على مدار الساعة

موريتانيا وضرورة تعزيز النظام الصحي بمركز لمراقبة تفشي الأمراض والوقاية منها

21 فبراير, 2020 - 02:33
د. محمد الأمين الشيخ إبراهيم أحمد / دكتور باحث في علم الأوبئة وعلم الفيروسات

على الرغم من التقدم الطبي والتقني، إلا أن حالات تفشي الأمراض المعدية يمكن أن تحدث في أي مكان وفي أي وقت. ففي حين أنه لا يمكننا توقع مكان ظهور حالة التفشي ووقتها إلا في نطاق ضيق، إلا أنه يمكننا بالطبع التأكد من أننا على استعداد للاستجابة لحالة تفشي الأمراض وبالتالي العمل علي الحد من خسائرها البشرية والمادية.  وتعتبر البلدان النامية وخاصة الدول الإفريقية هي الأكثر عرضة لخطر وقوع حالات تفشي الأمراض نظرا لضعف الأنظمة الصحية. وتفشي المرض يعني ببساطة وقوع المزيد من حالات المرض أكثر مما هو متوقع، في مكان معين أو فئات سكانية بعينها، خلال فترة زمنية محددة. وقد يعتبر ظهور حالة فردية واحدة بداية لتفشي المرض إذا كانت حدثت في مكان غير متوقع وعند شخص لم يسافر أبدا من تلك المنطقة.  ويعتمد التأهب لمنع تفشي الأمراض والحد من أضرارها على وجود مراكز للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها من خلًال التدريب والتعليم، والمراجعة، والرصد والتنسيق بين مختلف الأطراف على جميع المستويات لضمان أن يكون التأهب لحالة التفشي والاستجابة لها: فعالًا، ومتناسقًا، وشاملًا، وسريعا.

 

تقوم هذه المراكز بإجراء تقييم شامل للمخاطر لتحديد الثغرات الموجودة في خطط العلًاج والبنية التحتية المادية أو اللوجستية. كما يعمل على إجراء دورات تدريبية، ووضع مواد ترويجية، وتقديم عمليات رصد وتقييم منتظمة لحالات التفشي وذلك لمعالجة الثغرات .

 

فلو كان لدينا في موريتانيا مركز للوقاية من الأمراض لكان بإمكاننا توقع تفشي بعض الأمراض المعدية التي تفشت مؤخرا والحد من الخسائر الناجمة عنها عن طريق الاستجابة السريعة والكشف المبكر وبالتالي السيطرة على المرض بشكل سريع، فمثلا كان بالإمكان منع:

- تفشي حمى الوادي المتصدع  (حمى وادي الرفت)  التي تصيب كلًا من البشر والماشية. وعادة ما تحدث حالات تفشٍ المرض بين البشر بعد أسابيع قليلة من وقوع حالات التفشي بين الماشية، التي تحدث بدورها عقب زيادة أعداد البعوض بعد هطول أمطار غزيرة أو التعرض لفيضان.

- حمي الضنك التي تفشت بدورها عقب تفشي البعوض الناقل لها بعدة سنوات وهو ما كان بالإمكان رصده وبالتالي السيطرة على المرض بشكل مبكر والعمل على الوقاية من تفشي أمراض أخرى منقولة عن طريق نفس البعوض ومن أمثلة تلك الأمراض الحمي الصفراء.

 

كما يمكننا توقع تفشي حمى لاسا في المستقبل والعمل على الوقاية منها، فهي تنتشر في بعض بلدان غرب إفريقيا بشكل موسمي، نظرًا لزيادة وجود ناقلات المرض من فئران المستوم في جل المنازل الموريتانية.

 

فإنشاء هذا المركز يعتبر أولوية الأوليات من أجل إنجاح الرؤية الجديدة لوزارة الصحة ولضمان فعاليته يجب أن ينتم انتقاء كوادر مؤهلة وتشكيل فرقً متعددة التخصصات تكون قادرة على التحقيق والوقاية والسيطرة على الأمراض المعدية. ويجب أن تشمل هذه الفرق:

- كوادر طبية: تعمل على إعداد إرشادات العلًاج، وخطط الفرز وتحديد الأولويات، وتدابير الوقاية من العدوى والسيطرة عليها .

 

 

- علماء الأوبئة: يستخدم علماء الأوبئة البيانات لإعداد معلومات حول الأمراض المعدية للتعرف على أفضل سبل الوقاية من الأوبئة، والاستعداد، والاستجابة لها. كما يقومون بتحديد وقت حدوث حالات تفشي الأمراض وعدد الأشخاص المصابين والمكان الذي ينتشر فيه المرض.

 

 

- علماء الميكروبيولوجيا: يعمل علماء الميكروبيولوجيا على تحديد المرض والاقتفاء الجزيئي للسلًالات في حال تفشي مرض ما. تعد قدرة مختبر الميكروبيولوجيا مكونًا أساسيًا في عملية تأهب النظام الصحي وجزءًا رئيسيًا في الكشف السريع عن حالات التفشي، ورصدها، والاستجابة لها. ومن خلاًل العمل عن كثب مع علماء الأوبئة والأطباء، يوفر علماء الميكروبيولوجيا معلومات مهمة لتطوير عمليات الاستجابة المناسبة، بما في ذلك عمليات تحديد الحالة، ومتطلبات الاختبار التشخيصي، والبروتوكولات السريرية، وتدابير الوقاية من العدوى والسيطرة عليها.

 

- علماء الاجتماع: يبحث علماء الاجتماع في العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تتسبب في انتشار الأمراض وتحد من فعالية الاستجابات لتفشي المرض. ويشارك علماء الاجتماع بشكل متزايد في أنشطة التأهب، والاستجابة، وأنشطة ما بعد تفشي المرض. كما يبحث علماء الاجتماع في المشكلًات المرتبطة بإطار محدد، والتي تُعد أساسية لحالات تفشي الأمراض بما في ذلك: التعبئة الجماهيرية؛ وتغيير السلوك؛ والتواصل مع المجتمع؛ وعلًاج المرضى؛ ودعم الناجين.