على مدار الساعة

عيون الأخبار (أدي ولد آدب)

17 مارس, 2018 - 10:49
الدكتور ادي ولد آدب – شاعر وكاتب

صديقي العزيز الهيبة سيداتي، الذي يمكن أن ألقبه " الأَخْبَاريّ" نُسِبة للفْظ "الأَخْبَار" موقعه وجريدته التي يديرهما، "بخبرة" إعلامية مشهودة ومعهودة، عندما تواصل معي – له كل الشكر- طالبا منى الإدلاء برأيي، حول تجربة هذه "الوكالة"، كدت أقول له: (على" الخبير" سقطتَ)، لأني- رغم محدودية أفقي المعرفي - "خبرْتُ" الرجل، خلال غربتنا التعليمية، ومن خلاله تعرفتُ على موقع "الأخبار" ، فوْرَ تأسيسه 2004، فكان نافذتنا، على وطن يختنق في عنق الزجاجة، يتلمَّسُ خطاه، في آخر النفق المظلم، باتجاه النهاية الكارثية، المجهولة العواقب، حيث كانت أيدينا جميعا على قلوبنا، ونحن - رغم البعد، وشح المصادر وقنوات التواصل يومئذ - نستطلع "الأخبار"، ونتَسَقَّطُها كل صباح ومساء، علما بأنا شعب بدوي "طُلَعَةٌ"، مسْكون بشغفِ استطلاع "الغيب" عبْر محيطنا المفتوح، المترامي الأطراف، مجْبُول على "تَخَبُّرِ الأخبار"، تَرَبَّي - في خلفيته الثقافية -على أن "القرآن" خبر، والوحي "إخبار"، والحديث النبوي، والسير، والتواريخ.. جميعها "أخبار"، تتفاضل، من حيث صحة السند، وقدسية "المُخْبر"، والموضوع "المُخْبَر" به؛ ولهذا كانت جميع مفردات تحياتنا المتداولة سلسلة من "الاستخبار" الإيجابي، السلمي، التقريري عن الأحوال عموما، عن الصحة، عن الخير، عن السلامة، عن العافية... عن الطوارئ، والمستجدات، الحادثة، وحتى المتوقعة... كانت هذه الأسئلة المُتلاحقة.. ينفرطُ عقد حباتها تِباعا، كلما تصافحتْ يَدَا مُتلاقييْن، أو تقابلَ بَصَراهُما، وحتى لوْ لمْ يطلْ العهْدُ بيْنهما، لأنها شبيهة بشريط مسجل في لا وعْي كلٍّ منهما، وبعْد دُخول جهاز "الراديو" لحياة هؤلاء البدو الرحل، تعلقوا كثيرا بـ"بالإذاعة"، و"نشرة الأخبار"، فانضاف إلى تلك الأسئلة الاستطلاعية سؤال مستحدث:"اشطاري في الإذاعة"؟، وبعد اقتحام الإنترنت لساحة الإعلام عندنا، انضاف إلى تحياتنا "سلامنا": "اشطاري في الأنترنت"؟، وبعد تأسيس موقع "الأخبار"، تأسس معها سؤال جديد - ضمن تحياتنا -: "اشطاري في "وكالة الأخبار"؟

 

وتأسيسا على ما تقدم، بدا لي أن اختيار عنوان هذه الوكالة كان موفقا جدا، حيث لم نكن يومئذ نتلهف لأكثر من "الأخبار"، في ظل جو الترقب السائد، خلال تلك الحقبة الحبلى بالتوقعات المفتوحة، والشائعات المبثوثة، وقد برهنت منذ البداية على أنها "جُهَيْنَة الخبَر اليقين" مدشنة عهدها بنشر ملفات التحقيق مع "فرسان التغيير"، التي كانت خبطة إعلامية، وسبقا صحفيا، مهد لتوثيق العقد الضمني بين "الموقع" الوليد، والقراء المتطلعين، المدركين أن مشتقات كل من "(الخُبْر) و(الخَبَر) و(الأخبار) و(الخبير) بمعنى العلم بالحقيقة"، ومع مراكمة رصيد التجربة الإعلامية لهذا الموقع، و"اختبار" حدود المسافة فيه بين مصداقية الممارسة المهنية، والارتهان للخلفية الإيديولوجية، والانتماء الحزبي، والتخندق في المشهد السياسي، كانت "وكالة الأخبار"، تحافظ – غالبا - على أن ترد – عمليا -على من تحداها، قائلا: "لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ، أي لأعلمنَّ علمك"، بأن تكون ممن يقال بعد امتحانه: "صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ"ـ لا قول أبى الدرداء: وجدتُ الناسَ اخْبرْ تَقْلُهْمْ"...

 

ومن يومها، و"الأخبار" نافذتي الوحيدة، إلى "مخلة لخبار"، يوم كانت متفردة في المشهد الإعلامي الوطني الإلكتروني، والمعاجم العربية- بالمناسبة- تقول: (الخَبْرُ: المزادة العظيمة) وبعد أن دخلت عليها مواقع أخرى متعددة ساحة الإعلام الموريتاني الإلكتروني ظلت هي بوابتي التي أدخل منها إلى بقية أخواتها... ثقة في سعة مصادرها، وقدرتها على الوصول إلى خبايا الأحداث، والوقائع، والملفات البعيدة المنال، وظلت منبر نشر لي، تتقبل ما أبعثه إليها، وتبادر أحيانا - من تلقاء نفسها - بمشاركة ما أنشره خارجها.. رغم أني لا أخفي أنني- اليوم - قد أدرت ظهري لجل المواقع الإعلامية الموريتانية.. قرفا من تدني المستوى المهني والأخلاقي المتمادي. غير أن هذه الوكالة الإعلامية تبقي - في نظري - من "عيون الأخبار"، في تقييم جوهرها، وفي سعة اطلاعها، مع ترخصي من العلامة ابن قتيبة في استعارة عنوانه، لهذه التداعيات المهلهلة، دام تألقكم.