على مدار الساعة

موريتانيا بين صمت ولد الغزواني والرغبة في قائد يقود المرحلة

21 يناير, 2019 - 12:41
محمد ولد الشيخ ـ أستاذ جامعي

 في موريتانيا اليوم لا صوت يعلو فوق صوت التوقعات والمراهنات على من يخلف الرئيس عزيز في أهم منصب في هذه الدولة العربية المسلمة ، التي تتميز بمساحتها الشاسعة وعدد سكانها القليل ، وخيراتها الكثيرة ، وموقعها الجغرافي المتميز، وفوق كل ذلك بشعبها الفقير المسالم ، مما يعني أن من يصل إلى منصب الرئاسة لديه فرصة ذهبية للنفوذ والثراء ... والسيطرة.

 

ورغم أن المعارضة الموريتانية تحاول لملمة شتاتها وتوحيد جهودها للوصول بمرشح واحد إلى سدة الحكم في مواجهة المرشح المدعوم من نظام الرئيس محمد عبد العزيز الذي أعلن صراحة وبما يضع حدا لأي تكهن عدم رغبته في مأمورية ثالثة.

 

 إلا أن أي متابع لتحركات المعارضة الحالية وأهواء أقطابها يدرك بداهة أنها أضعف من أن تنافس مرشح النظام للمنصب الأهم في البلاد ، خاصة في ظل دعم غربي لأي رئيس قوي من رحم النظام لمواصلة "النجاحات" التي يرى المراقبون أنها تحققت على الصعيد الأمني وبالتالي لن يفرط الغرب الساعي للوصول إلى منابع الغاز الرخيص في موريتانيا والراغب في منع الهجرة والمهتم بالاستقرار على حدوده في جنوب الصحراء - لن يفرط - في مرشح قوي لهذا المنصب.

 

كل هذه المعطيات تجعل من ترشيح صديق الرئيس ورفيق دربه الخيار الأول سواء للنخبة الراغبة في مواصلة ثرائها أو للغرب المهتم بمصالحه أو للشعب المنصاع للمهيمن بالفطرة ، وللنخب المتعبة من المعارضة وتريد أن تستفيد من خيرات بلد ينهب دون أن تستفيد منه وذلك منطق البرغماتيين وهم كثر في بلادنا ! ولكن المشكلة التي تجعل الوضع ضبابيا وغير واضح هي هذا الإيغال في الغموض الذي يتبعه وزير الدفاع وعدم حديثه لاسرا ولاعلنا عن رغبته في خلافة زميله!

 

كما أن الرئيس لم يلمح عرضا لرغبته في منح هذا المنصب لرفيقه ، وبالتالي وجدت النخبة الموريتانية نفسها تصفق في هواء وتريد أن تمنح الرئاسة لشخص لايبدي رغبة فيها وهي بذلك تكرر أبيات الشاعر العربي أبو العتاهية (من بحر المتقارب )ممتدحا الخليفة المهدي ثالث خلفاء بني العباس :

أَتَتــهُ الخِلافَــــــةُ مُنقادَةً ** إلَيـــهِ تُجَــــرِّرُ أَذيــالَها

وَلَــم تَـــكُ تَصلُحُ إِلّا لَـهُ ** وَلَـــم يَــكُ يَصلُـحُ إِلّا لَها

 وَلَو رامَها أَحَـــــدٌ غَيرُهُ *** لَزُلزِلَــتِ الأَرضُ زِلزالَها

 وَلَو لَم تُطِعهُ بَناتُ القُلوبِ *** لَمـــــا قَبِــــلَ اللَهُ أَعمالَها

 وَإِنَّ الخَليفَةَ مِـــن بَعضِ لا *** إِلَيـــهِ لَيُبغِضُ مَــن قالَها !

 

فاللواء الصامت يحاول الجميع أن يجعلوه يتكلم عن نفسه أو عن برنامجه ولكنه لايمنحهم هذا الشرف !! بل يظل صامتا وفي ذلك عدة رسائل أولها عدم التزامه بأي وعود يقطعها للنخبة الراغبة في الحفاظ على مصالحها ! فهي تأتيه منقادة دون وعود بشيئ ، كما أن في الأمر رغبة في عدم تعكير مأمورية الرئيس الحالي وتركه يلملم أوراقه بهدوء ! وفيها كذلك هدوء زائد وتعفف موروث عن السلطة ربما هدد النظرة للرجل ويجعل الكثيرين ينفضون من حوله خوفا من أن يتسبب هدوؤه في فوز غيره بالمنصب الذي تقطع أعناق الرجال في سبيل الوصول إليه!

 

وبين رغبة البعض في أن يتكلم ول الغزواني ، وظهور بديل له أكثر ثرثرة وقدرة على الكشف عن بعض برامجه تبقى موريتانيا أسيرة في ذهن الرئيس ول عبد العزيز الذي لا يريد لها أن تخرج عن طوعه إلا بعد أن يحتاط لنفسه ولمصالحه التي كونها هو والمقربون منه على امتداد عقد من الزمن كان بحق من أكثر عقود هذا البلد إثارة للجدل على أكثر من صعيد لدرجة أن بعض المتزلفين من أنصار الرجل يسمونه " المؤسس" في محاولة للقفز على حقائق التاريخ والواقع المعاش !!

 

محمد ول الشيخ