على مدار الساعة

عن كتاب النظرية السياسية عند الإمام الحضرمي

4 مارس, 2017 - 15:36
بقلم: الشيخ عبدي ولد الشيخ

لم يحظ الفكر السياسي الإسلامي في عموم المنطقة المغاربية بعناية تماثل تلك التي مُنحت للنخبة الإسلامية في المشرق  التي أشبع الباحثون أفكارها وأطروحاتها نقاشا وتعقيبا ونقدا وتمحيصا، في حين ظل إنتاج النخبة العلمية الغرب إسلامية إلى وقت قريب نكرة في خضم الكتابات المهتمة بتاريخ الأفكار والنظريات التي تبحث في حقل الأخلاق السياسية ونظام الحكم والإدارة،

    

 فإذ اكان المشرق الإسلامي قد عرف نخبة مُستينيرة أنتجت فكرا سياسيا إسلاميا كأبي نصر الفرابي ت 332هــــ وأبو الحسن الماوردي ت 450هـــــ فإن منطقة الغرب الإسلامي قد حفلت هي الأخرى  بأعلام فكرية قدمتْ مساهمات فكرية جادة في المجال، من أبرزهم: الإمام القاضي المالكي أبو بكر محمد ابن الحسن الحضرمي القيرواني المعروف في المصادر ب "الإمام الحضرمي".

 

    وحول مساهمات هذا الرجل صدر العديد من الأعمال العلمية الجادة كان آخرها الدراسة المسومة ب : "النظرية السياسية عند الإمام الحضرمي، وأثرها في المغرب والأندلس" " وهي دراسة علمية رصينة صدرت حديثا عن دار قوافل للنشر، من إعداد الباحث والأكاديمي الجزائري د.محمد الأمين بلغيث.

 

       تعالج الدراسة معالم النظرية السياسة التي أنتجها أحدُ أبرز أساطين الفكر في الغرب الإسلامي ورائد علم السياسة وواضع دستور المرابطين في الصحراء الإمام الحضرمي الذي ارتبط بالجهاز الدعوي والسياسي للمرابطين، وساهم في بناء رسوم الملك في دولة بدوية تنقصها عراقة الحكم وتقاليد السلطة والإدارة فضلا عن مساهماته في الدرْس العقدي والأصولي على طريقة نُظار الأشاعرة.

 

        سعت الدراسة إلى استجلاء معالم هذه النظرية من خلال خمسة فصول: حَمل الفصل الأول عنوان: تطوُر الفكر السياسي إلى عصر الحضرمي، رصد فيه الباحث تاريخ الفكر السياسي الإسلامي من خلال تسليط الضوء على أفكار ابن المقفع والفارابي والماوردي، وأضح إلى أي مدى تأثر الحضرمي بأفكار من سبقوه في المجال ونقاط الالتقاء بينه وبين هذه الأعلام المشرقية.

 

       فيما تناول الفصل الثاني عصر الإمام الحضرمي والتعريف بالبيئة السياسية والفكرية والاجتماعية التي عاشها وعايشها، معرفا بنسبه ومولده ونشأته ومساره العلمي ومؤلفاته ورحلاته،

 

       وعالج الفصل الثالث "فكرة الحكم والدولة عند الإمام الحضرمي واستخلص الباحث في هذا الفصل القواعد الرئيسية للنظرية السياسية للإمام الحضرمي، حاصرا إياها في: الإمارة والحجابة والكتابة والجند والحرب والدهاء السياسي.

 

      أما الفصل الأخير فتناول فيه المؤلف آثار الفكر الحضرمي في المغرب والأندلس، ولِرصد هذه الآثار قدم المؤلف نماذج لأعلام وكتاب تسربت أفكار الحضرمي إلى كتاباتهم وهم : أبو القاسم ابن رضوان المالقي الأندلسي 782هـــــ، أبو حمو موسى الزياني 791 هـــــ، ومحمد ابن الأزرق الأندلسي 896هــــــ،

 

وجاء الفصل الخامس والأخير تحت عنوان : قواعد الملك  والتأسيس الفكري للمشروع المُرابطي من خلال المُفكرين المرابطيين، تم التركيز في هذا الفصل على تجربة الإمام الحضرمي حيث قدم الباحث قراءة متأنية لفكر الرجل وفلسفته السياسية من خلال كتابه الإشارة في تدبير الإمارة الذي يرى الباحث أنه يشكل أول كتاب في السياسىة الموضوعية أنتج في الغرب الإسلامي إذا ما استثني كتاب السياسة لابن حزم الظاهري، وكتاب السياسة لأبي العباس التدميري أحد أعلام القرن الرابع الهجري.

 

     و في الأخير خلص المؤلف إلى مجموعة من النتائج التي خرج بها من الدر اسة، وقدم هذه النتائج في خاتمة بالغة الإيجاز والاختصار