على مدار الساعة

ولد بلخير: أود أن تتفق المعارضة على مرشح موحد 2019

23 أغسطس, 2018 - 13:39
رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير خلال حديثه مع الأخبار

الأخبار (نواكشوط) – أكد رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير أنه يود أن تتفق المعارضة على مرشح موحد في الانتخابات الرئاسية 2019، مشددا على أنها في حال توصلت له، ووافق هو عليه فإنه سيدعمه.

 

وأشار ولد بلخير في مقابلة مع الأخبار إلى أنه سبق وأن تحدث مع "شخصيات معارضة حول ضرورة الإجماع على مرشح موحد، وأنه هذا الموضوع يجب أن يعطى الأولوية الآن"، معتبرا أن "الحديث عن الأسعار وارتفاعها في ظل انعدام السيولة، ورفع المراجل الفارغة في ظل عجز المواطنين عن شراء حاجياتهم، واقتناء ما يضعونه في هذه المراجل، انشغال بأمر ثانوي في هذه المرحلة".

 

وأشار ولد بلخير إلى وجود ضعف مادي ظاهر على الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات، وخصوصا حزبه، مردفا أن "الجميع يعرف أننا حزب لا يمتلك أي رصيد مالي، ولا ودعم مالي ثابت".

 

وقال ولد بلخير إنه سمع "أن الدولة فرضت على رجال الأعمال غرامات مالية من أجل دعم الأحزاب السياسية الموالية لها، وهددتهم بفرض ضرائب عليهم وغرامات إدارية قد تؤدي لإفلاسهم في النهاية إذا لم يستجيبوا لهذه الإجراءات، وبالتالي أصبح رجال الأعمال يخشون الغرامات والضرائب التي يمكن أن تفرض عليهم".

 

ولفت إلى أنه لا يستبعد "أن تكون الدولة قد حذرتهم من تمويل الأحزاب المعارضة، مع احتمال أن يكون رجال الأعمال أنفسهم قد فقدوا النظرة الإيجابية للعمل السياسي، ولم يعودوا يؤمنون بأهميته، ولا فائدته، ولا مردوده".

 

ووصف ولد بلخير الاستحقاقات الحالية بأنها "مفبكرة"، معتبرا أن "عدم إشراك الفاعلين السياسيين، وكذلك الناخبين في التحضير لها وفي تحديد وقتها يوحي بأن الدولة تبيت نوايا لم ندرك حقيقتها بعد"، مؤكدا أن مسارها "لا يعبر عن إرادة حقيقة لتنظيم انتخابات شفافة"، مردفا أن "الجميع أرغم على توقيت لم تتم استشارتهم فيه، وهناك نية مبيتة فيها لحاجة في نفس يعقوب".

 

وتحدث ولد بلخير في المقابلة عن الأوضاع العامة في البلاد، ونظرته للانتخابات الحالية، وقراءته لمسار التجربة السياسية له ولحزبه خلال السنوات الأخيرة، وموقفه من المرشح الموحد للمعارضة في رئاسيات 2019، ومواضيع أخرى عديدة.

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: واكبتم المسار السياسي الموريتاني منذ، من إطلاق المسار الديمقراطي قبل أكثر من ربع قرن، برأيكم، ما الذي يمز المسار السياسي الحالي عن المسارات الانتخابية السابقة؟

ولد بلخير: أولا أرحب بوكالة الأخبار، ويشرفني أن تطرحوا أسئلتكم في هذه الظروف الانتخابية.

 

قبل الإجابة على السؤال، دعني أتمنى لجميع الحجاج الموريتانيين الذين وفقوا في الحج حجا مبرورا، وكذلك لجميع الموريتانيين مزيدا من الإخوة والوحدة والتضامن والتسامح، وكل هذه المعاني التي تم اللعب بها والتهاون بها – بكل أسف -.

 

لقد أصبحنا – بكل أسف - على محك المواجهات، وأصبح ناقوس الحروب الأهلية يدق من هنا وهناك، وهذا لا يليق بالشعب الموريتاني المتسامح، وهي صفة يقر بها المجتمع الدولي ودول الجوار حيث يعرفون عن الشعب الموريتاني أنه شعب مسالم ومتآخ، ومسلم 100%.

