على مدار الساعة

كيف "تلاعب" النواب بمشروع قانون الإلزام بالتصريح بالممتلكات والمصالح؟

22 مايو, 2025 - 14:27
لجنة العدل والداخلية والدفاع في البرلمان الموريتاني خلال اجتماع سابق

الأخبار (نواكشوط) – أظهر تقرير لجنة العدل والداخلية والدفاع في البرلمان الموريتاني حول التعديلات المقترحة على مشروع القانون رقم: 010 – 25، التعلق بتصريح بالممتلكات والمصالح، تلاعب النواب بمضمون القانون لإفراغه من محتواه، وضمان عدم إلزامهم بمضامينه وإلزماته.

 

وطالت تعديلات النواب المادة الأولى المتضمنة لتعريف المصطلحات وتحديد المقصود بها، حيث أعادوا تعريف "الإثراء غير المشروع"، وأضافوا مصطلحا جديدا أطلقوا عليه "المستفيد الحقيقي"، كما استثنوا أنفسهم من "تضارب المصالح" الذي كانت تنظمه المادة التاسعة من مشروع القانون، ولم يلزموا السلطة بنشر تصريحاتهم بممتلكاتهم ومصالحهم مع أنهم اقترحوا إلزام رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة بها.

 

وقد أوصت اللجنة في ختام تقريرها بالمصادقة على مشروع القانون مع مراعاة التعديلات التي اقترحتها، حيث ينتظر أن يعقد البرلمان السبت القادم العاشرة صباحا جلسة علنية لنقاشه والمصادقة عليه، وذلك بعد تأجيل هذه الجلسة الشهر الماضي بسبب الجدل الذي أثاره استثناء النواب من الإلزام بالتصريح بالممتلكات.

 

"زيادة معتبرة"

ففي المادة الأولى من مشروع القانون، والمتعلقة بـ"التعريفات" أضافت اللجنة تعريفا جديدا لمصطلح "الإثراء غير المشروع" حيث غيرته من "أي زيادة في ممتلكات أي شخص خاضع لأحكام هذا القانون، لا يستطيع تبريرها مقارنة بدخله المشروع"، إلى "أي زيادة معتبرة.."، مع بقية التعريف، وهذا يعني أن الزيادة غير المعتبرة لا ينطبق عليها تعريف الإثراء غير المشروع، فيما لم يحددوا متى تكون الزيادة معتبرة.

 

كما أضافت اللجنة مصطلحا جديدا أسمته "المستفيد الحقيقي"، وعرفته بأنه "كل شخص طبيعي يمتلك أو يسيطر نهائيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، على أصل أو مال أو مصلحة أو شخص معنوي أو ترتيب قانوني"، وهذا يعني إذا لم يمتلك أو يسيطر نهائيا فإنه لا يكون معنيا بالتصريح بالممتلكات.

 

وقد احتاطت اللجنة لذلك بتعديلها للمادة: 5 من مشروع القانون، والمتعلقة بتفاصيل الممتلكات والالتزامات الواجب التصريح بها، حيث نصت على أنه يشمل "جميع الممتلكات والأصول المملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر، أو التي يكون المصرح هو المستفيد الحقيقي منها"، فيما كان نص المادة يلزم أن يشمل التصريح جميع الممتلكات والأصول المملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

"استثناء من تضارب المصالح والنشر"

وقد استثنى النواب أنفسهم من "تضارب المصالح" الوارد في المادة: 9 من مشروع القانون، وعدلوها لإضافة هذا الاستثناء، كما استثنوا أنفسهم من إلزام السلطة الوطنية لمكافحة الفساد بنشر تصريحاتهم، مع أن غيروا المادة ليضيفها لها رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة.

 

ففي المادة: 9 من مشروع القانون غيرت اللجنة المضمون الذي كان يحظر على الأشخاص المذكورين في المادة: 3 من القانون الجمع بين وظائفهم وأي وظيفة عمومية أخرى، أو مهنة حرة أو نشاط صناعي أو تجاري وكل نشاط خاص مربح، أو العضوية في هيئات التسيير للشركات الخاصة، أو وظيفة لدى دولة أخرى، أو منصب تنفيذي لدى المنظمات الدولية الحكومية أو غير الحكومية".

 

وجاء تقرير لجنة العدل والداخلية والدفاع لينص على استثناء النواب من الحظر المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة، كما أضافوا للاستثناء رؤساء الجهات، وعمد البلديات الذين يسيرون ميزانية سنوية يفوق مستواها مبلغا محددا بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، ومسؤولو منظمات المجتمع المدني المستفيدة من دعم مالي من الدولة في حدود مبلغ محدد بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.

