على مدار الساعة

التصدعات المتكررة في حكومة ولد حدمين أساءت للرئيس وضيعت حقوق الناس

15 يونيو, 2017 - 19:12
الأستاذ: يحي عال بحي

أعظم ما تعاني منه بلدان العالم الثالث القبضة الحديدية للانظمة الدكتاتورية الحاكمة حتى ولو تلبست بلبوس الديمقراطية والتعددية و"قبول" نتائج صناديق الاقتراع، مستخدمين سياسة - فرق تسد – من خلال تعدد الأجنحة والمجموعات داخل النظام الحاكم من المدنيين، مما ينتج عنه تغيرات دائمة في السياسات المختلفة للحكومات المتعاقبة وتصدعات متجددة في جسم هذا النظام، تنتج في كل مرة تغيرات في هيكلة الحكومة من خلال تعديلات مفاجئة وغير مبررة في مجلس الوزراء وكبار المسؤولين وتغيرات مفاجئة في السياسات التكتيكية والعبث بالسياسات الإستراتجية.

 

وموريتانيا ليست نشازا من محيطها الغرب إفريقي – إذا ما استثنينا السينغال – الذي لا تزال أنظمتها الحاكمة تعبث بالقوانين والدساتير في تحد صارخ لإرادة الشعوب وتقرر وتعدل مجالسها العسكرية العليا المحاور الرئيسية لسياسة البلد الداخلية والخارجية، مستعينة بمجموعات من المدنيين طامعين في السلطة والمال متفننين في تغير أصباغ السياسة كلما تعالت صيحات الناس أو أظهر الحاكم رغبة في تغير ألوان الطيف السياسي الحاكم وحتى تبقى جدران السياسة العامة الخادمة لهذا النظام براقة زاهية مشغلة ومكذبة انعدام اللون والذوق في السياسة الحقيقية للبلد وفي سياسات تدبير هموم الناس وزيادة المنفعة في اقتصاديات البلد.

 

تعدد الأجنحة والمجموعات داخل النظام الحاكم من المدنيين في نظام محمد ولد عبد العزيز قد تجاوز الحد ولم يعد يطاق إذ لا تمر علينا شهور ثلاث إلا وتجددت تصدعات جديدة في جسم الحكومة تنتج في كل مرة تغيرات جذرية من خلال التعديلات في مجلس الوزراء وكبار المسؤولين، ثم إن المقلق حقا تنامي تمترس تيارات الولاء الأعمى للحاكم على التيارات والأشخاص التكنوقراطية ذات الخبرة الكبيرة والشخصية العامة، وما خروج الاقتصادي الكبير وزير الاقتصاد السابق السيد ولد الرايس ذو السمعة الطيبة لدى الجميع، لإرضاء وزير المالية المثير للجدل والذي عرف بجراءته في قطع أرزاق الناس (أجور، علاوات، تسريح ميئات العمال في ENER .. و..) لتبقى ابتسامة الرئيس حامية لمنصبه حتى ولو كان ثمن تلك الابتسامة تجويع مئات من الأطفال والنساء والشيوخ والعمال الكادحين، إلا إحدى تلك الأمثلة الصارخة والمقلقة، ولنختم بآخرها الملفت للانتباه والحيرة والمتمثل في خروج الوزير الاول السابق ولد محمد لقظف من كل القصور والإدارات لأنه غير راض – حسب ما ذكرته مواقع إخبارية - عن شطحات الوزير الأول الحالي والتي كانت آخرها ما نقل عنه في مهرجان الطينطان من أن النظام باق وأن التعديلات الدستورية ستتم قبلها الناس أو رفضوها وأن المعارضة خائنة ومفلسة.. و.. و..

 

غير أن المؤسف وغير القابل للاستمرار انشغال الرئيس وحكومته في تصفية الحسابات بين اللوبيات النافذة داخل القصور والإدارات الحاكمة والمنشغلة في تلك الصراعات عن هموم الناس وإدارة شؤونهم وحلحلة مشاكلهم وإيجاد الحلول لمعاناتهم المتفاقمة.

 

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف تمكن الوزير الأول السابق ولد محمد لقظف من الحد من تلك التصدعات والتغيرات في حكومته خلال مأمورية الرئيس محمد ولد عبد العزيز الأولى في الوقت الذي عجز عن ذلك الوزير الأول الحالي ولد حدمين الذي لا تمر على حكومة له الشهر أو الشهرين إلا وطالعنا بتغيرات غير مفهومة الأسباب وهو ما أنعكس على أداء حكومته الهزيل وعانى منه الناس.