 

ما أؤمله، وأرجوه أن نقف كلنا بالمرصاد أمام كل المحاولات الدنيئة التي يسعى أصحابها لأن ينجرف الشعب الموريتاني إلى ما لا يليق به، ولا يليق بموريتانيا.

 

وعودة إلى سؤالك، عن ما يميز هذا الانتخابات عن سابقاتها، سأنطلق من إحساسي  الشخصي، وأري أن من أبرز ما تمتاز به هو أن برمجتها تمت في ظل غياب الفاعلين السياسيين والناخبين وعدم إشراكهم، فضلا عن اختيار أسوء موسم لها بالنسبة للشعب الموريتاني، حيث جاءت بعد موسم جفاف عام بالبلاد طويل وماحق، أثر على ثروة المنمين التي تحصلوا عليها بمجهوداتهم الخاصة دون أي منة من الدولة أو أي كان فيها.

 

هذا الجفاف تسبب في هجرة المنمين وتنقلهم نحو الدول المجاورة من أجل الحفاظ على ثروتهم، وتركوا أسرهم تحت رحمة الله دون أي معيل أو مساعد يعتني بهم أو يشفق عليهم، ولم يجدوا دولة تسهر على مصالح الشعب أو تمد له يد المساعدة والعون في ظل هذه الظروف، مما تسبب في موت الناس جوعا، والأدلة والشواهد على ذلك كثير وقد وثقت حالات كثيرة، وتم نشر صور عن حالات متعددة.

 

وبدل أن تتعاطف الدولة مع المتضررين دخلت في حملة مضادة لنفي ما تعرضوا له، والتكتم عليها مما اضطر بعض أسر الضحايا وذويهم إلى التصريح بانتفاء حدوث أي حالة وفاة، وتصريحهم بأن حالات الوفاة لم تكن بسبب الجاف والجوع بعد ضغوط عليهم.

 

كما عرفت هذه الانتخابات تور ط الرئيس في الحملة الحالية، وكذا تورطه في حملة الانتساب الذي أجراه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، والذي أعتقد أنه كان العمود الفقري للائحة الانتخابية، وذلك ربما بهدف تسهيل عمل الحزب خلال الحملة الانتخابية.

 

وتجلى تورط الرئيس في زيارتها للداخل، وتهديده للمواطنين، حيث لم يخف دعمه لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأعلن صراحة بأن الحزب حزبه، وأن من يريد مأمورية ثالثة ورابعة يجب أن يصوت لهذا الحزب، وذلك في خرق تام للدستور وللقانون.

 

وفي الحقيقة، هذه التصرفات لا تصدر من شخص يؤمن بالنظام الجمهوري ولا الديمقراطي.

 

والله أرجو أن يحفظنا ويحفظ البلاد مما نحن مقبلون عليه في قادم الأيام.

 

الأخبار: ماذا عن الإجراءات الإدارية وحياد الإدارة؟

ولد بلخير: نعم، لقد أكدت لك في السابق أن عدم إشراك الفاعلين السياسيين، وكذلك الناخبين يوحي بأن الدولة تسعى للإسراع بتنظيم الانتخابات، وكأنها تبيت نوايا لم ندرك حقيقتها بعد.

 

كما لم تتم استشارتنا في المسار الانتخابي.

 

وهنا أؤكد أن  اللجنة المستقلة للانتخابات التي أحترمها والتي شاركت بالفعل في تعينيها وتشكيليها - وما زلت أرجو أن يكون اختياري فيها أحسن من اختيارات سابقة - لم تشرك ولم تستشر في هذا الموضوع، وتم إقرار البرمجة والجدولة الانتخابية رغما عنها.

 

في العادة يتم تحديد مهلة شهرين على الأقل لتحضير المسار الانتخابي، ورغم أن اللجنة مضى عليها بالفعل شهران منذ الإعلان عن إجراء الإحصاء الانتخابي إلا أنها لم تستلم المعدات اللوجسيات، ولم تتوفر على الإمكانات اللازمة من أجل إدارة الانتخابية إلا في مراحل متأخرة، وكذلك تم تسريع الإحصاء الانتخابي، وتقليص المدة المخصصة له بشهر كامل.

 

هذه الفترة التي تم تحديدها لا تكفي لإحصاء جميع الناخبين الذين يحق لهم التصويت، وهذا ما جعل العملية منقوصة، ولا تعتبر عن إرادة صادقة لتنظيم انتخابات شفافة، بقدر ما تدلل على سعي الحكومة لتنظيم الانتخابات تحت أي ظرف.

