على مدار الساعة

للإصلاح كلمة: تبارك للمترشح العسكري مع تحليلات في الموضوع

5 مارس, 2019 - 16:46
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح نظرا إلى أنها لا تستطيع كتابة أي مقال إلا وجعلت للعقيدة الإسلامية في مصير هذا الإنسان نصيبا وافرا من مضمونه ـ فإني أبارك لهذا العسكري ترشحه ـ إلا أني في نفس الوقت أشفق عليه من هذا الترشح.

 

فالإسلام يقول إنه لا يتم إيمان أحد منا إلا أن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، وبذلك فإني والله لا أحب لنفسي هذا المنصب ولا أحبه لأي مؤمن إلا إذا أخذ هذه الأمانة بحقها وأدى فيها جميع حقوق الإنسان الذي أمره الله بها في آياته القرآنية المفصلة بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا فهو الانتحار الأخروي بعينه.

 

فالمسلم لا يهنئ أخيه المسلم في أي مناسبة سعيدة في ظاهرها إلا وعندما يتطاول لينظر وراءه مصير هذا الأخ إلا وشاهد من يحمل سلاحا قاتلا يريد هذا الأخ صاحب المناسبة لقتله وهو قاتله لا محالة ـ ألا وهو الموت ـ وليته قتله وترك جثته للطيور لتذهب بها في حواصلها وينتهي الأمر ـ ولكن هذا المأمور عندما يقتل هذا الأخ يسلم روحه مباشرة لخالقها لتبدأ السعادة أو العذاب المهين إلى ما لا نهاية، يقول تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}.

 

ومن هنا أذكر الأخ المترشح أن ما سيقدم عليه من تحمل هذه الأمانة وهي أمانة المسؤولية العامة عن حياة أمة هي التي خاطبه الله خصيصا في شأنها في قوله تعالى {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}.

 

وهي الأمانة التي امتنعت السماوات والأرض والجبال عن تحمل مسؤوليتها الأخروية مقابل التمتع بها في الدنيا إلا أنهن خفن من عذاب عدم أداء حقها، ولكن الإنسان بوصفيه الكفور الجهول تحملها.

 

أما رؤساء الدول الإسلامية وعلى رأسهم كل من سبق هذا المترشح للرئاسة ـ فإنهم رجال أكلوا أحياء على فراش موتهم ـ إلا من أعطاه الله منهم قلبا خائفا منه وهو الرئيس هيدالة شفاه الله وأعطاه عمرا نظيفا وأقدمه بعده على رب سمع ما قال ورأى ما فعل أيام حكمه وغفر ذنبه وأدخله جنته، ولو قال أهل الدنيا الآن ما قالوه في حكمه تلك الفترة.

 

فالله تبارك وتعالى لم ينزل آيات أوضح تفسيرا ولا أعزم طلبا من تنفيذ أحكامه فوق أرضه على عباده، وأن الاعتذار عنه بالعجز في الدنيا لا يقنع إلا أهل الدنيا بعد قوله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} إلى آخر الآية {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} إلى قوله تعالى {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}.

 

أما تقسيم الجنايات إلى جناية السياسية وهي الخيانة العظمى وتنفذ أحكامها فورا في الدول الإسلامية وجنايات عصابات فيما بين الإنسان والإنسان فتلك جنايات لا يمكن تنفيذها خوفا من المجتمع الأجنبـي ـ فهنا الانتحار الرئاسي أو الملكي الأخروي ـ وإن غدا لناظره لقريب.

 

هذه عجالة عن كتابة ما ينتظر هذا المترشح الذي نبارك له ترشحه ونتمنى أن يعطيه الله معه قلبا صلبا مع أهل الدنيا المنحرفين وفي نفس الوقت قلبا رحيما بالمؤمنين الممتثلين لأوامر الله المنزلة في هذه المعجزة الكبرى المتلوة آناء الليل وأطراف النهار على مسامع من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا حتى يأتي ربه بقلب سليم.

