على مدار الساعة

هل سنرى طاحونة الطالب؟

30 سبتمبر, 2019 - 12:27
محمد سالم بلاهي

قبل أيام كنت أشاهد الفيلم السينمائي The Boy Who Harnessed The Wind ( الطفل الذي سخر الرياح )، لمخرجه ( شيواتال إيجيوفور ).

 

الفيلم مستوحى من قصة حقيقية للطفل ( ويليام كامكوامبا) ، الذي ولد لأسرة فقيرة تعيش بقرية نائية من قرى جمهورية مالاوي المنسية.

 

قرية يعتمد أهلها في حياتهم على الزراعة بشكل أساسي.

 

التحق ويليام بالمدرسة في وقت مبكر و بسبب عدم مقدرة أسرته على تسديد الرسوم المدرسية طرد من المدرسة ليزيد هم أسرته .

 

لكن بسبب إصراره وعزيمته بقي يرتاد مكتبة المدرسة خلسة كلما سنحت الفرصة .

 

استطاع ويليام من خلال مطالعته لكتب الطاقة والفيزياء أن يصنع طاحونة هوائية من أدوات بدائية لضخ ماء الري من باطن الأرض أعادت للمزارعين حياتهم بعد توقف المطر والجفاف الذي ضرب القرية لعدة سنوات.

 

بسبب هذا النجاح وبسبب طموحه الذي لايتوقف وعزيمته المتوهجة حصل على منحة دراسية بأكاديمية القادة في جنوب افريقيا ثم على شهادة الدراسات البيئية من كلية دارتموث بالولايات المتحدة الامريكية قبل أن يرجع إلى وطنه وقريته .

 

ويليام لم يألُ جهدا في المساهمة في تنمية بلده عموما وقريته بشكل خاص ، فازدادت الطواحين الهوائية في القرية وتنوعت بأجهزة حديثة متطورة ولفت أنظار المستثمرين وأقنعهم بالاستثمار في حقول قريته الغناء.

 

لا أدري لماذا انتابني ذلك الشعور اللحظي بأنني شاهدت هذه القصة من قبل ، أهي ظاهرة ( deja vu ) المعروفة ، أم هو فلم شاهدته من قبل أم هي رواية كنت قرأتها أم ماذا ؟

 

بعد صراع لم يدم طويلا بين الذاكرة واللا وعي بدأت شيئا فشيئا في تفكيك هذا اللغز المحير لأتبين أن الأمر ماهو إلا تشابه حد التطابق بين ويليام المخترع و الطالب الوزير أو لنقل بين ويليام مالاوي و ( ويليام موريتانيا ) .

 

في بادية من بوادي ولاية لعصابة ( جنوب شرق موريتانيا ) وفي سبعينات القرن الماضي ولد الطالب سيد أحمد لمبارك لأبوين فقيرين لم يدخرا جهدا في تربيته رغم ظروفهما الصعبة .

 

ساعداه وجعلا منه حلما جميلا سينتشلهما من الفقر ويخلصهما من قيوده .

 

دخل المدرسة وأكمل الإبتدائية بنجاح لكنه طرد في مرحلة الإعدادية ليتبدد ذلك الحلم الجميل ولو مؤقتا .

 

ولأنه لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة كما يقال ، نهض الطالب مرة اخرى وقاتل الحياة وصعوبتها بمخالب العزم فمارس جميع المهن المتاحة لمثله من حفر ورعي وتجارة وغير ذلك، ولم يمنعه كده هذا وعمله من مواصلة التعليم و الاهتمام به ،لم يستسلم فصار يجوس خلال الأقسام الدراسية و يسترق السمع من النوافذ ، كان يحفظ الكتب ويرافق المميزين من التلاميذ ليتكلل جهده بالنجاح متفوقا في الباكالوريا ويمنح إلى تونس ثم يكمل دراسته في فرنسا .

 

الطالب تقلد مناصب عدة بهيئات دولية مختلفة قبل أن يعود إلى وطنه ويعين وزيرا للتشغيل والشباب والرياضة في الحكومة الجديدة .

 

حتى الآن لا يمكن الحكم على الطالب الوزير من خلال عمله فالفترة مازالت قصيرة على تقييم الأداء والتحديات كثيرة لكن من خلال خرجاته الإعلامية وزياراته للمرافق التابعة لوزارته لفت الطالب انتباه الناس إليه وشدهم إلى شخصيته الرسمية غير التقليدية بأريحيته وتواضعه وتفانيه في العمل .

 

أعلم أن كل تلك الصفات لاتكفي وحدها مالم تترجم إلى أرض الواقع من خلال عمل ملموس يصب في مصلحة المواطنين والشباب خاصة.

 

نحن بحاجة لعمل يحقق طموح شباب أنهكته سنوات البطالة والتهميش والغبن ، و اكتوى بنيران المحسوبية وعدم تساوي الفرص .

 

بحاجة إلى تطوير وتنمية قطاعات الرياضة والترفيه. فهل ستتحقق كل هذه المطالب ؟ هل سيصنع الطالب طاحونة إنجازات لقطاعه أم أن الحال سيبقى على ما كان عليه ؟