 

لقد أصبحنا نعتبر أن هناك تواطؤا من الحكومة في ظل انتشار عشرات الأحزاب، إذ ليس من المعقول أن تكون دولة لا يتجاوز عدد سكانها الأربعة ملايين وبها مائة حزب 80% غير قائمة في الحقيقة، ومحسوبة على الدولة في الوقت ذاته، ورغم ذلك فتح المجال أمامها من أجل المشاركة.

 

هذا المسار لا يعبر عن إرادة حقيقة لتنظيم انتخابات شفافة. إنها انتخابات مفبركة، أرغم الجميع عليها، في توقيت لم تتم استشارتهم فيه، وهناك نية مبيتة فيها لحاجة في نفس يعقوب.

 

الأخبار: تحدثتم عن سرعة مقصودة في إجراءات تنظيم الانتخابات الحالية، برأيكم ما الهدف منها؟

ولد بلخير: لقد قلت خلال مهرجان افتتاح الحملة إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يسعى للحصول على ثلثي البرلمان القادم من أجل تصويت لتغيير الدستور لتحقيق مأمورية ثالثة، بل ربما يكون طموح الرئيس يتجاوز المأمورية الثالثة إلى الملكية، يريد أن يصبح ملكا أو حتى ملك الملوك.

 

وهذا السناريو إذا حدث بالفعل، فإن المسؤولية فيه لا ترجع إلى الرئيس، فهو في النهاية إنسان يحقه له أن يطمح لتحقيق أي مكسب أو منصب، وهذا التغيير لا يمكن أن يصل إليه إلا عن طريق الشعب، سواء كان ذلك بشكل مباشر  أو غير مباشر.

 

وقد حذرت الجميع من مجاراته فيما يريد، ونحن الآن نرى الحجم القليل للحريات والشراكة الذي يتيحه النظام الرئاسي، في ظل نظام جمهوري، فكيف إذا كان النظام ملكيا.

 

إذا يجب على الجميع أن يأخذ حذره، وأن يدركوا أن الجميع الآن قد وضعوا رقابة في حبل واحد، وإذا لم يحذروا فقد يختنقوا.

 

إن الجفاف الذي تحدثت عنه في بداية المقابل كأحد ملامح صورة الانتخابات الحالية يبدو أشد وقعا في المجال السياسي، إن المجال السياسي يعيش حالة جفاف ماحق.

 

الأخبار: ماذا الخط السياسي لكم شخصيا، ولحزب التحالف الشعبي التقدمي، فقد لوحد أنكم خلال السنوات الأخيرة أخذت مسافة من المعارضة التقليدية دون أن تنضموا للموالاة، أو تصبحا جزءا من النظام الحاكم، لقد أصبحتم عرضة للهجوم الطرفين، هل ترون أنكم أوجدتم خطا ثالثا؟ وما هي رؤيتكم لهذا المسار السياسي؟

ولد بلخير: أنا لا أرى بأني سلكت خطا ثلاثا، بل معارض صراحة، وأقولها دائما وأكررها ولا أخجل منها، ولا أرى أن هناك من عارض السلطة أكثر مني، ولكن المعارضة لا تعني الهجران ولا الفتنة، بل هي سياسية وتزاحم للأفكار وأخذ للممكن والمطالبة بما هو ممنوع وتبيان لبعض الحقائق، وما زلت متمسكا بهذا الخط.

 

في الماضي كنت أوصف بأكثر شخص معارض راديكالية، وكانت السلطة تعتبرني كذلك، بل اتهمني البعض بأني كنت أستخدم ألفاظا وأحكاما غير لائقة، وهذا غير صحيح، فأنا بالتأكيد كنت وما زلت معارضا، لكني - معاذ الله  - لم أكن أشتم الأشخاص أو أتهجم عليه بألفاظ بذيئة، بل ظل خطابي – دائما - ضمن حدود الشرع، وضمن حدود المؤاخاة والمساواة.

 

أؤكد لكم أني ما زلت متمسكا بهذا الخط، واعتبر السياسية حورا، وتنافس أفكار، وليست قطيعة ولا فتنة، وبناء على ذلك فقد طالبت بالحوار أكثر من مرة، وكان من نتائج ذلك اقتناع النظام بضرورة تبني الحوار بعد أن كان يرفض الدعوة له.

