يتحقق ذلك فنحن متشبثون بتعهدات رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك، والتي أكد فيها أن الدولة لن تتساهل في مكافحة الفساد والمفسدين.