على مدار الساعة

نحو وئام سياسي وطني

29 أكتوبر, 2019 - 12:49
محمد محفوظ المختار- ناشط سياسي

لفت انتباهي حديث دار خلال الأيام الماضية حول افتتاح الوزير الأول المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا للمقر الجديد لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية وما رافق ذلك من جدل تم وضعه في غير سياقه، إذ استنطق البعض موقف فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مما جرى عبر قراءته قراءة موغلة في التعسف، توضح احتضانه لهذا القرار ورعايته لذلك لحزب، وهذا بخلاف الواقع، فافتتاح مقر الحزب تم من طرف قيادي فيه خارج أوقات الدوام الرسمية مما ينفي عنه أي صبغة إدارية يمكن صبغه بها.

 

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحاول فيها المصطادون في المياه العكرة تصنيف موقف رئيس الجمهورية من الحراك السياسي في البلد ، فقد عمد البعض إلى استنطاق ما تم تداوله من سعي بعض أفراد النخبة لتشكيل ذراع سياسي داعم لفخامة رئيس الجمهورية منبثقا من رحم الأغلبية عبر تحريف الكلم والأحداث عن موضعهما.

 

إن مجمل ما تم تداوله من أحاديث يجعلنا نسعى لقراءة الأحداث السياسية بشيء من التجلي يفرضه الواقع بعيدا عن التجني الذي تمليه الأهواء. ففخامة رئيس الجمهورية لم يستثن أي طرف سياسي من اللقاء معه، مما يعطي انطباعا أنه لا يحتضن طرفا على حساب الآخر.

 

كما أن مضمون النقاش السياسي الذي تم تداوله خلال تلك اللقاءات كان يتسم بالشمولية في مستواه والحكمة في محتواه باعتباره يسعى لخلق تجانس بين المشهد السياسي ولا يهدف لتمايز داخله، وهذا يؤكد حقيقة أن فخامة رئيس الجمهورية عازم على أن يكون الانفتاح السياسي هو المنطلق والأساس، والهدف والوسيلة، دون إقصاء طرف ولا تهميش قادة، ولا استهداف منهج ولا تعطيل لحركة المجتمع الذي يسعى فخامته إلى وضعه على طريق التنمية بما يتناسب مع حاجياته وما يتوفر من وسائل.

 

إن هذا الانطباع يبرزه ما صرح به كل من خرج من لقائه برئيس الجمهورية، وأثنى على ما أبداه فخامته من روح انفتاح ووضوح رؤية واستعداد للعمل الجماعي خدمة للوطن والمواطن، وكم هو جميل أن يكون رأي النخبة السياسية إجماعيا حول رئيس الجمهورية واستعداده للتعاطي إيجابيا مع الشأن العام لأن هذا بمجمله كفيل بنفي شبهة الانحياز ودحضها.

 

ويزداد الأمر تعاظما عند ملاحظتنا أن أغلب الشعب الموريتاني يواكب حركة المشهد السياسي وتفاعلاته التي تشغل حيزا واسعا من اهتماماته ويفخر بمدى الإعجاب الذي حظي به رئيس الجمهورية عند كل من قابله.  ومع أن أغلبية المهتمين بالسياسة لا يدركون أن الخطاب السياسي يهدف في مجمله إلى رسم تنمية مستدامة تشمل جميع جوانب الحياة اليومية، إلا أنهم يدركون - عن وعي أو غيره - سعيه إلى تجسيد إرادة الدولة سواء ما يتعلق منها بالعلاقات الخارجية أو السهر على تطبيق قوانينها الداخلية أو تحقيق الصالح العام من خلال رؤية واضحة المعالم يشكل برنامج "تعهداتي" عمادها ومنطلقها.

 

إن السعي الحثيث نحو مسيرة الوئام السياسي الوطني الذي يريده فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني يجب أن يلقى قبولا حسنا ودعما واسعا لدى مختلف الطيف السياسي، خاصة لأن سيادته برهن بشكل جلي أنه يسعى إلى أن يُخرج بعض مكونات المشهد السياسي من حيز الملاحظة على المشهد إلى نطاق المشاركة في تشكيله، كما يعمل على أن يحيط المواطن بكل جوانب المشهد السياسي دون أي محاولة لاستغفاله أو استغبائه، ففخامة رئيس الجمهورية من خلال ما سبق يريد أن يبصر المواطن مشهدا سياسيا جديد ذا جسم موحد بعيدا عن سياسة التبعيض عبر الأذرع والسواعد وغيرها، لأن الجسم السياسي الموحد هو الأقدر على مواجهة الواقع ورفع التحديات السياسية والتنموية والاجتماعية التي تواجه البلد. فما لا يتحقق بالوحدة والتجانس لن ينجز بالفرقة والتنافس.