 

فقد رفض في الفترة التي تلت اتفاق داكار، والانتخابات الرئاسية الدخول في الحوار قبل إعلان الرئيس ذلك للرأي العام رغم محاولة بعض أحزاب المعارضة قبول عرض الرئيس الحوار دون إعلانه للرأي العام، أو تمرير طلبه عبر أحد قادة المعارضة، لأني كنت أرفض الدخول في حوار مع من يتحرج من الدعوة له علنا.

 

وفي هذه الأثناء التقيت الرئيس وأخبرته بشرطي، ووعدني بالاستجابة له، وأنه سيدعو علنا إلى وأمام الرأي العام إلى حوار سياسي، وقد أخبرت زملائي في المعارضة بذلك، واستبعده بعضهم، وقد وفى بما وعدني به، ودعا خلال خطاب عيد الاستقلال للحوار السياسي.

 

وبعيد دعوته صدر بيان ترحيبي من المعارضة بالدعوة إلى الحوار، ولم أكن حاضرا وقت نقاش هذا البيان، وبدأ بعدها التحضير للدخول في الحوار السياسي غير أن أحداثا أخرى حصلت منها الربيع العربي دفعت بعض الأطراف المعارضة للتحلل من التزاماتها تجاه الحوار، واعتبرت أنه لم يعد واردا، وأن الظرف ظرف الثورة وليس ظرف الحوار.

 

وقد أعلنت لهم رفضي لها، واعتبر أن تنصلهم من التزامهم بالمشاركة في الحوار في حال دعا له الرئيس غير وارد، وأن السياسة الداخلية يجب أن تدار بمعزل عن الأوضاع الخارجية، وقد قالوا لي صراحة إن المرحلة لم تعد مرحلة الحوار بل أصحبت مرحلة ثورة وهو ما جعلني أؤكد لهم بأن الثورة لها شروط ومتطلبات، وأن هذه الشروط والمتطلبات غير متوفرة.

 

وخلال هذه الفترة، وموازاة مع مطالبتي وإصراري على الحوار كحل للمشاكل كنت عرضة لدعايات تتهمني بأني ارتميت في أحضان النظام، وأن النظام اشتراني، وأنني تخليت عن مبادئي، وتاجرت بمواقفي.

 

قررت القيام بجولة داخل البلاد للرد على هذه الدعايات التي كنت عرضة لها، ولشرح موقفي المطالب بالحوار، وشملت الجولة عدة ولايات كانت من بينها نواذيبو، وقد ألقيت فيها خطابا كان له تأثير كبير.

 

ورغم كوني آنذاك ما أزال رئيس الجمعية الوطنية فإن نشاطي لم تحضره أي وسيلة إعلام رسمية، وقد اختتمت جولتي من مدينة روصو عاصمة ولاية الترارزة بمهرجان جماهيري، وأثناء عودتي من مدينة روصو  من مدينة روصو فوجئت باتصالات تهنئني على الخطاب الذي ألقيته أخيرا، وكنت أسألهم أي خطاب!، وعرفت فيها بعد أنهم يقصدون خطابي في نواذيبو، وأن التلفزيون الرسمي حصل عليه وقام ببثه، وأن السلطة أعجبت به، وتبنته.

 

أنا أعتبر أن السياسية فن الممكن، وهذه قناعتي، والسبب الرئيس لتمسكي بهذا النهج، وهو ما جعل البعض يمعنون في التهجم علي، فأنا أسعى من خلال هذا النهج لحوار جامع ومشترك.

 

وقد أوقعني هذا الموقف بين كماشتين، فالرئيس ولد عبد العزيز يعتبر أنني لا أريد سوى إشراك أصدقائي في المعارضة في السلطة، وأن نواياي الحقيقة ليست ما أدعوا إليه علنا، بل لدي غايات أخرى خفية، ويقول إن أصدقائي في المعارضة لن يحصلوا منها على شيء (ما إشنكرو منها ادروسهم).

 

كما أن أصدقائي في المعارضة كان يعتبرون أنني ارتميت في أحضان النظام، وأنه اشتراني، وأنني تخليت عن مبادئي ومواقفي.

