على مدار الساعة

نائب مدير FMI: نحقق قدر الإمكان في بيانات موريتانيا (مقابلة)

16 فبراير, 2018 - 11:29

الأخبار (نواكشوط) ـ قال نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي ميتسوهيرو فوروساوا إن الصندوق يعمل قدر الإمكان على التحقق من البيانات التي تقدمها موريتانيا.

 

وأضاف فوروساوا في مقابلة مع الأخبار أن صندوق النقد بدأ منذ بضع سنوات تقديم مساعدات مكثفة لموريتانيا في مجال تنمية القدرات، مشيرا إلى أنه "من خلال هذه المساعدة المستمرة، نساعد السلطات على تحسين أنظمة المحاسبة والتدقيق والإحصاء".

 

وتناولت المقابلة واقع الاقتصاد الموريتاني وتغيير قاعدة العملة والسياسة النقدية والديون الخارجية، وغير ذلك.

 

وهذا نص المقابلة:

 

الأخبار: بداية، دعونا نبدأ من هذه اللحظة، ما هي أهداف زيارتكم لموريتانيا؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: بالفعل، هذه زيارتي الأولى إلى موريتانيا وأنا سعيد بوجودي هنا. موريتانيا هي أحد بلداننا الأعضاء ولدينا تاريخ طويل في التعاون مع بلدكم. وأثناء زيارتي، سألتقي بفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ومعالي الوزير الأول يحيى ولد حدمين، وسعادة محافظ البنك المركزي، ومعالي وزير المالية والاقتصاد، وعدد آخر من أعضاء الحكومة. كما أنني أتطلع إلى التواصل مع أطراف أخرى تمثل الشعب الموريتاني، بمن فيهم ممثلو القطاع الخاص والاتحادات المهنية وشركائنا في التنمية. إنها فرصة لمعرفة المزيد عن بلدكم، وتبادل الآراء حول الوضع الاقتصادي والتحديات الراهنة والسياسات المتعلقة بإطلاق إمكانات النمو في موريتانيا. وأتطلع إلى مناقشة السبل التي يستطيع من خلالها الصندوق مساعدة السلطات الموريتانية على بلوغ أهدافها المتمثلة في تحقيق نمو أسرع يتسم بطابع احتوائي يعود بالنفع على كل المواطنين.

 

الأخبار: كيف ترون واقع الاقتصاد الموريتاني؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجهه من وجهة نظركم؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: موريتانيا تتعافى الآن من الهبوط الحاد الذي طرأ على أسعار خام الحديد في 2014-2015، والذي تسبب في إبطاء النمو وتخفيض الصادرات والإيرادات الحكومية. وبفضل جهود السلطات في تعديل السياسات، نجحت موريتانيا في استعادة استقرارها الاقتصادي الكلي، وتشير توقعاتنا إلى ارتفاع النمو من 1.6% في 2016 إلى 3.1% في 2017. ويتمثل التحدي الراهن في تسريع النمو ورفع مستويات معيشة السكان، وتنويع الاقتصاد، وتلبية احتياجات البنية التحتية، وتخفيض الفقر وعدم المساواة والبطالة. 

 

الأخبار: يوم 2 فبراير الجاري قال المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي عن مجموعة إفريقيا 2 المكلف بموريتانيا إن الحكومة الموريتانية تنفذ بالتعاون مع صندوق النقد الدولي برنامجا فعالا يهدف إلى تنويع قواعد الاقتصاد، وتعزيز الإصلاحات، وتنظيف المالية العامة. ما هي معالم هذه البرنامج؟ وآليات قياس مدى تنفيذه؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: نحن ندعم برنامج السلطات الذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، في سياق استراتيجيتها التي تغطي الفترة 2017-2030. وأود التأكيد هنا على أنه برنامج موريتاني وطني وقد شعرت بمدى تبني السلطات له وحرصها على تنفيذه. وهناك أهداف كمية (مؤشرات نقدية ومؤشرات للميزانية وللاقتراض) للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، ومعايير هيكلية (إجراءات إصلاحية) تبرز أهم الإنجازات المحققة ضمن جدول أعمال الإصلاح الهيكلي الذي وضعته السلطات. وستجري السلطات والصندوق مناقشات منتظمة حول التقدم في تحقيق هذه الأهداف والمعايير. ومن الإصلاحات المهمة إصدار قانون المالية الأصلي الجديد لضمان كفاءة استخدام الموارد العامة عن طريق تحسين الإدارة المالية العامة، والقانون المصرفي الجديد لتعزيز الإطار التنظيمي للقطاع المصرفي من أجل مساعدة القطاع المالي في تخصيص القروض لأفضل المشروعات مع حماية مدخرات المودعين.

 

الأخبار: أجرت موريتانيا بداية العام 2018 تغييرا على قاعدة عملتها بنزع صفر منها، هل تم هذا الإجراء بالتنسيق معكم؟ وكيف ترون تأثيره على اقتصاد البلاد؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: إنه قرار سيادي يرجع لموريتانيا، ونحن نرحب بهذا الإصلاح الذي سيساعد في الحد من تزييف العملة وتخفيض تكلفة إصدار أوراق البنكنوت مع تشجيع التجارة. وقد صُمِّم هذا الإصلاح بحيث يكون تأثيره محايدا على الأسعار، وأسعار الصرف، والقوة الشرائية للعملة. وينبغي أن تتضمن الخطوات التالية مواصلة الجهود لتحسين أنظمة الدفع الإلكتروني وإتاحة الائتمان المصرفي.

