على مدار الساعة

نواكشوط.. الحملات الدعائية مرآة للواقع الاقتصادي والاجتماعي

15 يونيو, 2019 - 12:35

الأخبار (نواكشوط) ـ لم تعد الحملات الانتخابية مجرد كرنفال دعائي كبير يسبق أي استحقاق عام، بل أصبحت مع الوقت محكا لتحديد التمايزات الاجتماعية والاقتصادية في بلد يحظى فيه الحدث السياسي باهتمام قل نظيره.

 

وفي العاصمة نواكشوط تبدو الصورة أكثر وضوحا، حيث تعبر الأحياء السكنية عن نفسها في فترة الحملات الدعائية كما لا تفعل في أي موسم آخر.

 

ويبدو المستوى الاقتصادي الأكثر بروزا، وعلى أساسه يتحدد مدى قوة ونشاط الحملة.

 

حملتان..

في الأحياء الراقية، وتحديدا في مقاطعة تفرغ زينه تعرف أبرز الشوارع حركة ليلة لا تتوقف، وصمت انتخابي مطبق في النهار لا تكسره سوى أصوات مكبرات صوت أشبه بدوي في واد، يعبر عن طبيعة الحي الذي تتركز فيه نخب المال والإدارة في موريتانيا.

 

ترى مريم بنت عبدالله، وقد عاصرت حملات دعائية عديدة في السابق أن الإقبال الليلي على مقرات الدعاية الانتخابية في الأحياء الراقية يرجع إلى طبيعة تلك الأحياء، التي تميل فيها الحركية إلى الجمود نهارا حتى في الظروف العادية، فيما تنطلق ليلا، وهو ما يتضاعف عادة في عهد الدعاية الانتخابية.

 

 

وتضيف بنت عبدالله، في تصريح للأخبار أن ما توفره الأجواء الآمنة، وتنامي حرية التعبير وتقبل الآخر المخالف سياسيا، أمور عززت من الإقبال على الحملات الدعائية، فضلا عن كون مقرات الدعاية لا تعدم حضورا كثيفا لغير المسيسين بل والمحايدين أحيانا، بحثا عن فرص ترفيه لا تتوفر في الظروف العادية.

 

 

أما في مقاطعة توجنين بولاية نواكشوط الشمالية، فتبدو الصورة مختلفة بعض الشيء، حيث تكثر الخيام الخاوية التي لم تحظ بعد بداعم أو متبنٍّ في أقل تقدير، فيما تختفي مظاهر الحملة ليلا على عكس الأحياء الراقية في العاصمة، وهذا ما تلاحظه عيشة بنت المحبوبي، التي تقود مبادرة دعم ومساندة لواحد من أبرز مرشحي الرئاسة، حيث ترى أن خصوصية الأحياء الشعبية تجعل ساكنيها في حالة انشغال شبه دائمة نظرا للظروف المعيشة التي تفرض الانخراط باكرا في معركة المعيشة.

 

 

فيما يعتبر محمد سيدي ولد الجمل إن العاصمة نواكشوط لم تعرف الحملة في صورتها المعتادة حتى الآن رغم انقضاء الأسبوع الأول من الحملة الدعائية، كما أنه لا يستبعد أن يكون الدعم المالي أوفر في الأحياء الراقية مقارنة بالأحياء الشعبية.

 

فرص ضائعة..

لاحظ موفد الأخبار انفراد الأحياء الشعبية بظاهرة المقرات الدعائية غير المأهولة حتى الآن، وهي ظاهرة تُعزى لعدم حصول أصحابها على الدعم المادي من أيٍ من حملات المرشحين للرئاسة، فقد جرت العادة أن تقام تلك الخيام أولا، على أن يستقطبها لاحقا أصحاب المبادرات الداعمة وحملات المرشحين.

 

ويتداول أصحاب تلك الخيام غير المأهولة معلومات وتحليلات تفيد بأن مبادرات الدعم والمساندة، التي تنامت في السنوات الأخيرة، طغت على الحملة الدعائية بحيث لم يعد المرشحون الأقوياء ماديا في حاجة إلى تأجير مقرات دعائية جديدة، وهو ما عبر عنه أحدهم بأنها "فرصة أخرى ضائعة".

 

 

ومن المزمع أن تنتهي الحملات الدعائية مساء الخميس المقبل، وإذا ما استمرت الأوضاع على النحو المرسوم دستوريا وقانونيا فإن موريتانيا لن تعرف أي حملات دعائية في السنوات الأربع القادمة..

 

فهل ستكون حملات المستقبل على غرار حملات اليوم؟، وهل ستغير وعود المرشحين للرئاسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للموريتانيين في السنوات المقبلة؟.