على مدار الساعة

اعوينات الزبل تبعية إدارية "معوقة" وعجز خدماتي رغم الوفرة

20 أبريل, 2018 - 20:22
أطفال يسقون ماعز أسرهم من أحد الآبار وسط مدينة اعوينات الزبل شرقي موريتانيا (الأخبار)

الأخبار (اعوينات الزبل) – "لهذا المركز ميزات كثيرة معروفة لدى سكانه، ولدى السلطات الإدارية، لكن ميزات معلقة إلى الآن لأسباب لا نعلم عنها شيء، نحن نعيش في عطش مزمن رغم وفرة المياه، وفي ضعف شديد للخدمات رغم موقعنا على الطريق الأنشط في البلاد، كما أننا معلقون إداريا بمقاطعة معزولة رغم امتلاكنا مقومات التحول إلى مقاطعة أكثر بكثير من مقاطعات أخرى تم الإعلان عنها قديما وحديثا".

 

هكذا يصف محمد – وهو أحد سكان مدينة اعوينات الزبل بولاية الحوض الشرقي - ما يصفه بالمعاناة المزمنة للسكان، معتبرا أن العديد منها انعكاس لغياب إرادة رسمية للتغلب على المشاكل أو توفير الخدمات، معتبرا أن الوقت حان لتغيير هذا الوقع، ومنح السكان جزءا يسيرا من الاعتبار.

 

موعد لا يخلف مع العطش

على خط الحدود بين ولايتي الحوضين الشرقي والغربي تقع مدينة اعوينات الزيل، سبقت نشأتها – حسب السكان – استقلال موريتانيا عن الاستعمار الفرنسي، فقد بدأ السكان التقري فيها في نهاية عقد الخمسينات، ورغم العقود الستة التي تجرها خلفها، فوجود مياه الشرب محدود مكانيا بالأحياء القريبة من خزان المياه، ومحدودة زمانيا بتسع ساعات يوميا.

 

ويقول حدمين – وهو أحد تجار المدينة – إن واقع خدمة الماء فيها هو في حقيقته "تعطيش" متعمد أكثر منه، وغير مبرر، لأن المياه فيها متوفرة خلافا لمناطق عديدة، ورغم وفرة المياه، والآبار، فالأزمة تراوح مكانها منذ عقود.

 

ويؤكد آخر أن نسبة تغطية المياه في المدينة لا تتجاوز 20%، معتبرا أنه لو توفرت إرادة أو اهتمام رسمي لكان لدى المدينة فائض من المياه يكفي لتوفير الخدمة لمناطق أخرى.

 

وتعتمد المدينة في شربها على آبار تبعد عنها حوالي 5 كلم، فيما ترتفع الملوحة في الآبار الموجودة في القرية، ويخصصها السكان لسقي حيواناتهم، ويمنحها عمقها المحدود الأطفال دورا في المشاركة في حل ما يصفه السكان بالأزمة المزمنة والمتجددة.

 

وتتصاعد أزمة العطش في المدينة وفي ضواحيها مع كل موسم صيف جديد، وتتعدد مظاهرها من خلال انتشار العربات محملة بحاويات المياه، وكذا نشاط السيارات في جلب المياه من القرى التي تتوفر فيها المياه، وخصوصا في بلدية أم الأحياظ بالحوض الغربي المجاورة.

 

وترتفع أسعار المياه المستجلبة عبر هذه السيارات والباصات إلى 4000 أوقية للطن الواحد، في حين يعتمد فقراء المدينة على العربات والحمير في استجلاب ضرورياتهم من مياه الشرب.

 

ويتجاوز عدد المشتركين في شبكة المياه في المدينة 600 مشترك، غير أن المياه لا تصل إلا للأحياء القريبة من خزان المياه.

 

وللكهرباء عجزها

سكان مركز اعوينات الزبل بالحوض الشرقي يشكون العجز المسجل في الكهرباء، معتبرين أن النشاط التجاري الكبير في المدينة، وحجم سكانها المقدر بالآلاف يفرض توفير خدمة كهربائية أكثر ديمومة من الخدمة الحالية.

 

ويقول أحد التجار في سوق المدينة إن انقطاع الكهرباء يؤثر كثيرا على عملهم، كما يحد من الكثير من الأنشطة التي تشكل الكهرباء ضرورة لها، داعيا السلطات إلى اتخاذ إجراءات سريعة لسد النقص، وتوفير ما يلزم خدمة للسكان.

 

تبعية معوقة

ولا تقف ملاحظات سكان عند المطالب الخدمية، وإنما تتجاوزها إلى مطلب إداري يتعلق بتحويل المدينة من مركز إداري إلى مقاطعة، مؤكدين أن تبعيتها الآن لمقاطعة جكني المعزولة يعيق استفادتها من الكثير من الخدمات والمشاريع، ويؤخر أخرى.

 

ويقدم أحد المنمين مثالا على ذلك بما حصل مع كمية الأعلاف الأخيرة، حيث وصلت إلى مدينة العوينات، وكانت السلطات تنوي نقلها إلى جكني قبل أن تعيد نصيب لعوينات إليها، غير أن اعتراض السكان على ذلك، وتنبيههم لهذا الخطإ أدى لتراجع السلطات، ومنحهم حظهم من الأعلاف.

 

ويعتبر يحي أن هذه الحادثة لا تشكل سوى نموذج لعشرات الحوادث التي تشكل تبعية اعوينات الزبل فيها لمقاطعة جكني عائقا أمامها، مردفا أن لعوينات أحق بالتحول إلى مقاطعة من العديد المدن والقرى التي أعلنت مقاطعات خلال السنوات الأخيرة.

 

حل فعال

مسير شبكة المياه في اعوينات الزبل سعدنا ولد سيدي محمود أكد في تصريح للأخبار أنهم توصلوا إلى حل فعال لمشكل شبكة المياه، حيث حصلوا العام الجاري بعد تدخل إحدى البرلمانيات على 36 لوح طاقة لتوفير الطاقة لضخ المياه.

 

وقال ولد سيدي محمود إن الشبكة المائية في المدينة أقيمت 1996، ولم تجد أي توسعة أو دعما قبل التوسعية الحالية.

 

وعن نسبة التغطية الحالية قال ولد سيدي محمود إنه تبلغ 60%، مردفا أنه بعض وصول ألواح الطاقة أصبح التشغيل يعتمد عليها من الصباح إلى المساء، وبعد يتم تشغيل المولد الكهربائي.

 

تصادف وجودنا في اعوينات الزبل مع وصولة بعثة فنية من المكتب الوطني للماء الشروب تتمثل مهمتها في تحديد حجم احتياطي المياه الصالحة للشرب في آبار المنطقة، وأكد رئيس البعثة أن الوصول إلى النتيجة النهائية لحجم احتياط الآبار الثلاثة التي تعتمد عليها اعوينات الزبل يتطلب 12 يوما، بمعدل أربعة أيام لكل بئر.

 

ولا يتردد سكان اعوينات الزبل الذين تحدثوا للأخبار في التأكيد على أن العديد من النواقص التي تعاني منها المدينة، وكذا ما يصفونه بالتهميش، والعجز في ضروريات الحياة يعود لغياب الإرادة لدى الرسميين في معالجة هذه الاختلالات، معتبرين أن علاج العديد منها لا يتطلب أكثر من قرار بسيط.