على مدار الساعة

للإصلاح كلمة: توضح للمواطنين ما هو سبب ارتياح كثير من الموريتانيين لترشح غزواني

11 مارس, 2019 - 19:50
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح سوف بعون الله لا تكتب كلمتها إلا وعينها على التعاليم الإسلامية بنصيها القرآني والسني ويعينها على ذلك أنها لا تكتب إلا لموريتانيا المسلمة كلها، بمعنى أنها تحاول دائما أن يكون موضوع كتابتها في شكل توجيهات تارة تقسو تلك التوجيهات إذا كان أصلها في الإسلام فيه عزيمة صارمة وتارة تكون مبنية على طلب السلوك المطلوب إسلاميا إذا كانت معرفتي المجزاة لتعاليم الإسلام غير مساعدة على معرفة الحقيقة وإلا فلا كتابة ولا توجيه.

 

ونظرا لذلك فإن أول هذه التوجيهات الآن في الموضوع هو وجود هاتان الكلمتان الطارئان على ساحتنا وهما يبغضهما الله ورسوله، ألا وهما الموالاة والمعارضة المطلقـتين.

 

فنحن لا شك أخذناهما من هذا الوافد غير المرحب به على شكله الذي جاءتنا به الديمقراطية العسكرية الفوضوية سنة 92.

 

فقد لبستها العسكرية شعارا يتراءى ويسمعه المواطنون ولكن لبستها دثارا يلي جوارحها المتحركة تحته وعقليتها مكونة على مجابهة الأعداء الأجانب لا المواطنين أيا كان سلوكهم.

 

وبعد الرضى بالقضاء جاء هذان الوصفان: الموالاة والمعارضة كما أشرت أعلاه أننا نستعملهما قادة وشعبا استعمالا يبغضه الله ورسوله مع أن كلا منهما ورد في القرآن ولكن ورد لفظهما محمودا ومذموما فالموالاة المحمودة هي موالاة الله ورسوله والمؤمنين بالوصف المذكور مع هذه الموالاة يقول تعالى {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويوتون الزكاة} الخ الآية وأما الموالاة المذمومة فهي قوله تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} الخ الآية.

 

أما المعارضة المذمومة فهي عكس طاعة أولى الأمر المأمور بها في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} بناء على قاعدة الأمر بالشيء نهي عن ضده.

 

أما ظاهر المسميات دون اعتقادها والعمل بها فلا قيمة لها إسلاميا لأن ما يقام به في الموالاة يقول له الموريتانيون النفاق والتملق وما تقوم به المعارضة يقال له الجحود والعصيان فإن المنافقين أكدوا بأنهم يشهدون على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فأكدها الله ولكنه أقسم أن قولة المنافقين لها كذب لعدم اعتقادها، ومن وجد هذين الوصفين في سجله فلا يلومن إلا نفسه.

 

فالمعارضة لحاكم المسلمين لا تكون إلا بالنصح الخفي له ساعة الفعل أو القول كما فعلت المرأة مع عمر بن الخطاب حيث ردت عليه كلامه بالآيات القرآنية.

 

أما جعل المعارضة شعارا دائما فهو الذي يحتاج صاحبه إلى مبرر يوم القيامة لأن هذا اللفظ وفحواه لابد أن يشكل صغيرة أو كبيرة عندما تحصيه الملائكة في كتاب كل معارض يعتمد عليه ويعتقده، فالله يقول عن قول الإنسان يوم القيامة ما لهذا الكتاب {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} الخ الآية.

 

فالموالاة المطلقة والمعارضة المطلقة هما سم دس للمسلمين في الديمقراطية وقد غلب سميهما على دسميهما في الديمقراطية الفوضوية العسكرية.

 

ولكن مع الأسف مما زاد سمهما على دسمهما فينا نحن الموريتانيين هو تصرف بعض أفراد شعبنا، فقد نتج عن هذه الديمقراطية أنه يوجد أفراد وأسر وجهات أصبحت مجرد رؤيتهم توحي بكتابة الموالاة على وجوههم يوالون في الحق والباطل وإذا كانت شبهة بين الحق والباطل فهم موالون فيها.