 

هذا الموقف الساعي للتقارب بين الطرفين لإنقاذ البلاد وخلق جو إيجابي في المجال السياسي، جعلني ألوذ بالصمت لفترة، نظرا لأني لا أستطيع أن أظل أسعى للتقريب بين الفريقين في ظل عدم تقبلهم لأي مقترح من طرفي وفرارهم منه، فأنا لا أستطيع المقاربة بين الفريقين وأقول لأحد الأطراف مالا يريده، وقد ظللت أدافع عن الطرف المعارض أمامه، وأكتفي بنقد المعارضة للنظام وتبيين أخطائه ويعجبني ذلك، وكما يقال "الل اجبر شواي ما ينحركَو أيديه".

 

والآن أعتبر أني لم أوفق في التقريب بين الفريقين، وقد بقيت متمسكا بدوري وأرى أنى لم أجد أي التفاتة من أي طرف نحوي.

 

الأخبار : تقف البلاد الآن على بوابة مرحلة غير مسبوقة في تاريخها، فالدستور صريح في أن على الرئيس الحالي أن ينظم انتخابات لا يشارك فيها ليسلم السلطة لرئيس آخر في منتصف 2019، كيف ترون هذا القضية؟

ولد بلخير: لقد أوضحت موقفي من المأمورية الثالثة لجميع الموريتانيين. بل إنني كنت  السبب الحقيقي وراء وقوف الرئيس الموريتاني أمام حشد كبير من المواطنين وإعلانه صراحة أنه لا يسعى  لمأمورية ثالثة، ولم يطلبها، ولا يريدها.

 

لقد جاء هذا التصريح إثر حديث بيني وبينه، وكذا إثر انسحابي وتجميدي لمشاركة التحالف الشعبي التقدمي في الحوار الأخير، حتى يتم الإعلان صراحة عن عدم الترشح لمأمورية ثالثة.

 

ربما كان الرئيس – حسب رأيي الشخصي – يتوقع أنه حين يعلن عدم ترشح لمأمورية ثالثة فإن الجماهير – سواء الحاضرة للنشاط أو المتابعة له – ستصاب بصدمة، وسيغمى على بعضهم، ويصاب آخرون بهستريا، وتتحرك سيارات الإسعاف لإنقاذ المصابين، وتزدحم أقسام المستعجلات في المستشفيات، لكن رد الفعل الجماهير جاء عكسيا، فقد جاءت ردة الفعل مؤيدة لهذا الموقف، وضجت القاعة بالتصفيق الحار، وبالتالي جاء الأمر خلاف توقعه.

 

أنا كفاعل سياسي وكمرشح رئاسي لعدة انتخابات رئاسية سابقة، أعتبر أن الدستور يقصيني وزميلي أحمد ولد داداه من خلال تحديد السن، وقد سعيت بالفعل لتغيير المادة التي تحدد السن من الدستور، وهناك أشخاص كثر سعوا كذالك لتغيير هذه المادة، وهنا أعتبر بأن كبار السن من الطبيعي أن ينهجوا نهجا إصلاحيا، وأن تتكامل تجاربهم ونضجهم مع حماس شبابية وفاعليته.

 

ونحن نعرف جميعا أن المجتمع الموريتاني بطبيعته يقدر الكبار ويوقرهم، ولا أظن أن نهج تعامل الغربيين مع كبار السن حيث يجعلون في دور العجزة أو إبعادهم عن الأنظار مناسبا هنا، ولا إقصاؤهم من الحياة والتأثير فيها، فالواجب هو الاستفادة من نصائحهم وتوجيهاتهم.

 

بخصوص موضوع المأمورية الثالثة، كنا نحن أن قضيتها قد حسمت وطوي ملفها إلا أن الأيام كشفت أن موضوعها ما زال مطروحا، وفي كل مرة يتجدد الحديث عنها، فالرئيس تارة يؤكد أنه لن يترشح، وتارة أخرى يتحدث بطريقة مختلفة، ومثيرة للشكوك حول الموضوع.

 

وقد نقل لي أنه قال قبل أيام في مدينة كيفة أن الحديث عن المأمورية الثالثة لم يحن الحديث عنه، وربما ينتظر بالموضوع حصول أغلبية برلمانية يستطيع من خلالها تمرير المأمورية الثالثة، وهنا أعلن صراحة رفضي القاطع للمأمورية الثالثة.

