على مدار الساعة

مُمَيِّزَاتُ الْمَشْهَد الْبَرْلَمَانِي الْجَدِيد

18 سبتمبر, 2018 - 23:05
المختار ولد داهي - سفير سابق

أسدل الستار على "النزال الانتخابي" الكبير والطويل، الكبير بحسب مائة حزب سياسي المشاركة فيه وبمعيار صناديق الاقتراع الخمسة التى "تربط وتذهب رأس" القطا والطويل لأن عددا كبيرا من الدوائر لم يحسم إلا باللجوء إلى شوط ثان.

 

ونظرا للترفيع والتوسيع الدستوري لاختصاصات المؤسسة البرلمانية المصادق عليه السنة الماضية استفتاء فإن أغلب الموريتانيين يبسطون آذانهم تحسسا لتشكلة مكتب البرلمان المقبل وما يستتبع ذلك ويتأثر به من شكل وتشكلة الحكومة المرتقبة.

 

وإسهاما في الإضاءة على المشهد البرلماني الجديد سأكتفي في هذه الأسطر المعدودات بتبيان خمسة مميزات أحسب أنها ستساعد من يسعى إلى استشراف الشكل والتشكلة البرلمانية والحكومية المنتظرتين:

 

أولا: تطبيع المشهد البرلماني الوطني؛

 لا مراء في أن من أبرز حسنات ومميزات استحقاقات سبتمبر ما يمكن أن أسميه "تطبيع المشهد البرلماني الوطني" حيث شاركت القوى السياسية المعارضة التي قاطعت العهدة البرلمانية الماضية ومثلت بالبرلمان الجديد فأضحت الجمعية الوطنية جمعية وطنية ملء الكلمة يجلس تحت ظلها ومظلتها جميع الطيف السياسي على تفاوت ملحوظ بل صارخ أحيانا في الأحجام والأثقال الانتخابية؛

 

ثانيا: استقرار المؤسسة البرلمانية:

تبشر مخرجات الانتخابات البرلمانية باستقرار المؤسسة البرلمانية ذلك أن استقرار المؤسسات البرلمانية عموما مرتبط غالبا بحصول حزب ما منفردا على أغلبية برلمانية تحصنه من ابتزاز شركائه في الموالاة واستفزاز خلطائه في المعارضة وخصوصا في الدول حديثة العهد نسبيا بالممارسة الديمقراطية والتي تنتمي إليها بلادنا.

 

ويمثل حصول الاتحاد من أجل الجمهورية منفردا على أغلبية مطلقة (59%) بالبرلمان الجديد ضمانا لاستقرار المؤسسة البرلمانية الوطنية فلا شركاؤه بالموالاة يستطيعون ابتزازه ولا خلطاؤه بالمعارضة يقدرون على استفزازه ومن المعروف أن الدول تكون مستقرة إذا كانت برلماناتها مستقرة.

 

ثالثا: توقع ترفيع الأداء البرلماني:

من المتوقع أن يكون البرلمان الجديد الذي دلفت إليه شخصيات وازنة علميا ورصيدا نضاليا من الموالاة والمعارضة أكثر قدرة على أداء المهام البرلمانية تشريعا ورقابة مقارنة مع التشكلة البرلمانية المنتهية عهدتها.

 

ويفرض التطور النوعي لأفراد البرلمان الجديد أخذه في الحسبان إبان تشكلة الحكومة المنتظرة التي يجب أن يكون غالب أفرادها على درجة من الكفاءة العلمية والمهنية السياسية لمواجهة برلمان من المتوقع أن يرتفع أداؤه تمحيصا واقتراحا للتشريعات وتفعيلا وتكثيفا للرقابات؛

 

رابعا: سخونة مواضيع الجدل البرلماني:

رغم توفيق الاتحاد من أجل الجمهورية شركائه في حصد ثلاثة أرباع المقاعد البرلمانية فإن مشاريع مجتمع وشخصيات تمثل رموز التطرّف العنصري والشرائحي استطاعت دخول البرلمان من الباب (يعرفون  أنفسهم) أو من النافذة (يدركهم الغبي والمتغابي) مما ينبئ بأن مواضيع حقوقية مفرطة الخلافية والاستقطابية سوف تكون دائمة الحضور في الجدل البرلماني اليومي؛

 

خامسا: انضمام الأحزاب ذات المقعد البرلماني الواحد إلى الكتل البرلمانية الكبرى:

من غير المستبعد أن تقرر الأحزاب السياسية موالاة ومعارضة والتي لم تستطع تجاوز  سقف البرلماني الواحد خلال الاستحقاقات البرلمانية الأخير ة الانصهار في أحد الأحزاب السياسية الوازنة برلمانيا طلبا للمقروئية السياسية وحذرا من التذكير واللفت الدائم للانتباه على وزنها  الانتخابي "غير الثقيل".