 

أما من جهة ميراثه لهذا الحكم فإننا نساعده بأن نفصل له الطريق التي يأمر الله بها المسؤول الأول عن شؤون الإسلام والمسلمين في حكم المجتمع الإسلامي وما تحت حكمه من أي إنسان يحتاج لممارسة العدالة في شأنه.

 

وفي هذا الصدد لم يجد أي مسلم كلمات في هذه الساعة أحسن من الكلمات التي خاطب بها أبو بكر المسلمين عند استلامه للحكم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله: "إذا أحسنت فأعينوني وإذا أسأت فقوموني، فالقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، والضعيف قوي عندي حتى آخذ له الحق.

 

إن المجتمع الإسلامي ومراعاة حقوقه لا تتغير من زمن عن زمن آخر وإن هذه الثنائية التي ورثتموها عن سلفكم وقد اتبع فيها أخيرا غير سبيل المؤمنين ألا وهي ثنائية الموالاة والمعارضة، فإن إتباعها في حياة المسؤول الأول هي أخطر وأصعب ممارسة إدارة يطلبها الإسلام ويرضى عنها الشعب المسلم.

 

فمن أين لأي رئيس بهذا التقسيم في الشعب الموجود تحت حكمه: هناك فئة موالاة هي ملزمة بالإشادة بالأفعال الصادرة من الرئيس ولو كانت وحشية، إلا أن مبرراتها الدنيوية حاضرة ومهيأة من طرف هذه الفئة مقابل امتيازاتها بكل تعيين وكل تصرف مادي.

 

وفئة أخرى ليس لها الحق في الحياة داخل مؤسسة الدولة وهي المعارضة، ونتج عن هذا أن المعارضة خالفت أمر ربها في نصيحة المسؤول والتعاون معه، والمسؤول الأول خالف ربه في ضياع حقوق هذه الفئة من الشعب والله يقول {ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}.

 

إن انطلاق بداية هذا الترشح الذي لا ميزة في دعوة حضوره لأي موريتاني مواليا كان أو معارضا هي دعوة موفقة.

 

فمن صعد فوق منابر الملعب عشية الجمعة يرى وكأن انواكشوط بما فيها من أجناس الموريتانيين أصبحوا داخل ذلك المنظر ـ فإنه لا بد أن يذهب بقناعة أن الترشح يمكن أن ينعت بالإجماع، فالهدوء داخل الملعب بدون وجود أي قوة تفرضه وانطلاق أسرار جباه الحاضرين فوق المنصة يوحى بأنه ليس هناك حكم مسبق على خلفية تصرفات هذا المترشح، كما أن الخطاب جاء شبه متجانس مع عمومية الدعوة لولا أنكم السيد المترشح ساويتم في عمل سلفكم في سنواته العشر وهي غير متساوية وهنا يجب وضع النقاط على الحروف ولا سيما أن سنواته الأخيرة هي التي سوف يليها بداية عملكم.

 

فالشريعة تقول إن المراهقين المميزين لا تقبل شهادتهم على الجرائم إلا قبل أن يختلطوا بالكبار البالغين فبعدئذ لا تقبل شهادتهم بعد الاختلاط بالبالغين.

 

فكذلك هذا الرجل بدأ بداية يقرأ فيها من وجهه ولسانه وتصرفه أنه صادق فيما يقول من مكافحة الفساد وسجن المفسدين ورئاسته للفقراء تلك الرئاسة التي انتهت عند بدايتها وبعد اختلاطه مباشرة مع الموالاة وأساطين النفاق فاكتفى في تلك الرئاسة بخلق حوانيت أمل ومؤسسة التضامن وكأنهما أنشئا ليكونا مكانا لرواتب كبيرة لموظفين يختارهم المسؤولون في الدولة، أما الفقراء فمن عنده إمكانيات مادية وعضلية من الفقراء فيمكنه أن يستفيد استفادة نسبية وأما الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا فمكانهم البيت ومنه إلى اللحد.