 

الأخبار: هل تطمحون لتوصل المعارضة لمرشح موحد لرئاسيات 2019؟

 ولد بلخير: نعم، أود أن يتوحد الطيف المعارض، وأن يتخذ موقفا موحدا حول انتخابات 2019، وقد جرى الحديث بيني مع شخصيات معارضة حول ضرورة الإجماع على مرشح موحد، وأنه هذا الموضوع يجب أن يعطى الأولوية الآن.

 

 أما الحديث عن الأسعار وارتفاعها في ظل انعدام السيولة، ورفع المراجل الفارغة في ظل عجز المواطنين عن شراء حاجياتهم، واقتناء ما يضعونه في هذه المراجل، فهو انشغال بأمر ثانوي في هذه المرحلة.

 

إذا توصلت المعارضة إلى إجماع على مرشح موحد، ووافقت عليه، فإني سأدعمه في الانتخابات الرئاسية 2019.

 

الأخبار: عرف حزبكم خلال الآونة الأخيرة العديد من الانسحابات، وبينها أطر في الحزب، وقد ترشح بعضهم من أحزاب أخرى، ما هو تقييمكم لهذه الانسحابات والترشحيات التي حصلت؟ وكيف تقرؤون رسالتها لكم وللحزب؟

ولد بلخير: نحن ككل الأحزاب انسحب من حزبنا بعض الأشخاص. هذا صحيح، لكن ما يجب أن أسأل عنه هو لماذا انسحبوا؟

 

لم ينسحبوا بسبب هضم حقوقهم، أو لأنهم وجدوا مشكلة شخصية مع الرئيس، أو لم يستجب لهم في بعض الأمور، أو لم ينجز لهم بعض الأعمال، أو جار عليهم.

 

انسحاب بعض الأفراد بسبب طموحهم، أو لأنهم يريدون الخروج من الظل – كما يقولون – أو لأنهم رشحوا عدة مرات، وتوقعوا أن لا يرشحوا مجددا، وقرروا الذهاب إلى آخرين ليرشحوهم. مثل هؤلاء هم من انسحب، ومن انسحب بنفسه، فهذا حقه، ويقول المثل الحساني: "الل امش ابكدو لا يردو".

 

ليست بيني وبينهم أي قضايا شخصية، والانسحابات الأخيرة سبقتها أخرى قبل فترة، وما يمكنني أن أؤكده هو أن ليس لأسباب شخصية تتعلق بي، وإنما بسبب طموحات زائدة لدى أصحابها، كما أن بعضها كان بتواطئ من الحكومة.

 

هناك حالات من الانسحاب تمت بدعم من الدولة، فقد أخبر هؤلاء الدولة بأنهم هم وحدهم من يمثل الحراطين، وقد طلب منهم الرئيس إثبات أن الحراطين تابعين لهم، ووعد في حال إثبات ذلك بالاستجابة لمطالبهم، وكان هذا سببا في انسحابهم من الحزب، بهدف إثبات أنهم هم من يمثل الحراطين.

 

وقد استخدموا دعاية تقول إني تخليت عن الدفاع عن الحراطين، واستخدموا في ذلك كلمة قلتها في تجمع جماهيري في ملعب الكصر بعد إصدار قانون تجريم الاسترقاق، فقد قلت فيه: "أيها العبيد لقد وجدتم قانونا يجرم هذا الممارسة، وبإمكانكم الآن الدفاع عن أنفسكم وأنا لن أدافع عنكم، فبإمكان كل شخص الآن الدفاع عن نفسه لأن القانون يحمينا جميعا".

 

أخذوا هذه الجملة، وقطعوها من سياقها، وفسروها تفسيرا يريدون من خلاله القول إنني تخليت عن هذه القضية، وحاولوا من خلال هذه الدعاية سحب الناس عني.

 

الأخبار: هل تخلى الرئيس مسعود عن مبادئ الحر، وعن قناعة الدفاع عن المسترقين والمستعبدين في البلاد؟

ولد بلخير: لا، لا، أبدا، لم ولن أتخلى عنها، وأجزم أن من منح هذه القضية طعمها الحقيقي هو مسعود ولد بلخير، ومن جعل الحديث حولها يستمر إلى اليوم هو مسعود ولد بلخير.

