على مدار الساعة

"اعقلها وتوكل على الله"

31 مارس, 2020 - 22:35
ذ. أحمد شريف شيخنا

استمعت باهتمام لتصريح معالي وزير الصحة حول أول حالة مرضية بفيروس كورونا المستجد. وكان أشفه كلمته بالتذكير بما جبل عليه المسلمون من تسليم بالقضاء والقدر خيره وشره. وقد يسيء البعض فهم ما قصده من ذلك فيحمل كلامه على غير محمله. لذا أردت أن أضع حديث معالي الوزير في نصابه الصحيح. والله المستعان.

 

إننا نواجه وباء عابرا للقارات والحدود، لا يميز بين الأعراق أو المكانات الاجتماعية، ولا بين كبير أو صغير.. غير أنه بوسع كل واحد منا من موقعه المساهمة في مقاومته. وهي تكون جماعية أو لا تكون أبدا. ذلك أن التصدي الأنجع لهذا الوباء ليس بدفع المال في هبة مشكورة من موسر وإنما عن طريق شحذ الهمم وتحكيم الضمائر والتحلي بالمسؤولية من خلال الأخذ بالأسباب واتباع التوصيات والإرشادات المسداة بهذا الخصوص. وقديما قيل: "على المرء التدبير وعلى الله التقدير ".

 

لنا في الأنبياء أسوة حسنة حين أخذوا بالأسباب. فنوح عليه السلام صنع السفينة لحمل من معه بأمر من الله عز وجل: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} (سورة هود). وقال تعالى في سورة النساء: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم}. وقد استشهد عمر بهذه الآية حين جاءه بعض أهل اليمن بغير زاد وكانوا سموا أنفسهم المتوكلين. وما يغيب عنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل أراد أن يرسل ناقته من دون الأخذ بسبب فقال عليه الصلاة والسلام: "اعقلها وتوكل على الله". 

 

حدد بعض المنظرين في مجال الأزمات ثلاث دعائم تقوم عليها الاستراتيجية المثلى لمقاومة المحن هي:

 

- المواجهة

- المصارحة

- المواساة (التعاطف).

 

فمواجهة الوباء تكون عن طريق حزمة من الإجراءات الإستباقية الصارمة يتم التأكد من اتباعها بجدية من خلال حملات تحسيسية وحتى بالقوة إن لزم الأمر. أما المصارحة فتقتضي الشفافية التامة والصدق فيما ينشر فالرائد لا يكذب أهله. ويتم التعاطف بطرق عدة جبل مجتمعنا عليها والحمد لله وهنا يأتي دور العلماء والأئمة والشباب وجميع الخيرين.

 

 

وإني لأوصي بالالتزام بهذه الدعائم الأساسية من دون تهاون أو كلل والله المستعان.

 

كما ألفت انتباه السلطات إلى الضرورة الملحة للحد من تواجد المواطنين بصفة مكثفة في الأماكن العمومية (التباعد الاجتماعي distanciation sociale) وإلزامهم بالتقيد بمسافة لا تقل عن متر عن بعضهم البعض في انتظار البدار بمنع التجوال على مدار أربع وعشرين ساعة، فالمتسوق اليوم في بعض المتاجر ساعات قبل حلول وقت حذر التجوال والقادم إلى الصيدليات والمخابز لا يكاد يجد له موطئ قدم.

 

اللهم إني قد بلغت وتوكلت على الله ونعم الوكيل.