على مدار الساعة

القيمة المضافة في موريتانيا الجديدة

16 أغسطس, 2017 - 15:59
 محــمــد فــال يـــحـــي - medvall@gmail.com

في تاريخ الأمم والشعوب أيام خالدة ومشاهد تحفر في ذاكرة التاريخ إلى الأبد... وقد قرر الشعب الموريتاني في الخامس من أغسطس الماضي أن يخلد إصلاحات جوهرية في تاريخ هذا البلد، فقد قال "نعم" تمجيدا وتكريما لآباء بذلوا أرواحهم في ميادين العزة والشرف دفاعاً عن أرض هذا الوطن وسيادته، "نعم" تكريما للمقاومة الوطنية التي ظلت غائبة في ثقافة المجتمع، مغيبة في الرموز الوطنية كالعلم، أو النشيد أو حتى أيام وطنية لتمجيدها وإعادتها إلى الذاكرة الجمعوية، فإن كان بعض الشهداء، ذكر في المنهاج الدراسية، فإن الكثير منهم غيب وأهمل، بسبب أو بغير سبب، والعلم الوطني كرمز، ينبغي أن يجد الكل فيه ذاته.

 

فغدًا حين يرفرف العلم الجديد محاطا بتلك الخطوط الحمراء الجديدة، ستبرز للعلن معاني الوطنية التي ضحى من أجلها الأجداد، ستغدو الأجيال الجديدة تعرف عن بطولات وتضحيات من استشهدوا في سبيل هذا الوطن، ستساهم تلك المعاني في حلق ثقافة وطنية عن التضحية من أجل هذا الوطن، وترسخ في الأذهان قيم المواطنة. ستشكل تلك الخطوط الحمراء بالنسبة لنا لوحات تذكارية بأسماء شهداء هذا الوطن، ستجسد أجمل لوحة تذكارية لهم في سماء وطننا الغالي.

 

لقد أعلن الشعب ميلاد قيمة مضافة إلى أحد الرموز الوطنية... اليوم نطوي صفحة خلت من تاريخ البلد ونفتح أخرى جديدة... عنوانها موريتانيا قوية أبية تعترف بمجدها، تخلد بطولات مقاومتها للمستعمر، تعترف بالجميل لمن ضحي من أجلها، إنها موريتانيا الجديدة... موريتانيا فخورة بمقاومتها بتاريخها معتزة بحاضرها ومتفائلة بمستقبلها وبجيشها الباسل.

 

بمجالسها الجهوية الجديدة التي تكرس الديمقراطية على المستوى المحلي سيكون لمناطق بعيدة وافر الحظ من التنمية، وسيزيد فاعليتها ودورها في المشاركة في كل ما له صلة بالتنمية المحلية وحتي الوطنية، هذه المجالس التي سيوكل إليها النظر في التنمية المحلية ومواصلة الجهود في ما وصلت اليه مختلف القطاعات والخدمات في تلك المناطق.

 

لقد شهدت موريتانيا في العشرية الأخيرة إنجازات في شتى المجالات، كانت تلك الإنجازات تستهدف المواطن، ولقد تركزت الجهود على ما من شأنه أن يحسن من المستوى المعيشي للمواطن؛ وقد عرفت قطاعات الصحة والتعليم تحولات كبيرة في البنية التحتية والتجهيزات، ففي مجال البنى التحتية، على سبيل المثال لا الحصر: أصبحت جميع عواصم الولايات والمقاطعات متصلة بشبكة طرق معبدة، وقد أصبح مطار نواكشوط القديم ، يسمي مطار أم التونسي الدولي وقد غدا أكبر مطار في المنطقة الإقليمية، كما حققت موريتانيا نجاحات معتبرة في قطاعات الطاقة والمعادن والمياه.

 

تأتي هذه المجالس الجهوية كقيمة مضافة لمواصلة تلك الإنجازات، حيث يفترض فيها المحافظة على هذه المكاسب ومواصلة المسيرة التنموية على المستوى المحلي مع مراعاة للخصوصية المحلية، كما ستعزز المشاركة الفاعلة للمواطن في تقرير مصيره بنفسه من خلال اختيار ممثليه، وبمقارنة بسيطة بين المجالس المحلية وبين غرفة مجلس الشيوخ التي تم إلغائها في هذه الإصلاحات، نجد أن انتخاب الشيوخ كان يتم بشكل غير مباشر؛ لذلك فهذه الهيئة ليست ضمن اهتمام المواطن، في الاتجاهين (لا المواطن يشعر بأنه معني بالشيوخ ولا الشيوخ لديهم ارتباط بالمواطن)، كما أن دورها ثانوي مقارنة مع حجم الإنفاق عليها، وهي إلى ذلك قاصرة عن ترسيخ ديمقراطية المواطنة، على عكس هذه المجالس التي ستعزز ديمقراطية المواطنة وتنمي روح الديمقراطية في أجواء من الحرية وتعزز السلم الاجتماعي على الصعيد المحلى، مما سينتج عنه تحسن بل ازدهار للممارسة الديمقراطية في بلادنا.

 

اليوم وبعد استفتاء الخامس من أغسطس أصبحت القيم المضافة في موريتانيا الجديدة كثيرة منها على سبيل المثال.. تقطيع إداري جديد، طبقة سياسية جديدة، رؤية وطنية جديدة... هكذا ولدت موريتانيا من جدد.. موريتانيا فخورة بماضيها، سعيدة بحاضرها، واثقة من مستقبلها الواعد بإذن الله تعالى.