 

هذه القضية لم ولن أتقاعد عنها ما بقيت حيا، فهي قضية عادلة، وعادية. أنا لا أريد سوى حصول هذه الشريحة على حقوقها كمواطنين، وأن ينزع عنها ما كانت تعيشه وتعرفه في الماضي، والتي يراد لهم أن لا يغادروها.

 

وأريد أن يكون ذلك بالسلم والأمن والانسجام. هذا ما كنت عليه، وما زلت عليه، هذه قضية حق، والحق لا يتقاعد عنه.

 

ويمكنني القول إن كل ما تحقق لهذه القضية كان نتيجة عمل مسعود ولد بلخير وعمل حزبه، ومن ذلك ما نشاهده اليوم من بحث الأحزاب عن احراطين لوضعهم على رأس لوائحها الانتخابية، فالأحزاب المائة الآن المشاركة في الانتخابات تتنافس لوضع الحراطين على رأس لوائحها، أو في عضويتها، هذا أعتبره انتصارا، كما أعتبره نجاحا للسياسية المتبعة من قبل مسعود، والسياسة التي يتبعها التحالف من أجل ترقية الحراطين، ورفع مستوى شراكتهم في القرار، وفي مجريات الأعمال في البلاد.

 

كما أن المنظومة القانونية التي تم سنها في هذا المجال، وتم تتويجها بتجريم الاسترقاق دستوريا، وهو أقصى الآفاق القانونية، هذه المنظومة تعتبر غاية في الأهمية، وذلك رغم محاولة بعضهم تجاهلها، أو التقليل من قيمتها.

 

لقد عمل مسعود في زمن لم تكن هذه الظروف متوفرة، ولم يكن آنذاك ينازعه أي أحد، ولا يدعي أحد مسابقته، وبعد أن أنجز كل هذا أضحى كل أحد يخرج رأسه ويدعي احتكار القضية، الموريتانيون يقولون في أمثلتهم إن "الصيد يقتله العقاب لتأكله الرخم".

 

هذا بكل تأكيد لا يضايقني، بل يسرني جدا أن يكون للحراطين طموحهم، وأن يدافعوا عن حرياتهم، وأن يحضروا بكل قوة، ويطالبوا بحقوقهم، لكن بشرط أن يكون ذلك بكل سلمية، ومدنية.

 

الأخبار: يساهم رجال الأعمال عادة في تمويل حملات الأحزاب السياسية، ومن بين هؤلاء محمد ولد بو عماتو. هذه ربما تكون أول انتخابات تجري دون تمويل منه بحكم تجميد أمواله أو مصادرتها، برأيكم ما تأثير ذلك على الانتخابات؟

ولد بلخير: (يضحك) معلقا بقوله: "هل أنت متأكد أنه غير موجود هذا العام" قبل أن يضيف: في الانتخابات النيابية والبلدية 2013 لم أحظ بأي دعم من ولد بو عماتو، أما في 2006 – 2007 فقد حصلت بالفعل على دعم مالي منه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهي مناسبة لشكره عليه، رغم أني حصلت على دعم بالعشرات فقط، مقارنة مع حصول آخرين على المئات.

 

وبخصوص مساهمة رجال الأعمال في دعم حملات الأحزاب، أقول إن هناك بعض الشخصيات التي كانت تدعم الأحزاب السياسية، وقد غابت في الانتخابات الحالية، اختفى بعضها، وتعذر الاتصال بأخرى، وصعب لقاؤها، وهناك ضعف مادي ظاهر على الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات، وخصوصا حزبنا، فالجميع يعرف أننا حزب لا يمتلك أي رصيد مالي، ولا ودعم مالي ثابت.

 

وقد سمعنا أن الدولة فرضت على رجال الأعمال غرامات مالية من أجل دعم سياسة الدولة، وهددتهم بفرض ضرائب عليهم وغرامات إدارية قد تؤدي لإفلاسهم في النهاية إذا لم يستجيبوا لهذه الإجراءات، وبالتالي أصبح رجال الأعمال يخشون الغرامات والضرائب التي يمكن أن تفرض عليهم.

 

لا أستبعد أن تكون الدولة قد حذرتهم من تمويل الأحزاب المعارضة، مع احتمال أن يكون رجال الأعمال أنفسهم قد فقدوا النظرة الإيجابية للعمل السياسي، ولم يعودوا يؤمنون بأهميته، ولا فائدته، ولا مردوده.