 

فمن أعطاه الله لسانا مفوها أو قلما سيالا أو أعوانا أو أتباعا أو جاها فالجميع يستعمله في تلك الموالاة العجماء فلا مراعاة هل الإسلام عنده رأي في مسألة تلك الموالاة فالتفكير في قضايا الموالاة خارج بالقوة كما يقول المناطقة من قـلب صاحبه عن التفكير في مضامن الإسلام في شأنه.

 

فكما يعلم الجميع أنه يوجد من بيننا أشخاص وجهات وأسر أصبحت كأنها شريحة موالاة تلقائيا فلا ترى إلا هكذا، ولذا فما معنى رجل له مبادرة وامرأة لها مبادرة وأسر لها مبادرة وجهة لها مبادرة فأي خانة يمكن للمواطن المحايد أن يجعل فيها هذه المبادرات إلا التملق والنفاق أو نتيجة انتظار العوض على حساب المواطنين.

 

بمعنى أن كل هذا التسابق في المبادرات إلى شخص لا يصفونه إلا بأنه صاحب وصديق ورفيق درب الرئيس المنتهية ولايته ومع ذلك يسمونه مرشح الإجماع، فهل كان هذا الرئيس أصلا مرشح الإجماع أو لو ترشح لكان مرشح إجماع.

 

صحيح أن هذا المترشح في مهرجانه طلب في كلمته أن يكون مرشح إجماع أو قال ما يفهم منه ذلك وعمل بمقتضاه في التحضير لكلمته ولكن الموالاة الطازجة لتكون طعاما جاهزا لأكل كل متغلب تحاول دائما أن يحيد هذا المترشح عن ما يفهم من قصده بكلمته العامة.

 

فتارة ينسبون ترشحه إلى حزب الاتحاد وتارة أنه مرشح الرئيس وقد تبرأ منه الرئيس أولا بعفويته السريعة المعهودة وقال إنه رشح نفسه كما تقتضي كلمته ولكن الرئيس بعد ما اختلط بالموالاة عدل عن ذلك وتصرف في ذلك الرجوع تصرفا لا يحلله إلا قلما تكتب به الديمقراطية الفوضوية وذلك حسب المكان والهيئة التي وقع أمامها التراجع.

 

فالزمان الليل والهيئة ترأس لجنة هو ليس رئيسها بنص الدستور وهي أيضا مولودة من أفكار الديمقراطية الفوضوية فالحزب الموسمي إيدلوجيته الرئاسيات وهو منحل وليس مجمدا.

 

فالتصريح الذي أنهى به الحزب نشاطه هو الحل وقد ظهر لهم أخيرا أنه هو الذي فيه الحل الذي لا رجوع بعده إلا بعد وجود رئيس آخر للدولة ويمكن ألا يتبنى حزبا حاكما، ويمكن للمعارضة أو كثيرا منها أن يتبنى هذا المترشح وتخـتـلط الأوراق المعهود افـتراقها دائما عند المواطنين.

 

والآن فإن كلمة الإصلاح ستتوجه مباشرة إلى المترشح العسكري لتذكره بهذه القضايا: وهو أن سبب إقبال الجميع عليه هو تحرر خطابه من التبعية لأي كان وذلك يقتضي ما يلي:

 

أولا: عليه أن يتـنبه أن خطابه الذي أعده بعناية ووطنية محايدة قد استوعبه المواطنون كذلك، وإن أي توجه أو قبول نسبة الترشح لجهة أخرى عن جهة ينسف ما تحصل عند المواطنين من استقلاليته.

