على مدار الساعة

دردشة الأربعاء مع الشاعر الكبير ادي ولد آدب

19 أكتوبر, 2017 - 12:16
محمد فال سيدنا - medvall31z@gmail.com

هي "دردشة" خفيفة مع شخصيات علمية، أدبية، وإعلامية، وسياسية… يكون لها تأثير مشهود في الوسائط الاجتماعية. نحاور الضيف حول تخصصه ومجاله، ونطلب رأيه في بعض القضايا المختلفة التي تلوح في جدول الأحداث المرتبطة بالشأن المحلي أو العالمي…
يتم نشر "الدردشة"  ــ حصريا ــ في صحيفة "الأخبار إنفو" التي تصدر كل "أربعاء".
 

________________________________
 

#ضيف_الدردشة (الحلقة1)

 

اخترنا لكم الشاعر الدكتور"ادي ولد آدب" ليكون ضيفنا الأول في "دردشة الأربعاء"، وهو شاعر مجيد(من مواليد 1964)، ذو وجدان عميق، وإحساس مرهف...
تخرج في بداية تسعينات القرن الماضي أستاذا للغة العربية وآدابها، ثم شد الرحال إلى المملكة المغربية ليتابع بها دراساته العليا، حيث نال شهادة الدكتوراه في الأدب العربي، بمناقشة أطروحته التي كانت تحت عنوان: "المفاضلات في الأدب الأندلسي؛ الذهنية والأنساق".

يستقر ضيفنا منذ سنوات بدولة قطر، مواصلا غربته التي تجاوزت عقدا من الزمن.

______________________

جرت "الدردشة" معه على النحو التالي:

محمد فال سيدنا: بداية نشكركم على قبول الدعوة، وتشريفِنا بهذه "المحادثة" مع شخصية جليلة تجمع الشعر والفكر ومختلف الآداب… واسمحوا لي أن أبدأ معكم بالسؤال التالي:
ارتبط اسمكم في موريتانيا بالقصيدة الشهيرة التي دَبَّجْتُمْ يوم الفاجعة الأليمة بعد سقوط "طائرة تجگجة"، وقد غناها الفنان "الخليفة ولد أيده" بلحن شجي أدخلها قلوب عامة الموريتانيين… أين كنتم يوم المأساة؟ وما مكان تلك القصيدة في تأليفكم الفني بشكل عام؟

د.ادي ولد آدب:

شكرا لكم على التكرم باستضافتي في "دردشة" مع شخص مثلكم مثقف وأديب نفسا ودرسا...

لقد كنتُ يوم الفاجعة في نواكشوط، ولم أفق إلا على صرخات دوت في أركان البيت فجأة، حيث عاد شخص من الحانوت المجاور ليخبر بسقوط طائرة في مطار تجكجة... ولم يكن أحد وقتها يعرف حجم المأساة، إذْ كل أسرة من تلك الولاية لا تعرف من سافر من أقاربها، فالكل يتوقع موت الكل... هذه أول اللحظات الصعبة.. انطلقنا إلى مطار نواكشوط لاستجلاء الخبر، فكانت اللحظة الثانية عبارة عن مشهد من الوجوه المفجوعة الشاخصة العيون.. ذهولا.. وحيرة.. لم تذكرني إلا بهول يوم المحشر، ثم كانت اللحظة الثالثة ممثلة في المشهد المنقول من مطار تجكجة..عن احتراق طائرة بمن فيها بين يدي أهليهم يسمعون تكبيراتهم وصراخهم... دون أية وسيلة للإنقاذ... ثم كانت اللحظة الرابعة سوء ردة الفعل الرسمية على المأساة، مما ضاعف فجعها...

كل هذه اللقطات تكثفت وتفاعلت بعنف، فتفجرت شعرا... وكانت حنجرة "الخليفة" طائرة أخرى حلقت بالقصيدة بعيدا... مع قوة الانفعال الشعري، وهول الحدث... فكتب لها الذيوع أكثر من غيرها من قصائدي.
 

محمد فال: يحكي الشارع الموريتاني عنكم قصصا مرتبطة بتلك الفاجعة، ينسجونها بإسناد وبغير إسناد… وربما وصلكم بعضها لكثرة تداولها بين الناس، فهل كان في الضحايا من له صلة ــ سَبَبِية أو نَسَبية قريبة  ــ بشخصكم الكريم؟ واعذروني في طرح هذا السؤال، إنما جاء استجابة لإلحاح بعض محبيكم ومحبي تلك البكائية المتدفقة دمعا…

 

د.ادي ولد آدب:

سمعت بعض التأويلات. والحقيقية أن هناك قرابات نَسَبية عديدة، لكن لم يكن هناك أبدا أي دافع خصوصي ضيق... ولا حتى جهوي، ولا قبلي؛ فالفاجعة مأساة وطنية، أكبر من كل ذلك... بعدد شهدائها، وبهول الحدث، وبتجاهل الحكومة، وباستهتار الإعلام الرسمي، وبصمت الشعراء... فربما لو لم تتآزر كل هذه الحيثيات في هذه الفاجعة لمر الحادث دون أن يستدعي تلك القصيدة المتفجرة فجعا وغضبا.
 

محمد فال: تجاوزا لجو السؤال الأول: كانت رسالتكم في الدكتوراه تعالج موضوعا متعلقا بالآداب الأندلسية، ماهي أبرز الملامح المشتركة بين الأدبين الموريتاني والأندلسي باختصار؟

د. ادي ولد آدب:

هذا مبحث صعب، ولكنه جدير بالطرح والبحث، طبعا أطروحتي للدكتوراه اهتمت بمقاربة الأدب والحضارة الأندلسيين، من منظور ظاهرة المفاضلات، وباعتبارها محركا للإبداع في الأندلس، لدرجة أنها أصبحت ذهنية متحكمة في القوم، بسطت تجلياتها في كل الأنساق هناك، غير أن الملامح المشتركة بين الثقافتين الأندلسية والموريتانية لا شك أنها كانت تتسور علي المحراب بين الفينة والأخرى، ولو ذهنيا... فهناك حضور الثقافة الأندلسية في مقرراتنا المحظرية في النحو(الألفية، والكافية)، والصرف(اللامية)، وفي اللغة (المقصور والممدود)، وفي الأدب(معارضة للشعراء، واستلهاما لبنية الموشح والزجل) في الشعرين الفصيح والشعبي، وفي نشأة الموسيقى عندنا(روايات الأساطير المؤسسة)، وخير الختام في الفقه(العاصمية والتبصرة)، وفي القراءات القرآنية(الشاطبية)....إلخ .. والجواب مرتجل فقط.

محمد فال: توقيت "الدردشة" انتهى أسفا، شكرا جزيلا لكم على ما اقتطعتم لنا من وقتكم الثمين، وقد شرفنا أن كنتم أول ضيوف هذه المحادثة، ونطلع القراء على طبيعة الدردشة، وأنها مخففة، ومحدودة الزمان (ساعة واحدة) ليكون ذلك اعتذارا عن الضيوف في حال اختصار أجوبتهم وعدم توسعها في الموضوعات المطروحة.

شكرا لكم على ما اقتطعتم لنا من وقتكم الثمين، تقبلوا كامل الود و وافر الامتنان…

د. ادي ولد آدب:

كان يمكن أن نختصر، و نجيب بجمل خفيفة، لكن طبيعة السؤال الجيد تلهمك أفكارا لم تكن تدور في خلدك، وتنظم شتات المعارف السائبة...

محمد فال: شكرا لكم، هذا من لطفكم سيدي.