 

وفي المادة: 16، والمتعلقة بإلزام السلطة الوطنية لمكافحة الفساد بنشر بيانات مقتضبة عن الممتلكات والمصالح المقدمة من طرف الرئيس والوزير الأول وأعضاء الحكومة ومن يماثلهم عبر منصتها الإلكترونية، في أجل لا يتجاوز سنة واحدة من استلامها، عاد النواب ليعدلوها ويوسعوا الدائرة لتشمل رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة، دون أن يضيفوا أنفسهم لهذا الإلزام.

 

وأصبح الإلزام بنشر التصريح بالممتلكات يشمل – وفق مشروع القانون - الرئيس، والوزير الأول، ووأعضاء الحكومة ومن يماثلهم، ثم يقفز مباشرة إلى مديري وأعضاء مجالس إدارة الشركات العمومية التجارية، وشركات الدولة، والشركات المختلطة، التي يحددها مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.

 

"قبول بعد مماطلة"

وفي المادة: 3 من مشروع القانون عاد النواب بعد فترة من التمنع والمماطلة، وبعد أن تم تأجيل نقاش القانون خلال جلسة علنية كانت مقررة قبيل نهاية إبريل الماضي ليضيفوا أنفسهم لمن يشملهم الإلزام بالتصريح بالممتلكات والمصالح.

 

وتم تغيير نص المادة، ليضم رئيس البرلمان على رأس اللائحة بعد الرئيس، والوزير الأول، وأعضاء الحكومة، ومن يماثلهم، فيما تمت إضافة البرلمانيين مباشرة بعد رؤساء الهيئات والمؤسسات الدستورية.

 

وينتظر أن يتم نقاش مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد يوم السبت القادم، حيث سيتم نقاش مشروعي القانونين المتعلقين بمكافحة الفساد، وبالإلزام بالتصريح والممتلكات والمصالح الساعة العاشرة صباحا، فيما سيتم نقاش مشروع القانون المتعلق بإنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد الخامسة مساء.

 

"تأجيل إنفاذ القانون"

كما أدخل النواب من خلال اللجنة تعديلا على المادة: 26 بهدف منح مهلة لإنفاذ القانون تمتد لثلاث سنوات.

 

ونصت الفقرة الثالثة من المادة: 26 على اتخاذ مجلس الوزراء والسلطة الوطنية لمكافحة الفساد التدابير اللازمة لضمان قيام جميع الموظفين المذكورين في المادة: 3 بتقديم تصريحاتهم في أجل أقصاه ثلاث سنوات بعد نشر هذا القانون، وتمت إضافة هذه الفقرة حيث لم تكن موجودة في النص الأصلي.

 

فيما نصت الفقرة الأولى على استمرار لجنة الشفافية المالية للحياة العمومية في تلقي التصاريح حتى انتهاء الفترة الانتقالية التي لا تتجاوز سنتين (2) اعتبارا من تاريخ إصدار هذا القانون.

 

وأضافت الفقرة الثالثة أنه وضع آلية للتنسيق بين السلطة ولجنة الشفافية المالية للحياة العمومية لضمان انتقال سلس وتجنب أي انقطاع في إدارة التصريحات أو متابعة الالتزامات القانونية، خلال الفترة الانتقالية، إلى حين اكتمال إنشاء السلطة.

 

كما نصت الفقرة الرابعة نقل جميع اللوازم والوثائق وقواعد البيانات والأرشيفات الموجودة بحوزة لجنة الشفافية المالية للحياة العمومية إلى السلطة، وتحويل الاعتمادات المالية والأشخاص المكتتبين لصالح لجنة الشفافية المالية للحياة العمومية إلى السلطة الوطنية لمكافحة الفساد بناء على حاجتها ومتطلباتها الوظيفية، وبما يتماشى مع الكفاءات والخبرات اللازمة لأداء مهامها.  يتم هذا التحويل وفقًا للنظم المعمول بها.

 

وكانت 20 منظمة مجتمع مدني موريتانية قد اعتبرت أنه "ليس من المناسب أخلاقيا ولا سياسيا أن يتم استثناء النواب من التصريح بممتلكاتهم ومصالحهم، خاصة وأنهم يمارسون سلطة تشريعية ورقابية على الجميع"، معتبرين أن مثل هذا الاستثناء "سيضعف كثيرا من مصداقية الجهود المبذولة لمحاربة الفساد".

 

وقالت المنظمات إن مطالبتها بإدراج النواب جاء حرصا منهم "على تعزيز الشفافية، وسن ترسانة قانونية من شأنها أن تجفف منابع الإثراء غير المشروع، وتَحُدَّ من الفساد"، ومشاركة منهم "في النقاش الدائر حاليا حول استثناء النواب البرلمانيين من التصريح بالممتلكات والمصالح".

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
- لقراءة نص تقرير اللجنة اضغطوا هنا، أو زورا ركن وثائق