على مدار الساعة

قاض موريتاني يكتب: نهج وكالة الوثائق يزدري القضاء

27 فبراير, 2017 - 12:04

الأخبار (نواكشوط) ـ اتهم القاضي د.محمد محمود بن أحمد بن السعيد، وكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة بأنها تعتمد نهجا متطاولا على حرمة القضاء واستقلاله، معتبرا أن هذا النهج يمثل "إهانة للقضاء والحط من هيبته بامتهانه وازدراء أعماله"، معددا نماذج على إلزامات من الوكالة للقضاء.

 

واعتبر القاضي ابن السعيد في مقال نشره الاثنين 27 فبراير 2017، أن نهج الوكالة هذا أدى إلى واقع عملي أوجد جهة رقابة من خارج القضاء تمارس  صلاحيات القبول والرفض لقرارات القضاء، وانتحال صفة محكمة الاستئناف بتعقب أعمال محاكم الدرجة الأولى.

 

كما أشار ابن السعيد وهو رئيس محكمة مقاطعة أمرج بالحوض الشرقي، إلى أن رفض الأحكام القضائية وتقدير مدى انسجامها مع الواقع والقانون منوط على وجه الحصر بالمحاكم الأعلى درجة ووفق إجراءات وضوابط محددة، واصفا الحكم القضائي بأنه عنوان الحقيقة والإخبار بها على وجه الإلزام، وإلا كان كلاما كغيره من الكلام، وذهبت قداسته وهيبته.

 

وشدد القاضي في مقاله على أنه: "لا معنى لأن تخاطب أي جهة- مهما كانت- المحاكم بصفة الأمر الذي يقتضي العلو والاستعلاء بأن تكون أحكامها  وفق الإجراءات التي ترغب هي فيها".

 

وعدد القاضي ابن السعيد، نماذج من ما يعتبره تطاولا من الوكالة على القضاء؛ من بينها أن الوكالة تلزم القاضي بوضع صور الأطراف على الأحكام والختم عليها، وتحديد حيز مكاني لا يتجاوزه سريان الحكم القضائي، وتسجيل الأرقام الوطنية والتواريخ في أماكن معينة من نسخة الحكم.

 

كما أشار إلى أن الوكالة تلزم القاضي عن طريق ضغط المواطنين بإصدار أحكام غير جادة وتدعو إلى السخرية، كأحكام النسب لشخص معلوم النسب ويحمل بيده مستخرجا أو بطاقة تعريف من الوكالة ذاتها بعد أن تم إحصاؤه لديها، وكتصحيح الأخطاء المادية البسيطة الصادرة منها أيضا.

 

ووصف القاضي عدم سريان الحكم القضائي المثبت لميلاد الطفل إذا لم يكن مصحوبا بإفادة من ممرضة، بأنه يجعل الحكم القضائي وحده غير مفيد للحجية لدى بعض المراكز، مشيرا إلى إلزام الوكالة للقضاة بأن "يكون منطوق الحكم بصيغة محددة من أخطأها من القضاة اعتبر حكمه موقوف التنفيذ لدى بعض المراكز أيضا".

 

واقترح المقال حلولا من بينها استصدار فتوى عاجلة من  المحكمة العليا تذلل الصعوبة القانونية المثارة في هذا الأمر(المادة: 12من التنظيم القضائي)؛  كي يمكن مخاطبة القضاة  والوكالة من خلال ما نطقت به تلك الفتوى، والشروع في تعديل المواد المشكلة للحكم بإضافة فقرة جديدة تتضمن وجوب وضع صور الأطراف على كافة الأحكام أو على بعضها فقط؛ من أجل حسم ما يتعلق بهذا الموضوع حسما قانونيا حضاريا.

 

كما دعا إلى الحث على احترام مبدأ استقلالية القاضي الجالس، وعدم ممارسة الضغط عليه والتأثير على قناعته بأي نوع كان، ومن أي جهة، إضافة إلى عقد ملتقيات تجمع كافة المعنيين والمهتمين بالموضوع لنقاش الإشكال والخروج بتصور موحد وتخليص القضاء من أسْر الحالة المدنية؛ ليتفرغ لمهامه الأصلية، بحسب تعبيره.