 

أما في السنوات الأخيرة لهذا الرئيس وبعد لقائه واختلاطه مع الأغنياء إلى النخاع وعدم الالتفات إلى مصير الإنسان في الآخرة المحدد في الإسلام إلى النخاع وشدة التملق والنفاق في شعوب كل من مصر والخليج العربي ولا سيما الإمارات المتحدة إلى النخاع كذلك فقد تغير سلوكه عن بدايته التي قام بها.

 

فمعلوم عند الجميع غير المتملقين أن هذه الناحية من الدول العربية هي التي جعلت الدول العربية أضحوكة ومهزلة أمام الجميع مع كثرة غناهم وفساد أفكارهم وأخلاقهم حتى جعلوا الجامعة العربية تسير دائما من سيء إلى أسوأ.

 

فبعد لقاء هذا الرئيس واختلاطه مع ذلك الوباء في تلك الدول قام بانقلاب على نفسه بمعنى أن سنواته الأخيرة الخمس قام فيها بانقلاب أسود على خمسيته الأولى التي كان فيها موريتاني الدين والشجاعة والإقدام واحترام الإنسان فأكلت سنواته العجاف الأخيرة سنواته الخمس الأولى السمان.

 

فهناك أوصاف ابتلى الله بها أولئك الرؤساء والملوك والأمراء ولذلك اتصفت شعوبهم بأوصاف تشبه ذلك.

 

فأولئك القادة ابتلاهم الله بما يلي:

  • كثرة الغناء الدنيوي.
  • حقارتهم للإنسان في الدنيا.
  • كثرة التملق والنفاق في شعوبهم.
  • اكتفاؤهم في الإسلام بإسلام النفاق والإملاء على علمائهم فيه بما يرضيهم على حساب الإسلام الوسطي المحاول لتطبيق الإسلام المسامح الداعي بالتي هي أحسن في كل أموره كما أمرته به نصوص الإسلام.

 

ومن هنا أنبه السيد المترشح أن هذه الناحية من تربية السنوات الخمس الأخيرة لهذا الرئيس وتبنيه لأوصاف أولئك الموغلين في الغناء الفاحش المتروك للورثة لا محالة المسؤول عنه في الآخرة من أين اكتسب؟ وفيم أنفق؟ الخ.

 

  • الاعتداد بالقوة الدنيوية واحتقار الإنسان من ما أدى إلى تصوره أن موريتانيا من حدودها إلى حدودها هي ملك خاص للرئيس يتصرف فيها كيف شاء وهو ليس له فيها إلا ما أعطاه الدستور (وهنا يجب تنبيه المترشح على هذا الغلط الفاحش) لتجنبه ومثله.
  • إزالة النفاق والتملق عن الشعب الموريتاني بالوقوف على مسافة واحدة من جميع أجزائه ومكوناته وقبائله ومدنه إلى آخره.

 

السيد المترشح إن عليكم الانتباه من اليوم فصاعدا إلى جميع التحركات التي قد تطرأ.

 

فعند الرئيس الحالي إعجاب كامل بسلوك ترامب مصر الذي لم تشهد مصر رئيسا يضاهيه ولا يقترب منه من نوع التفكير ولا في عدم توفيق تصريحاته ولا أي شيء يشبه أنواع الرئاسة إلا التبجح بقوة الجيش لمكافحة المواطنين فقط واستعداده لذلك، ولذا فإن جنرالين قد ترشحا معه وعند ترشحهما قبض عليهما ووضعا في السجن، ومن هنا يجب مراعاة عدم طرو أي فكرة شبيهة غير متوقعة.

 

وأخيرا فنتمنى لكم السيد / المترشح نجاحا عاما في كل أمور الدنيا المتعلق منها بالدنيا والآخرة.

 

والآن أختم بهذه الآية التي أنزلها علام الغيوب على رسوله صلى الله عليه وسلم الذي اختاره لتبليغ دينه لآخر الإنسانية فوق أرضه وتحت سمائه ومع أن سبب نزولها معروف وهم أسرى بدر إلا أن معناها يسير مع الإنسانية إلى النهاية وهي قوله تعالى {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا من ما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم}.