على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تنادى على السادة الوزراء: الشعب ينتظر منكم إرجاع موريتانيا كدولة (3)

7 ديسمبر, 2019 - 12:31
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

كانت كلمة الإصلاح قد وصلت في حلقتها الثانية من سلسلة هذا النداء للوزراء من طرف الشعب الموريتاني يطلب فيه منهم إرجاع موريتانيا كدولة بعد خروجها إلى الفوضوي من ساعة وصول الديمقراطية العسكرية الفوضوية إلى فاتح أغسطس من سنة 2019.

 

وقد وصلنا في هذا النداء إلى الحلقة الثالثة من وزارات السيادة وخاطبنا السيد/ وزير العدل في آخر تلك الحلقة بوجوب مراجعة تلك الأحكام هل هي مطابقة للقانون الجنائي الموريتاني المنقول من طرف العلماء من النصوص الإسلامية التشريعية حتى يحيل المسؤولية الأخروية في الحكم إلى الرئيس الملزم وحده بتنفيذ الأحكام على جميع المسلمين الخاضعين لحكمه.

 

ومن هنا أقول لرؤساء المسلمين جميعا أنه لا توجد حسرة يوم القيامة أشد من حسرة مسلم مكن الله له في الأرض ولم يحكم كتاب الله في قضايا المسلمين والله يقول مخاطبا أمة النبي صلى الله عليه وسلم عن طريقه هو بقوله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} إلى آخر الآية .

 

فلا شك أن من يستطيع أن ينفذ حكم الله في عباده وهو يقدر بأنه مجرم والله جل جلاله يقول {إنه من يات ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحي} مقابل قوله تعالى {ومن ياته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى}.

 

ومن هذه الجمل التي نقـلتـنا من الدنيا إلى حقيقة الجزاء في الآخرة ـ نصل إلى آخر وزارة من وزراء السيادة ـ ألا وهي وزارة الدفاع .

 

هذه الوزارة هي التي يتجسد فيها صورة الجهاد الذي هو سنام الإيمان لا ينقص الأجر عن العمل في الدفاع عن الجهاد في سبيل الله للمسلم إلا النية المطلوبة في كل شيء قام به المسلم في حياته لأن العين التي باتت تحرس المسلمين من العيون التي لا تمسها النار يوم القيامة فهي عين مساوية لعين بكت من خشية الله .

 

وبناء على شرف هذا العمل ونبله فإنه يجب التنبيه على أن الأهداف إذا تغيرت يتغير معها الوصف الذي تتميز به وتسمو به حسب سمو أهدافها .

 

وبذلك نعلن للسيد / وزير الدفاع: أن الجيش الموريتاني أضاعه رؤساؤه العسكريون من يوم اختاروا له الاشتراك في طريق تتناقض تماما مع مهمته النبيلة الشريفة: ألا وهي الديمقراطية العمياء التي تسوى في قوانينها بين العالم والجاهل والمؤمن والفاسق والله يقول: {هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون} ويقول كذلك {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} .

 

فالجيش الموريتاني مع الأسف أصبح ضباطه هجينا بين العسكرية والسياسة المدنية، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم بيننا الآن يترجم لأمته ما نزل عليه من الحكمة زيادة على ما نزل إليه من القرآن كما قال صلى الله عليه وسلم عن أحاديثه: "لقد أوتيت القرآن ومثله معه" لترجم لنا زيادة في الحديث الذي لعن فيه الرجال المتشبهين بالنساء والعكس كذلك ولزاد المتشبهين من العسكريين بالمدنيين والعكس كذلك، فلقد قامت هذه الديمقراطية العسكرية الفوضوية باختلاط الحابل العسكري بالنابل المتملق المدني أي اختلاط وقد شاهد الجميع بذلة العسكري الداكنة التي نسجها المخططون لمهمتها حتى يكون وصفها الداكن يشبه الأرض التي تقاتل فوقها وأشجار البوادي التي تغطيها الرياح بالأتربة حتى يختفي العسكري ببذلته التي يقاتل داخلها بالتراب والأشجار التي يقاتل خلفها وكذلك شاهد الجميع نجوم الضباط التي جعلها المتخصصون فوق المناكب أعلى مكان في الإنسان وهو واقف أو قاعد تلك النجوم التي أنشئت ليكون لمعانها الذهبي إرهابا للعدو والمعتدى وكلما ما زاد عددها فهم العدو أن صاحبها دخل في كثير من المعارك وخرج منتصرا بفروسيته وإقدامه وشراسته نحو العدو فينهزم العدو بمجرد ملاحظة كثرة النجوم على مهاجمه وهذه أصلا من حكمة خلق النجوم فلقد جعلها الله زينة لسماء الدنيا ورجما للشياطين، فهي أيضا في الدنيا زينة لمناكب الإنسان ورجما لقلب المجرم المعتدي ـ ولكن بدل ذلك جعلها رؤساؤنا العسكريون داخل معامع الديمقراطية الفوضوية فالبذلة والنجوم فوقها يتصارعان مع أصحاب (دراريع أزبي) وتارة (بذلات وبطلونات فكوجاي) الجميع يتصارع على كسب أصوات الفقراء يبطلون بها الحق ويحقون بها الباطل فتارة ينجح بذلك الفاسق الجسور على انتهاك محارم الله على شريف الخلق والخلق المتعفف المتواضع.

