على مدار الساعة

الكرنفالات تناسب الفساد

9 أبريل, 2020 - 16:28
الحسن مولاي علي

على رسلكم.. أيها المتباكون على قوافل الصخب والزبد الرابي!.. على رسلكم، فربما أخطأت الأست الحفرة؛ فالتكييف الذي منحتموه لأوامر الحكومة بإرجاء تلك القوافل، كان خاطئا؛ فما كانت القضية قط تراجعا من الحكومة عن بعض خططها المقررة، تحت ضغط المدونين على منصات التواصل الاجتماعي؛ كلا.. بل كان ما تم من خلال الإعلام البديل هو تنبيه الحكومة لطبخة فساد فاحت رائحتها في كل اتجاه، وأريد لها أن تتم باسم الحكومة، في غيبتها؛ فما كان منها إلا ان أمرت بوقف تنفيذها قبيل انطلاقها..!

 

كادت تلك المجاميع وقد طال لجمها عن مخاضات الفساد، تنطلق في كرنفالات محمولة على متون العشرات من السيارات العابرة المكيفة، والمؤجرة بأرقام فلكية، بحجة وذريعة داحضة، هي: توصيل المعلومات المتعلقة بالوباء إلى أفراد في قرى بدوية أو زراعية معزولة في مناطق لا تصلها وسائل الإعلام والاتصالات(!) وذلك بعد نحو شهر كامل على الحملة الوطنية متعددة الأبعاد، لمحاصرة الوباء ثم يستغفلك من يقول إن سكان تلك القرى والأحياء في خطر، لأنهم على تماس مع ساكنة الحدود، متناسيا أن قواتنا وقوات أمننا، تمشطها، شبرا بشبر، وذراعا بذراع !

 

أما العذر الأقبح من الذنب، في القضية، فهو أن صناعها، من وراء أهل القرار الحقيقيين، ينفون تهمة الفساد فيها بالقول: إن تمويلها ليس من الخزانة العامة للدولة، بل من المنظمات الأممية في بلادنا، وهي صندوق الأمم المتحدة للطفولة، وصندوقها للسكان، وبرامجها للتنمية وللغذاء، ثم منظمة الصحة العالمية؛ ويضيفون أن مثيلاتها في الدول المجاورة وعموم إفريقيا الغربية، تقوم بتنفيذ البرنامج نفسه في قراها البعيدة.. أي والله!

 

لو ظهر في واجهة حملة المخلفين أي مسؤول سام، من وزارة الصحة، مثلا، أو من اللجنة العليا لمكافحة الوباء، أو من إحدى لجانها الفرعية، لأمكن اعتبار الأمر إجراء وطنيا مكملا، قد استدعته ظروف طارئة، أو تطلبته حقائق تكشفت، لم تكن في الحسبان؛ لكن شيئا من ذلك لم يحدث، وجاء الترتيب للقافلة في مغبة حملات فاضحة، يصدق فيها قول الشاعر أحمد سالم يونس:

 

حكم مغسلكم، مغسلكم @ لا يعطيكم بيد املان

حكم مغرجكم، مغرجكم @ نحن كافين مولان

 

تحركت تلك الحملات البائسة، فعلا صوتها وصراخها وضجيجها، في بعض المدن والقرى الداخلية، وفي بعض الأحياء في العواصم الكبرى، وهيمنت على الصورة في وسائل الإعلام العمومية والخصوصية والبديلة، فكانت بقيادة وجوه وأسماء، مألوفة لدى المواطن منذ عقود، وتقترن في ذاكرته بفنون الفساد والتملق والصراخ والصفير والضجيج في أودية التقرب للحاكم زلفى؛ ثم تنتظر مكافأتها السياسية، دون أن يسألها سائل عن الفعل، أو مصدره، أو فاعله، أو مفعوله..