 

ثانيا: لا شك أنكم تدركون أن رفيق الدرب وشدة إحكام الصداقة لا عمل لها إلا في الدنيا، لأن أخصها هو الخلة التي اتخذها الله مع إبراهيم في قوله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} ومع ذلك حكم الله أولا حكما مستقلا كاملا ونهائيا أن الأخلاء جميعا معرفين بـ(الـ) الاستغراقية أنهم أعداء يوم القيامة بعضهم لبعض ونتيجة لهذا الاستغراق فقد صح الاستثناء منه ولكن مجرد استثناء مشروط يقول تعالى {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

 

فعليكم أيها المترشح المسلم أن تبحثوا عن شرط هذا الاستـثناء فالله أعلم بمن اتقى، وهنا عليكم أن تتعظوا بصداقة الرئيس الحالي مع كل من محمد بن زايد وبن سلمان والسيسي تلك الصداقة مع بن زايد على الأخص الذي حملته دون تردد إيماني أخروي على إغلاق معهد تكوين العلماء ومأوي الأيتام فلو كان هو بموريتانيته الأصلية المسلمة بالفطرة التي أسس بها الإذاعة القرآنية والمحظرة وغير ذلك مما يخص الإسلام المحض للما قام بذلك ولكنه في هذين التصرف كان قادما من الإمارات كما أنبه سيادتكم أيضا أن هذا التراجع للسيد الرئيس الحالي عن تصريحه لعدم وقوفه وراء ترشحكم إنما هو تصريح طارئ تـكتيكي اقتضته الظروف.

 

فلو كان عازما عليه لما أمر نوابه بالبحث له عن مأمورية ثالثة في غيبته الخليجية المشؤومة التي كادت أن تحرك موريتانيا كلها.

 

وبناء على ذلك الإعلان فعليكم أن تعيدوا تصريحكم ولو عن طريق خرجة بسيطة في الإعلام توضحون فيها ثباتكم الطبيعي على ترشحكم لكل الموريتانيين بلا استثناء وتقولون في هذه الخرجة ما ينفي غير فكرتكم هذه.

 

ومن هنا أتوجه أيضا إلى المعارضة ولا سيما التي تقول أن مرجعيتها إسلامية لأذكرها بقوله تعـالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} والعدالة هي الأصل في المسلم حتى يثبت العكس ولا سيما أن وسائل الاتصال، والبحث المباشر عن تحقيق هذه الصفة متاح في كل ساعة ـ أما الاعتذار بمجرد اصطلاحات أهل الدنيا إلى غير ذلك فهناك وقت لا يقبل فيه الاعتذار {ولا يؤذن لهم فيعتذرون}.

 

إذن فما هو المانع شرعا أو قانونا أن تتوجه المعارضة إلى هذا العسكري المترشح وتوضح له الوضعية التي تعيش فيها موريتانيا الآن كما تعتقدها المعارضة وتوضح له كذلك ما تريد أن تكون عليه ديمقراطية موريتانيا ـ ولا شك أنه هو عنده تكوين خاص يقهم فيه مضامن الكلام أيا كان ـ وينتظرون جوابه ما داموا حتى الآن لم يتوافقوا على مترشح ولو لمجرد الترشح مع تيقن عدم النجاح مع المنافس.

 

فإذا كانت الحكمة هي ضالة المؤمن فإن النتيجة المحققة أفضل من النتيجة المشكوك فيها أو المتيقن عدمها وأينما تكون المصلحة فثم شرع الله.

 

وملخص هذا المقال:

- أن مسميات الموالاة والمعارضة دخيلة على سلوك الشعب المسلم ولا سيما بشكليهما الذي استعملوا فيه بموريتانيا.

- التنبيه على أن الكلمة الواضحة التي ألقاها المترشح غزواني وسمعها الجميع تتنافي أنه مترشح من أي طرف بل مترشح لجميع أصوات الموريتانيين وذلك هو سبب إقبال المواطنين عليه.

- أنبه المعارضة ولا سيما التي عندها وصف خاص تصف به نفسها أنها غير معذورة غدا بين يدي الله في عدم البحث عن الأصلح لقيادة المسلمين في موريتانيا أيا كان ومن أين جاء الخ.

 

فالله يقول {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تـلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا}.