 

فكم من ضابط من قوة الجيش أو من شبه الجيش من الشرطة وغيرهم من لابس البذلة الخاصة وهم يناقشون مع هذا ومع ذلك وهم بعيدون عن مكان عملهم الأصلي يبحثون عن الأصوات وقد يترتب على ذلك التحرك ما هو أسوأ وهو مجازاة أولئك الضباط من أي قطاع كانوا بالسماح له بعد نجاح مساعيهم في الأصوات التدخل في كل كبيرة وصغيرة وفي كل الميادين المدنية التي لا صلة لها بعملهم الأمني والعسكري .

 

والله لقد رأينا حتى صغار الجنود ووكلاء الشرطة إذا كان عندهم أي نفوذ في ذّويهم يستدعون من مكان عملهم لنفس الأغراض السياسة، وقد رأينا كذلك قواد مناطق عسكرية من الجيش أو الدرك أو الحرس وكذلك مدراء من الشرطة يترأسون المهرجانات المدنية لكسب الأصوات خارج مكان عملهم إلى آخر ذلك من انحلال الخلق المهني الذي ولد على هذه الأرض مع هذه الديمقراطية العسكرية الفوضوية .

 

إذن فإن الرأي العام الموريتاني في هذه الآونة فهم أن الرئيس الجديد جاء به المولى عز وجل عسكري المهنة مدني التصرف بالتأني والحكمة ليكون عازلا بين التصرف الأحادي الصم البكم العمى عن قول أو تحرك أو عن حتى حياة المخالف مهما كان وأين كان ولا شيء موجود غير تنفيذ الأوامر الأحادية أي حاجز بين ذلك والتشاور والتعاون والتلاطف ووضع الأمور في قالبها الذي خلقت له ولو عرفا ـ وليكون هذا العزل الحالي هو الطريق المثلى لحياة هذه الدولة المسلمة كلها لتتعايش فيما بينها ولنبني كذلك من الآن فصاعدا ديمقراطية إسلامية تطبق في موريتانيا جميع مضمون ما بعد نداء الله للمؤمنين من أول القرآن إلى آخره في قوله تعالى {يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} إلى آخر الآية {يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} الخ الآية {يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن} إلى آخر ما جاء في القرآن من هذا التوجيه الإلهي بدل قول التوجيه الديمقراطي ـ ولنصبح بعد ذلك أمة تستطيع أن يقول موتاها بعد الموت مباشرة قدموني قدموني لما رأت من البشارة من النعيم أمامها بدل أن تقول {يا وليتها أين يذهبون بها} لما رأت من بشارة العذاب الأليم ينتظرها .

 

السيد وزير الدفاع أنتم عسكري اختاركم هذا الرئيس الذي وصفنا آنفا ما يؤمله فيه الشعب من خلق طريق جديد للحياة في موريتانيا المسلمة، ولا شك أن اختياره لكم وهو قادم على تنفيذ خطابه الأول الذي صرح أمام الله والشعب أنه يعرف ما في التعهد فإن الشعب يطلب من كل وزير في وزارته أن يعيد موريتانيا كدولة لها شعب يستمع إليه ويرفق بضعيفه إلى آخره .

 

وبذلك يكون تعيينه لكم دون غيركم من العسكريين يتماشى مع معرفته لكم لتعينوه على ما في الوفاء بالعهد. إذن فإن الشعب يطلب منكم أن تعيدوا الجيش وجميع العسكريين وشبه العسكريين إلى مهامهم وأن تبعدوهم نهائيا عن المدنيين فعندهم من المسؤوليات النبيلة الشريفة ما يشغلهم في الدنيا ويجدون أجره أمامهم ولو كلفكم ذلك عدم وجود الأصوات لهذه الديمقراطية، والله يقول في كتابه للجميع {خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون).

 

وإلى هنا ستذهب بإذن الله كلمة الإصلاح إلى وزارة الشؤون الإسلامية لتبلغها نفس المطلوب من جميع الشعب وهو إعادة موريتانيا كدولة.