الأخبار (نواكشوط) - متوكئا على مسار تنقل خلاله مطولا بين ممارسة التعليم، والنضال الحقوقي والسياسي، يخوض المهندس السبعيني مامادو بوكار با السباق على الرئاسة الموريتانية، أشهرا قليلة بعد انتخابه رئيسا لحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية/ حركة التجديد، خلال مؤتمر استثنائي في يناير 2024.
يرفع خليفة إبراهيما مختار صار، المزداد بمدينة مقامة قبل 6 سنوات من استقلال موريتانيا عن فرنسا، شعارات كثيرة بينها "محاربة الفساد"، و"بناء دولة قوية" تذوب فيها الفوارق الاجتماعية، والطبقية، وتكون "الكفاءة هي المعيار".
يقول عنه بعض رفاق دربه إنه يمتاز بالهدوء والرزانة، والثبات على الموقف، حتى ولو كلفه ذلك العيش بالمنفى لربع قرن من الزمن.
البرنامج الانتخابي.. الأولويات العشر
يقوم البرنامج الانتخابي الذي يقدمه مامادو بوكار با للموريتانيين، من أجل إصلاح "الاختلالات" القائمة، على 10 أولويات رئيسية، أبرزها "ترقية اللغات الوطنية وإضفاء الطابع الرسمي عليها" و"الحصول على ملكية الأراضي" و"تقاسم السلطة والثروة"، إضافة إلى "ترسيخ الديمقراطية" و"تعزيز التماسك الاجتماعي".
ويتعهد أستاذ التعليم الثانوي في مختلف محطات حملته الانتخابية، التي تجوب على غرار باقي المترشحين مختلف مناطق موريتانيا، ببناء "موريتانيا موحدة وقوية، تقوم على أسس صلبة وعادلة"، بما يوفر "الرخاء والرفاه" للجميع.
ويعتقد المهندس با بأنه "إذا تحققت حكامة رشيدة في هذه البلاد، فإن الموريتانيين سيعيشون سعداء وفي هدوء وسلام".
في مقابلة سابقة له بعد إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية، اعتبر بوكار أن "قيادة مكونة واحدة" لموريتانيا، بمثابة "عامل اضطراب وتوتر"، وأنه بالعمل المشترك يمكن "تفكيك هذا النظام الذي يأسرنا منذ الاستقلال، وقد همشنا وأقصانا، وقادنا إلى الخطر".
المسار التعليمي
بعدما أنهى تعليمه الثانوي في موريتانيا، شد مامادو بوكار با الرحال نحو العاصمة المغربية الرباط لمواصلة تعليمه العالي هناك، وقد توج هذا المسار بالتخرج مهندسا من المعهد الوطني للبريد والمواصلات، كما حصل على شهادة المتريز في علوم الفيزياء من كلية العلوم بالرباط كذلك.
وبعد عودته إلى موريتانيا، انشغل بوكار با بالتعليم، حيث درَّس مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء بين عامي 1981-1984، وبعدها أصبح مفتشا لدى المفتشية العامة للتعليم الثانوي.
وقد استفاد بوكار با، وهو والد لخمسة أطفال، من منحة تكوين لمدة 6 أشهر بالمركز الدولي للدراسات البيداغوجية في العاصمة الفرنسية باريس.
لكن عودة بوكار إلى موريتانيا، تزامنت مع التوتر بين النظام الموريتاني، وحركة "قوات تحرير الأفارقة الموريتانيين" المعروفة اختصارا ب"افلام"، وهنا تغير المسار نحو النضال.
السجن والمنفى
في العام 1986 أسس بوكار با لجنة لمساندة معتقلي حركة "افلام"، وخلال ذات العام تم اعتقاله وحوكم، حيث أدين بالسجن 4 سنوات "لمشاركته النشطة في صفوف حركة قوات تحرير الأفارقة الموريتانيين"، وبعد الإفراج عنه سنة 1989، غادر إلى المنفى في السنغال، ثم إلى فرنسا.
شغل با مناصب قيادية في حركة "افلام"، كما ترأس جمعية اللاجئين الموريتانيين في السنغال، وابتداء من سنة 2006، ترأس بوكار "افلام" وأصبح كذلك نائب رئيس حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية/ حركة التجديد.
انتخب مامادو بوكار با نائبا برلمانيا عام 2013 عن مدينة نواكشوط، وقال في مقابلة حينها أجريت معه بالمناسبة، إن الناخبين اختاروا "الثبات والالتزم، وقوة القناعة، وتماسك الأفكار".
ويعتبر بوكار من دعاة عدم ترك المقعد الشاغر، ويرى أن المشاركة في الانتخابات أفضل من المقاطعة، وهو رأي يسايره فيه عدد من قادة ومناضلي الحزب، وبفضله يمثل الحزب حاليا في البرلمان من طرف 4 نواب، وكان رئيسه السابق إبراهيما مختار صار قد حصل في انتخابات مارس 2007 الرئاسية على أزيد من 8%.