على مدار الساعة

مستشفى ترمسّه.. وفرة في القاعات، وطبيب وحيدٌ بلا تجهيزات (فيديو)

6 مايو, 2018 - 13:07
المركز الصحي في تجمع ترمسه بولاية الحوض الغربي (الأخبار)

الأخبار (ترمسّه/ الحوض الغربي) ـ يتراءى للناظر من بعيد متوسّطًا بضع مباني إسمنتية تحيط بها أعرشة وأكواخ أقيمت في التجمع السكاني المنشأ قبل سنوات قليلة في أدغال ولاية الحوض الغربي لاستيعاب الريفيّين الذين اشتُرط عليهم التوافد إلى سهل ترمسّه للاستفادة من الخدمات العمومية.

 

حين تصل إلى البوابة الرئيسية لمستشفى ترمسّه يخيل إليك أن ضخامة المبنى تخفي من خلفها جيشًا من الأطباء والممرضين والقابلات وأجهزةً ومعدّاتٍ طبّية حديثة، خصوصًا إذا كنت قد استعنت بما قدّمه الإعلام الحكومي لمعرفة حجم الإنفاق على بناء المستشفى وتصنيفه محليًّا والخدمات التي يقدم للمواطنين.

 

 

قاعات وأجنحة متعددة

زائر مستشفى ترمسّه يفاجأ من وفرة قاعات المبنى في أجنحته الثلاثة على امتداد مساحة معتبرة، بالإضافة إلى أزقة متّسعة بعرض أكثر من مترين تقع أمام القاعات المتناثرة، وباحة تستقبلك فور تجاوز بوابة المبنى.

 

وُزّعت قاعات محدودة بالمستشفى بين الاستقبال والانتظار والعلاجات والصيدلية، فضلا عن مكاتب الموظفين، بينما تم تخصيص أغلب القاعات لحجز المرضى الذين أحضر لهم ذووهم حصائر يتكئون عليها فيبصرون الأسرّة الطبيّة المتهالكة المركونة جانبًا.

 

 

وباستثناء قاعة الولادة ومكتب الطبيب الرئيسي وقاعة الصيدلية الموصد بابُها بإحكامٍ، تكتسي أرضية مبنى مستشفى ترمسّه بطبقة من غبار الأتربة وتتجمع عليها بقايا القمامة في مشهد يوحي إليك بأنك في مكان مهجور لولا أنات المرضى وتدافع ذويهم.

 

طبيب بدون مساعدين

قاعات مستشفى ترمسّه وأزقته تخلو إلا من المرضى وذويهم الذين تجمعوا في انتظار الفوز بنصيب ولو يسير من وقت الطبيب الوحيد العامل بالمستشفى، يأملون الحصول منه على تشخيص وعلاج للمرض يغنيهم عن بدء رحلة علاجية نحو العيون أو كوبني أو كيفه...

 

وخلال الساعات التي قضاها فريق من وكالة الأخبار في المستشفى كان الطبيب الوحيد مشغولا بمتابعة حالة ولادة، بينما كانت النداءات تتعالى من داخل قاعات الحجز والاستقبال والانتظار؛ فهناك من ينتظر الطبيب الوحيد ليستبدل حقنة منتهية وآخر يستوضح عن كيفية استعمال دوائه، كما يشكو آخر من آلام ويحتاج لتشخيص حالته.

 

 

تقول كرمي بنت حدمين وهي تصف حال مستشفى ترمسّه للأخبار بينما تجلس بجانب ابنتها المريضة، إن الطبيب الوحيد بالمستشفى واسمه "محمد" لا حول له ولا قوة فهو يعمل دون وسائل، وتؤكد أنه يحظى بتقدير السكان رغم أنه في كثير من الحالات لا يكفيهم من اللجوء إلى غيره من الأطباء بمستشفيات المدن القريبة.

 

خدمات ضرورية غائبة

بخط يجمع ألوان العلم الموريتاني القديم بلونيه الأخضر والذهبي تتراءى لك أعلى بابِ إحدى القاعات بمستشفى ترمسّه لوحة تحمل عنوان: "مخبر الدم"، تهاب الولوج داخلها؛ فالأطباء أنفسهم يتحفظون قبل ذلك. إلا أنك تتفاجأ بالباب مفتوحًا على مصراعيه.. حصير يفترشه ذوو مرضى هو التجهيز الوحيد بداخل القاعة!

 

يخلو المستشفى من فحص الدم الذي يمكن من تشخيص ا9لحالات المرضية التي تصل إليه تباعًا من التجمع السكني رغم وجود مختبر ضمن المبنى المنشأ حديثًا، كما يخلو من المستلزمات الطبية الضرورية التي يقول السكان إنهم وُعدوا بها من قبل السلطات الحكومية.

 

ويلخص محمد ولد عبد الله وهو مواطن بترمسه وصل توا رفقة فتاة تعاني من آلام حادة في بطنها للأخبار حال التجهيزات التي يتوفر عليها المستشفى فيؤكد أن التجهيز الوحيد بيد الطبيب هو السماعة الطبية التي توصل إلى أذنه أصوات نبض القلب وذبذاته التي يصدر، ويرى أن هذه السماعة لا تكفي الطبيب سوى لتشخيص حالات مرضية بسيطة كالحمّى.

 

 

مسنة من سكان "ترمسه" قالت للأخبار إنها تراجع المركز الصحي منذ فترة بعيد إجرائها لعملية في فقرات الظهر، غير أن قلة الطاقم، وانعدام التجهيزات يحول دون قيام المركز بواجباته تجاه السكان.

 

ويستعين طبيب المركز ببعض المتطوعات لتقديم بعض الخدمات الصحية، وتعلم المهنة من خلال الممارسة في ظل عدم وجود بديل عنهن.

 

منشأة صحية متكاملة

ودشن المركز الصحي في تجمع ترمسة التابع لبلدية تيمزين بمقاطعة كوبني في الحوض الغربي يوم 25 – 11 – 2014 من قبل وزير المياه والصرف الصحي محمد سالم ولد البشير، ووصفته الوكالة الرسمية بأنه "منشأة صحية متكاملة تحوي جميع المرافق الأساسية ذات الصلة بالمتطلبات الصحية للمواطنين كالاستشارات الخارجية والحجز الطبي ومصالح الأمومة والطفولة".

 

ونقلت الوكالة عن مدير البنى التحتية والمعدات والصيانة بوزارة الصحة محمد ولد اليزيد قوله إن "هذا الانجاز ينضاف إلى عديد المنشآت الصحية التي تم تشييدها في الفترة الأخيرة على عموم التراب الوطني"، مؤكدا أن "قطاع الصحة عمل على توفير المعدات اللازمة بجميع أنواعها مع الحرص على جودتها، واقتناء عشرات سيارات الاسعاف بعدما كانت تعد على رؤوس الأصابع".

 

ووضع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يوم 22 – 11 – 2010 حجر أساس تجمع ترمسة، والذي يضم سكان 22 قرية من قرى المنطقة، ووعد ولد عبد العزيز السكان في خطاب ألقاه بالمناسبة بـ"توفير مستلزمات الحياة الضرورية من تعليم وصحة وكهرباء ومياه وغيرها في فترة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثمانية وربط المدينة بطريق كوبني أو طريق الأمل في فترة وجيزة". حسب الوكالة الرسمية.

 

ومول مشروع إنشاء التجمع بمبلغ 442 مليون أوقية، دون احتساب توفير خدمتي الماء والكهرباء، وكان مفترضا أن يؤوي التجمع أكثر من 5000 نسمة.