 

الأخبار: جرى الحديث إبان الفترة الانتقالية بالبلاد 2005 – 2007 بأن الحكومة كانت تقدم معلومات مغلوطة لكم وللبنك الدولي. هل لديكم آليات للتأكد من صحة المعلومات المقدمة لكم من الحكومات؟ أم أنكم ملزمون بتلقي المعلومات الرسمية دون التدقيق فيها؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: بدأ الصندوق منذ بضع سنوات تقديم مساعدات مكثفة لموريتانيا في مجال تنمية القدرات. ومن خلال هذه المساعدة المستمرة، نساعد السلطات على تحسين أنظمة المحاسبة والتدقيق والإحصاء، ومن ثم قدرتها على إعداد التقارير. ونعمل قدر الإمكان أيضا على التحقق من البيانات التي تقدم لنا.

 

الأخبار: أكد الوزير الأول يحي ولد حدمين خلال خطابه أمام البرلمان تعويله على البرنامج المتفق عليه معكم لتحقيق نسب نمو كفيلة بتخفيف الفقر بصورة سريعة ومستدامة؟ ما هي معالم هذا البرنامج؟ وهل أصبح نافذا أم ما زالت لديكم اشتراطات على الحكومة الوفاء بها قبل نفاذه؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: لقد وسع الصندوق مشاركته في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، تلبية لاحتياجات بلداننا الأعضاء. وفي موريتانيا، يتضمن البرنامج التزاما بزيادة الإنفاق الاجتماعي تدريجيا وإنشاء نظام لتحويلات الحماية الاجتماعية الموجهة للأقل دخلاً بغرض المساعدة في تخفيف الفقر.

 

الأخبار: من أبرز المشاكل التي تواجه الاقتصاد الموريتاني حجم المديونية، ووصفتم في مذكرة سابقة البلاد بأنها تواجه هشاشة كبيرة في مجال الديون. حسب إحصائياتكم ما هو حجم المديونية في موريتانيا؟ وهل يقلقكم المستوى الذي وصلت إليه هذه المديونية؟ وهل وصلت فعلا لمستوى تجب مراجعته؟ كيف يرى صندوق النقد الدولي كشريك فاعل لموريتانيا حلول هذه المشكلة؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: دين موريتانيا مرتفع إلى حد كبير نسبةً إلى حجم اقتصادها. فقد أشارت التقديرات إلى بلوغ الدين العام حوالي 73% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية 2017 (دون احتساب متأخرات الدين تجاه الكويت)، مما يضع موريتانيا أمام خطر كبير يهدد بوصولها إلى مستوى المديونية الحرجة عند تطبيق المعايير الدولية لاستدامة الدين. ولحسن الحظ، هناك نسبة كبيرة من هذا الدين بشروط ميسرة أو شبه ميسرة، وبالتالي لا تزال أعباؤها في حدود يمكن التعامل معها. ولكن هذا يعني أن السلطات ينبغي أن تحرص على بقاء القروض الجديدة في حدود ضيقة، واستخدامها في مشروعات كفؤة، وعدم الحصول عليها إلا بشروط ميسرة. 

 

الأخبار: ورد في وثيقة غير منشورة أعدتها بعثة من صندوق النقد الدولي زارت موريتانيا في النصف الأخير من يناير 2016، حصلت الأخبار على نسخة منها، أنه "لا يوجد في موريتانيا فصل فعلي بين الإدارة وأصحاب الأسهم والعمليات مع الجهات ذات الصلة في المجموعة الاقتصادية"، ووصفت العلاقة في هذا المجال بأنها "تفتقر إلى الشفافية"، كما تمتاز بـ"عدم الالتزام بأفضل الممارسات لإدارة المخاطر"، بعد سنتين من هذا التقرير هل تغير هذا الواقع؟ أم ما زال قائما؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: نحن لا نعلق على التسريبات أو المعلومات مجهولة المصدر.

 

الأخبار: هل أنتم راضون عن أداء السلطات النقدية في موريتانيا؟ وما هي أهم ملاحظاتكم الإيجابية والسلبية على السياسية النقدية في موريتانيا؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: نحن في حوار دائم مع البنك المركزي – ونقدم له الدعم في مجال بناء القدرات – من أجل تحديث السياسة النقدية، ولا سيما استحداث أدوات جديدة لإدارة السيولة ودعم الاقتصاد بصورة أفضل.

 

الأخبار: وثيقة سابقة للصندوق قالت إن معظم البنوك – غير الأجنبية – في موريتانيا تعود ملكيتها لرجال أعمال محليين، مرتبطين بتكتلات اقتصادية، غالبا ما تكون قريبة من قبيلة أو مجموعة معينة، في ظل تزايد رخص البنوك الخصوصية خلال السنتين الأخيرتين، ما هو تقييمكم لتزايد رخص البنوك في البلد وهل هو مبرر في بلد مثل موريتانيا؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: نظرا لعدد البنوك المرتفع نسبيا في موريتانيا مقارنةً بحجم اقتصادها، ننصح البنك المركزي بتجميد منح تراخيص البنوك الجديدة، لتشجيع الاندماجات المصرفية عن طريق رفع رأس المال الإلزامي، وتطبيق حدود أشد على إقراض الأطراف ذات الصلة. وتجدر الإشارة إلى أن تقدما كبيرا قد تحقق في مجال الرقابة المصرفية على مدار السنوات القليلة الماضية، وهو ما سنظل ندعمه عن طريق المساعدة في بناء القدرات.

 

الأخبار: أخيرا هل اقترحت إحدى بعثاتكم فعلا تخفيض العملة في موريتانيا ولماذا؟

 

ميتسوهيرو فوروساوا: لا، لم يكن هذا ضمن توصياتنا. فنحن ندعم جهود البنك المركزي لتحديث عمل سوق النقد الأجنبي بما يضمن إتاحة النقد الأجنبي بانتظام وزيادة مرونة سعر الصرف – في الاتجاهين – لمواجهة الصدمات.